يأتي العام الجديد وهو يحمل معه المزيد من التعقيدات السياسية وأبرزها استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية والتداعيات الناجمة عن ذلك، حيث لا يمكن الحدّ من هذه التداعيات إلّا بقرارٍ على المستوى السياسي من جانب الذين يعطّلون الاستحقاق.
هؤلاء المعطّلون يزعمون أنّ سبب عدم الانتخاب هو أنهم لم يجدوا بعد شخصيةً توافقيةً يرتاح إليها الجميع، ولكنّهم في الحقيقة يريدون شخصيةً يرتاحون هم اليها فقط، ولذلك يعمد هؤلاء إلى حرق كلّ الأسماء ولا يقدمون على تسمية مرشحٍ واحدٍ لرئاسة الجمهورية. فالذين يطيّرون النصاب لا يطرحون أي اسم، والذين يقترعون بالورقة البيضاء لا يطرحون أي اسم أيضاً وحتى لو كان من صفوفهم، وتسري عملية حرق الأسماء على رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية وكل الأسماء الأخرى التي تتردد وجميعها تقريباً لم تعلن ترشحها للرئاسة، بل يُلقى بها من قبل «التعطيليين» في هذا الآتون لإصابتها بالضرر وقطع الطريق على أي فرصةٍ لها كي تكون في السباق الرئاسي. وفي هذا الإطار يطرح هؤلاء اسم قائد الجيش العماد جوزاف عون ووزير المال السابق جهاد أزعور، مع علمهم بأنّ هاتين الشخصيتين لا يمكن أن تقبلا بمنصب رئاسة الجمهورية لتكرار تجارب سابقة فاشلة وأن تصاب سمعتهما بالضرر على الصعيد المحلي والدولي.
يريد المعطّلون رغم اختلافهم رئيساً على شاكلة من سبق، رئيساً مطواعاً في يدهم لا حول له ولا قوة، رئيساً لا يستطيع أن يشكّل حكومة من دون رضاهم، ولا يستطيع أن يرسم سياسة اقتصادية من دون إرضاء طموحاتهم ومطالبهم وطبعاً ستكون هذه السياسة وصفة مثاليةً للفشل واستمرار الإنهيار.
إنّ هؤلاء لا يعدّون الساعات والأيام والأشهر والسنوات التي يعيش خلالها اللبنانيون الكوارث والانهيارات والمشاكل، فالوقت بالنسبة اليهم لا يعني سوى وسيلة لتحقيق مآربهم ولو أدى ذلك إلى سقوط الهيكل على رؤوسهم ورؤوس غيرهم، وأهمّ دليل على ذلك أنّ هؤلاء لم يغيّروا قيد أنملة في ممارسة السلطة ومقاربة الحلول للمشاكل، وما زالوا مصرين على أنّ نهج خنق الناس والبلد هو السبيل الوحيد لتحقيق الإستسلام وفرض ما يريدونه.