واجه مسيحيو مدينة الموصل العراقية تضليلا من جهاديي تنظيم “الدولة الاسلامية” الذين لم يتعرضوا لهم في البداية، الامر الذي اوحى اليهم ببعض الامان، قبل ان يهددوهم بالموت مما اجبرهم على الرحيل. وربما كان هذا التحول في موقف التنظيم الجهادي يشير الى ان قياداته باتت تشعر بما يكفي من الثقة لفرض قوانينها، بعدما سيطرت الشهر الماضي على الموصل ومناطق واسعة من شمال العراق وغربه.
ويرى المحللون ان التساهل النسبي الذي اظهرته الجماعة اول الامر مع المسيحيين كان هدفه استرضاء بقية الجماعات السنية المتمردة المتحالفة معها، ولكن الاقل تشددا منها في تفسير احكام الاسلام. وقال مسؤول احدى الكنائس الكلدانية في الموصل القس عمانوئيل عادل كلو الذي غادر المدينة الجمعة: “خدعونا، لانهم في البداية لم يتعرضوا لنا، ولكن بعدما ثبتوا اقدامهم بدأوا تطبيق قوانينهم الارهابية علينا”.
وقد عاد عدد من العائلات المسيحية الى منازلها بعد هجوم “الدولة الاسلامية” على المدينة في 9 حزيران، اذ لاحظوا عدم حصول تعديات على المسيحيين الذين لم يغادروها.
وكان المسلحون افرجوا الاسبوع الماضي عن راهبتين وثلاثة ايتام بعد احتجازهم 17 يوما، في تطور وصفه بطريرك الكلدان في العراق لويس ساكو في حينه بانه بصيص امل لتحسن وضع المسيحيين. ولكن بعد ايام قليلة من الافراج عن الراهبتين، وبعد مرور نحو شهر على بسط “الدولة الاسلامية” سيطرتها على الموصل، اجبر المسيحيون على الرحيل بكثافة اثر انذار وجه اليهم بضرورة مغادرة المدينة بحلول 19 تموز ما لم يعتنقوا الاسلام او يدفعوا الجزية.
ودعا خطباء المساجد الجمعة الماضي في مدينة الموصل المسيحيين الى الرحيل قبل انتهاء المهلة التي حددت ظهر السبت، ومن لا يذعن لذلك مصيره الموت.
ويرى مراقبون ان طرد المسيحيين بهذه الطريقة كان مقررا، ولكن الاسلاميين انتظروا فترة من اجل تشديد قبضتهم على الموصل ومناطق اخرى قبل اتخاذ هذه الخطوة. وسيطرت هذه الجماعة على مناطق شاسعة في شمال البلاد في الايام الاولى التي تلت سقوط الموصل.
ويعتقد بعض المحللين ان تنظيم “الدولة الاسلامية” قد يكون تريث في طرد المسيحيين تجنبا للخلاف مع حلفاء له من السنة في شمال البلاد مثل حزب البعث، لا خلاف بينهم وبين مسيحيي العراق الذين يعتبرون جزءا لا يتجزأ من نسيج البلاد منذ اجيال.
النهار