كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
سيعود رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى لبنان لأيامٍ معدودةٍ، وما سيعيده هو ذكرى استشهاد والده الرئيس رفيق الحريري ليزور الضريح ويتلو الفاتحة عن روحه. بحسب ما هو متوقع لن يتحدث الرئيس الحريري في السياسة ولن تكون له كلمة في هذا الإطار، ولكن إن رغب أحد السياسيين بزيارته خلال هذه الإقامة القصيرة، فقد لا يكون لديه مانع.
يراقب الرئيس الحريري الوضع في البلاد ولا سيما ما يجري على صعيد الطائفة السنية والتهميش الذي تتعرض له، وهو تهميش بدأ عندما تمسك رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون برفض كل العروض الحكومية التي تقدم بها الحريري عندما كان مكلفاً بتشكيل الحكومة. ولا يعتقد رئيس «تيار المستقبل» أنّ عودته لممارسة العمل السياسي في هذه المرحلة ستؤدي إلى زوال هذا التهميش، فهو ليس مستعداً للعب السياسة «الوسخة» التي يعتمدها الكثير من الفرقاء في لبنان، كما أنّه على قناعة بأنّ من يمسكون بالبلاد وفي مقدمهم «حزب الله» لا يريدون أي تحسّن لهذا البلد، فالوضع القائم حالياً يرضيهم ولا ينشدون أي تغيير إيجابي في المرحلة الراهنة. العودة إلى العمل السياسي تتطلب أيضاً شركاء على الساحة اللبنانية وهذا ما ليس متوفراً للرئيس الحريري. فعلى الصعيد المسيحي لا علاقات جيدة مع «التيار الوطني الحر» ولا مع «القوات اللبنانية»، ويسأل مقربون من الرئيس الحريري: ماذا كان خسر رئيس حزب «القوات» سمير جعجع لو سمى الحريري لرئاسة الحكومة؟ وعلى الصعيد الدرزي، العلاقة مع رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط ليست سمناً على عسل، كما أنّ العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري متأثرة بالعلاقة مع «حزب الله» وتحكّم هذا الحزب بمصير البلاد والعباد. في الزيارة القصيرة الحريري سيسمع كلاماً على طرفيْ نقيض ممن سيلتقيهم، هناك من سيقول له بأنّ خياره بتعليق العمل السياسي كان صائباً وفي مكانه الصحيح وإنّه لو بقي في الساحة لن يستطيع تغيير ما قد كتب وسيبقى يُحمَّل مسؤولية تدهور الوضع. وسيسمع في المقابل كلاماً يدعوه للعودة واستئناف نشاطه السياسي وإعادة الطائفة السنية إلى الضوء. ولكن الرئيس الحريري في الحالتين سيكون مستمعاً جيداً لا أكثر ولا أقل ولن يتأثر قراره بتعليق العمل السياسي بما سيسمعه لا سلباً ولا إيجاباً، فمن بنى قراراً على وقائع وأحداث لن يتراجع عنه أو يتمسك به نتيجة آراء، بل إنّ قرار الاستمرار والتراجع لن يكون مبنياً سوى على وقائع وأحداث، يبدو أنّها ليست في الأفق حالياً.