عورات كثيرة كشفتها جلسة التشريع تتصل ببنية الدولة. في السياسة والبيئة والشأن المعيشي، لنصل الى معادلة “البلد فلتان”. تحدث النواب في بداية التشريع، واكثر من مرة لفطوا كلمة فساد، وجريمة. فاذا بهم يصفون واقعا يعيشون فيه، فمن سيعالجه؟
أخذت الاوراق الواردة حيزا من التشريع، فيما بقيت أبرز القوانين التي أقرت تعيين الناجحين لاستاذ تعليم ثانوي في مباراة عامي 2005 و2008 بعد تعديل من وزير التربية مروان حماده الذي قطع تعهدا بان لا تعاقد ولا نقل من قضاء الى آخر، بل احترام لتسلسل درجات نجاح المتبارين، فكان ان انصف هؤلاء بعد سبعة اعوام من الانتظار.
وفي وقت سيستعد المجلس اليوم لـ”قنبلة قانون الايجارات”، كان فشل امس في بت اقتراح ترقية مفتشين من رتبة مفتش ممتاز الى رتبة ملازم، بحيث أحيل الاقتراح على الحكومة لدرسه خلال شهر، تماما كما كان مصير افادة المتعاقدين في الادارات العامة من نظام التقاعد، فكانت صدمة لعدد من الاعلاميين واستنكار من النائب ابرهيم كنعان الذي قال: “لا يجوز تحميل هؤلاء مسؤولية افلاس الدولة”.
تشريعيا، نجح “تكتل” نيابي في رد مشروعين يتعلقان بإعفاء الادارات العامة من الرسوم البلدية حفاظا على اموال البلديات. فكان رفض شرس من النواب سامي الجميل وكنعان وعلي عمار “لمبدأ الاستقواء على حقوق البلديات”، ونجحوا في رد المشروعين.
في المقابل، لم يبخل النواب في الكلام، فتظهرت “الويلات”.
في السياسة، حضر قانون الانتخاب بندا اساسيا. لم يجد مكانه في جدول اعمال موسع من 73 بندا، لكنه حضر بقوة في المداخلات.
الجميل حدد البوصلة. توجه بسؤال الى رئيس مجلس النواب نبيه بري: “نريد ان نعرف ما هي برمجة المجلس في ظل العقد الاستثنائي؟ بعد نحو شهر، سيدعو وزير الداخلية الهيئات الناخبة، وبالتالي هل من تصور للعمل وسط هذه المهل؟ ان واجبات المجلس مناقشة الاقتراحات والتصويت عليها، وما دامت المناقشة اخذت خمسة اعوام، فلا بد من اللجوء الى التصويت. عندها، فلتتحمل الكتل النيابية مسؤوليتها. لا يجوز ان نستسلم لان لا احد يدفن نفسه بهذه الطريقة. نريد التمثيل الصحيح. لا المحادل ولا اقصاء احد”.
لم يجبه بري. انما صوت الجميل لم يبق وحيدا. لاقاه الرئيس نجيب ميقاتي في المطالبة نفسها. تماما كما فعل النائب بطرس حرب الذي اقترح ان ترسل الحكومة مشروع قانون الى المجلس، فإما ان نقول علنا اننا مع قانون الستين واما ان نعتمد التصويت.
محاذير قانون الانتخاب لم تمنع ميقاتي من التنبيه الى اقتراب انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان، داعيا الحكومة الى التنبه لأي شغور ممكن في هذا الموقع.
كوارث وفساد
في الفساد. قالها علنا عمار: “في ملف الانترنت والتخابر غير الشرعي هل غبريال المر أقوى من الدولة؟ هل مَنْ آخِر أحرف اسمه “يان” اقوى من الدولة؟ وهل x لحود هو الآخر أقوى؟ ان ما يحصل جريمة. وان ملفا بهذا الحجم لم نر فيه من دخل السجن”.
ايضا، لم يحصل عمار على اي جواب.
في الشأن المعيشي، كعادته تحدث الرئيس فؤاد السنيورة شارحا انه خلال الفترة الماضية لم نحقق سوى واحد في المئة نموا، “ولا نستطيع ان نستمر في هذا الاداء”.
انما النقطة الاكثر التصاقا بهموم المواطنين اثارها النائب علي فياض وتتعلق بمسألة الطبابة، واذ عدد حالات طارئة لم تستقبلها المستشفيات، اختصر الوضع بالقول: “الفقراء يتسوّلون الاسرّة على أبواب المستشفيات. ان الوضع غير طبيعي، ولا بد من معالجته”.
في البيئة، حدّث ولا حرج. غرقت القاعة العامة بمواقف، تعدد “الجرائم والكوارث”. قال النائب اكرم شهيب: “نشهد كوارث بيئية في محيط المطار. منذ 20 تموز 2015 وحتى 23 آذار 2016، كنا نرمي يوميا 1100 طن نفايات غير مفرزة تحت حائط المطار، حتى وصلنا الى نحو 300 الف طن. هذا الواقع غير مقبول”. وطالب “باستراتيجية واضحة للحل وبورشة تشريعية تنتج قوانين لمعالجة النفايات الصلبة وتفرض غرامات واجراءات”.
جدوى التشريع
انتهى كلام النواب بلا اي اجوبة او اطر للحلول المرتقبة، على الرغم من الحضور شبه الكامل للحكومة برئيسها سعد الحريري والوزراء. انطلق التشريع في اولى جلسات العهد الجديد، لكن تساؤلات النواب انفسهم عن جدوى التشريع لم تتوقف. قال النائب روبير غانم: “لا بد من عودة الحياة الى المؤسسات، بعد الاساءة الى صورة المجلس، ولا بد من اعادة القليل من الاعتبار”، لكن شهية النواب على مشروع صيانة الطرق لم تتوقف. فالموسم انتخابي، وكان كل نائب يضيف منطقته، حتى قطع بري البازار وأقر المشروع بلا تعديل.
منال شعيا
النهار