في ذكرى رحيله الثالثة، يوجّه قسم المسرح في «كلية الفنون الجميلة والعمارة» في الجامعة اللبنانية اليوم تحية إلى المسرحي اللبناني ريمون جبارة (1935 ــ 2015) عبر احتفال يقام اليوم وغداً في مقرّ الكلية في فرن الشباك. الحدث كناية عن مسرحية ذات فصل واحد بعنوان «آدم في جنّة بلا ثمر» من تأليف جبارة، وتمثيل ديامان أبو عبّود وأنطوان الأشقر، إلى جانب عرض وثائقي «المسحّراتي» (إخراج حنا الخوري).
مدير قسم المسرح مارك رياشي يقول لـ «الأخبار» إنّه «بعد تجديد صالتي المسرح في المعهد، قررت إدارة الجامعة تسميتهما بأسماء مسرحيين أسهموا في تأسيس المعهد منهم ريمون جبارة ولطيفة وأنطوان ملتقى. نقدّم هذه التحية بالتعاون مع عائلة الراحل».
أما أنطوان الأشقر، فيحدثنا عن تعاونه مع صاحب «زرادشت صار كلباً» بدءاً من عام ١٩٩٣ على ثلاثة عروض. يقول: «ما تعلمته من ريمون ليس فقط عن المسرح، إنماً أيضاً عن الأشياء الحياتية التي هو غني بها كثيراً. لا شك في أننا تأثرنا بالأستاذ ريمون، فهو حالة لا تتكرر، وهو من الأشخاص الذين يملكون موهبة في نقل غناهم للأشخاص المحيطين بهم. بتركيبة شخصيته الفذة التي تمدّ بالأمان أيضاً، يعرّي جبارة الممثل عندما يديره، فيصبح حقيقياً أكثر، ويجعله يعطي أكثر على الخشبة». ويتابع: «ريمون جبارة كتب نص «آدم في جنّة بلا ثمر» قبل مرضه ومثّله بنفسه في صالة معرض. بعد ذلك، اعتُمد النص كمشهد في التمارين التمثيلية مع الطلاب». وختم بأنّ «كل نصوص ريمون تعبّر عن هواجسه وكل شخصية من شخصياته تحمل شيئاً منه».
أتيح لنا مشاهدة بروفات العرض الذي سيقدّم اليوم، فإذا نحن أمام التيمات الأثيرة على قلب جبارة. امرأة تجلس على كرسي تطالع كتاباً في حديقة عامة. يصل رجل يبدو كأنه امتعض لرؤيتها. يجلس متجنباً التواصل معها، ويدير ظهره نحو الجهة الأخرى. حتى بعدما استهلّت المرأة المحادثة معه، لا يمكننا أن نفهم ماهية علاقتهما. التوتر بينهما يزيد من حشريتنا لمحاولة فهم الموقف. مهمة ستكون مستحيلة، فهوية الشخصيات تبقى غامضة حتى آخر العرض.
نغوص مع الرجل ونتعرف إلى هواجسه وأوجاعه. الغريب أنّ الشخصية تعرّف عن نفسها بأنها خجولة، لكننا نراها تسترسل بالإفصاح عن خصوصيات حميمية مع شخص غريب. أما المرأة، فتعرّف عن نفسها بهويات مختلفة ومتناقضة تموضعنا في عبثية فهم مبتغاها حتى آخر المشهد حين تتكشف حقيقة هويتها.
برع الممثلون في لعب الشخصيات. أداء ديامان أبو عبود لشخصية الموت، تلوّن وراوح من الهدوء والرصانة إلى التلاعب على إخفاء الهوية واستدراج الرجل نحو الاعتراف لنفسه بما لم يجرؤ عليه من قبل، وصولاً إلى ضحكات الهلوسة ولحظات حقيقية تمهد للإفصاح عن هوية الشخصية، معبرةً عن ظمئها للحرية. أما أنطوان الأشقر، فقد استمتع بلعب دور الرجل البسيط الخجول الذي تعرّض للخداع جراء سذاجته، واسترسل بالهذيان في الحقيقة مع نفسه.
يتطرق النص العبثي إلى مواضيع تبدو جانبية بالنسبة إلى الموضوع الأساس وهو الموت من خلال سياق بناء الشخصية والعلاقات مع النفس والآخرين، ومعرفة الذات وحدودها وتضارب ذلك مع «الآخر»، ونظام الاقطاع وغيرها من المواضيع والقضايا التي تتكرر معالجتها في نصوص ريمون جبارة.
أما وثائقي «المسحّراتي» (37 دقيقة ـــ إخراج حنّا الخوري)، فقد أُنجز منذ قرابة عشرين سنة. يتضمن مقتطفات من مسرحيات ريمون جبارة ومقابلات مع أشخاص مقربين منه ومسرحيين تعاونوا معه. وقد تم اختيار هذا الوثائقي لنفحة الحنين التي يحملها.
مبادرة جميلة تقوم بها الجامعة اللبنانية، ولا بد منها، إذ أن تكريم من ترك أثراً وتأثيراً ليس بالكثير. وتبقى الأمنية في إمكانية تخليد نصوص أحد أبرز روّاد مسرح العبث في العالم العربي، والعمل على جعلها متاحة ومتوافرة للأجيال الجديدة.
مدير قسم المسرح مارك رياشي يقول لـ «الأخبار» إنّه «بعد تجديد صالتي المسرح في المعهد، قررت إدارة الجامعة تسميتهما بأسماء مسرحيين أسهموا في تأسيس المعهد منهم ريمون جبارة ولطيفة وأنطوان ملتقى. نقدّم هذه التحية بالتعاون مع عائلة الراحل».
أما أنطوان الأشقر، فيحدثنا عن تعاونه مع صاحب «زرادشت صار كلباً» بدءاً من عام ١٩٩٣ على ثلاثة عروض. يقول: «ما تعلمته من ريمون ليس فقط عن المسرح، إنماً أيضاً عن الأشياء الحياتية التي هو غني بها كثيراً. لا شك في أننا تأثرنا بالأستاذ ريمون، فهو حالة لا تتكرر، وهو من الأشخاص الذين يملكون موهبة في نقل غناهم للأشخاص المحيطين بهم. بتركيبة شخصيته الفذة التي تمدّ بالأمان أيضاً، يعرّي جبارة الممثل عندما يديره، فيصبح حقيقياً أكثر، ويجعله يعطي أكثر على الخشبة». ويتابع: «ريمون جبارة كتب نص «آدم في جنّة بلا ثمر» قبل مرضه ومثّله بنفسه في صالة معرض. بعد ذلك، اعتُمد النص كمشهد في التمارين التمثيلية مع الطلاب». وختم بأنّ «كل نصوص ريمون تعبّر عن هواجسه وكل شخصية من شخصياته تحمل شيئاً منه».
أتيح لنا مشاهدة بروفات العرض الذي سيقدّم اليوم، فإذا نحن أمام التيمات الأثيرة على قلب جبارة. امرأة تجلس على كرسي تطالع كتاباً في حديقة عامة. يصل رجل يبدو كأنه امتعض لرؤيتها. يجلس متجنباً التواصل معها، ويدير ظهره نحو الجهة الأخرى. حتى بعدما استهلّت المرأة المحادثة معه، لا يمكننا أن نفهم ماهية علاقتهما. التوتر بينهما يزيد من حشريتنا لمحاولة فهم الموقف. مهمة ستكون مستحيلة، فهوية الشخصيات تبقى غامضة حتى آخر العرض.
نغوص مع الرجل ونتعرف إلى هواجسه وأوجاعه. الغريب أنّ الشخصية تعرّف عن نفسها بأنها خجولة، لكننا نراها تسترسل بالإفصاح عن خصوصيات حميمية مع شخص غريب. أما المرأة، فتعرّف عن نفسها بهويات مختلفة ومتناقضة تموضعنا في عبثية فهم مبتغاها حتى آخر المشهد حين تتكشف حقيقة هويتها.
برع الممثلون في لعب الشخصيات. أداء ديامان أبو عبود لشخصية الموت، تلوّن وراوح من الهدوء والرصانة إلى التلاعب على إخفاء الهوية واستدراج الرجل نحو الاعتراف لنفسه بما لم يجرؤ عليه من قبل، وصولاً إلى ضحكات الهلوسة ولحظات حقيقية تمهد للإفصاح عن هوية الشخصية، معبرةً عن ظمئها للحرية. أما أنطوان الأشقر، فقد استمتع بلعب دور الرجل البسيط الخجول الذي تعرّض للخداع جراء سذاجته، واسترسل بالهذيان في الحقيقة مع نفسه.
يتطرق النص العبثي إلى مواضيع تبدو جانبية بالنسبة إلى الموضوع الأساس وهو الموت من خلال سياق بناء الشخصية والعلاقات مع النفس والآخرين، ومعرفة الذات وحدودها وتضارب ذلك مع «الآخر»، ونظام الاقطاع وغيرها من المواضيع والقضايا التي تتكرر معالجتها في نصوص ريمون جبارة.
أما وثائقي «المسحّراتي» (37 دقيقة ـــ إخراج حنّا الخوري)، فقد أُنجز منذ قرابة عشرين سنة. يتضمن مقتطفات من مسرحيات ريمون جبارة ومقابلات مع أشخاص مقربين منه ومسرحيين تعاونوا معه. وقد تم اختيار هذا الوثائقي لنفحة الحنين التي يحملها.
مبادرة جميلة تقوم بها الجامعة اللبنانية، ولا بد منها، إذ أن تكريم من ترك أثراً وتأثيراً ليس بالكثير. وتبقى الأمنية في إمكانية تخليد نصوص أحد أبرز روّاد مسرح العبث في العالم العربي، والعمل على جعلها متاحة ومتوافرة للأجيال الجديدة.
* تحية إلى ريمون جبارة: السادسة مساء اليوم وغداً ـــ قاعة ريمون جبارة في «كلية الفنون الجميلة والعمارة» في الجامعة اللبنانية ـــ للاستعلام: 01/389034
الأخبار