يواجه «التيار الوطني الحر» تحدياتٍ سياسيةٍ كبيرةً في المرحلة المقبلة إذا اكتملت هيكلية الدولة من رئيس للجمهورية إلى حكومةٍ كاملة المواصفات. اذ سيكون أمام واقع فقدان نسبةٍ كبيرةٍ جداً من حضوره في السلطة ما سيؤثّر على دوره السياسي. رئاسة الجمهورية لن تكون مبدئياً في يد «التيار» إلا إذا حصلت المعجزة وتوافق الجميع على انتخاب رئيسه جبران باسيل رئيساً للجمهورية، ولكن في حال لم تحصل، فالنفوذ الذي كان يتمتع به «التيار» في الرئاسة الأولى، سيكون مفقوداً إن لم يكن نفوذاً مضاداً، وقد لا يتمكن «التيار» من عرقلة تأليف الحكومة كي يحظى بما يطالب به من أعداد ونوعية حقائب.
ما سيحدث في الرئاسة قد ينسحب أيضاً على الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات الرئاسية، فهذه الحكومة يفترض إن كانت سياسيةً أن تشارك فيها جميع القوى المسيحية الممثلة في البرلمان، أي «التيار الوطني الحر» وحزب «الطاشناق» و»القوات» و»الكتائب» و»تيار المردة،» ويفترض أن تتوزع المقاعد الوزارية المسيحية عليهم، إضافةً إلى حصة رئيس الجمهورية التي كرسها «التيار الوطني الحر». فإذا وزعت المقاعد الوزارية المسيحية على كل هذه القوى فلن يتجاوز عدد وزراء «التيار» مع حليفه «الطاشناق» عدد أصابع اليد الواحدة في أحسن الأحوال، وستكون حصة الفريق الممثل بالرئيس و»القوات» و»الكتائب» اكبر من حصة» تكتل لبنان القوي» علماً ان حصة معارضي «التيار» قابلة للزيادة إذا انضم مثلاً النائبان المسيحيان في كتلة «تجدد» إلى تحالف قد يحصل بين «القوات» و»الكتائب»، كما أنه لا يمكن استبعاد فرضية أن يطالب النواب التغييريون إذا أرادوا المشاركة في الحكومة، بوزير مسيحي،.
وإلى جانب انخفاض عدد وزراء «تكتل لبنان القوي»، فإن الحقائب التي ستسند إليهم لن تكون كالحقائب التي كانوا يحصلون عليها من «الخارجية» إلى «الطاقة» إلى «الدفاع» وغيرها، فالحقائب السيادية المسيحية ستوزع بينهم وبين «القوات» وهي أكبر كتلةٍ نيابيةٍ في البرلمان بحسب الجدول الذي كان قد صدر عن قصر بعبدا إثر الدعوة للإستشارات النيابية الملزمة التي حصلت بعد الانتخابات النيابية في أيار الماضي لتسمية شخصيةً تكلف بتشكيل الحكومة.
يدرك بعض من في «التيار الوطني الحر» هذه التوجهات، ويدركها أيضاً أخصامه، ولكن هؤلاء وحتى الساعة لا يريدون دخول السلطة كيفما كان ولا سيما إذ استمر نهج السنوات السابقة وهذا ما يعمل عليه «حزب الله» في محاولة لإبعادهم عن الحكومة العتيدة وبالتالي الإبقاء على أرجحيةٍ حكوميةٍ مسيحيةٍ «للتيار الوطني الحر». فهل سينجح «حزب الله» في ذلك؟ أم أنّ قوى المعارضة ستبدأ بتفكيك هذه المنظومة السياسية وتعمل على تعطيل مخططاتها وسيطرتها من داخل السلطة؟
الإجابة لن تأتي قبل معرفة هوية الرئيس العتيد إذا سمح دعاة ديمقراطية «تطيير النصاب»، بإتمام الاستحقاق.