حسم مطارنة الروم الكاثوليك موقفهم امس، وقرروا خلال اجتماعهم في مقر البطريركية في الربوة، التصدي لكل الاخبار والشائعات التي تطال البطريركية، من دون التجرؤ على الدخول في لعبة الاسماء، لان المتسبب بالمشكلة مطران منهم، لكنهم ارادوا اظهار الحقيقة امام الرأي العام من دون شرح الاسباب.
في التفاصيل: تصل منذ مدة عبر البريد الالكتروني رسائل الى اعلاميين تتهم بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام ببيع ممتلكات الكنيسة والتفريط بها. وتبين ان مرسلها مطران عزله الفاتيكان، بموافقة البطريرك، لاسباب مسلكية، فقرر شن حملة على الاخير. لكن الرسائل تتضمن وثائق وأرقام عقارات بيعت من غير مسيحيين فأين تكمن الحقيقة؟
ترفض مصادر في البطريركية في الربوة التعليق على الموضوع، خصوصاً ان الشاكي مطران، مما يجعل الكلام محرجاً، لكن ماذا عن ملف العقارات، بغض النظر عمن يوزع الرسائل.
بالارقام والسجلات والوثائق التي حصلت عليها “النهار” كاملة انه “تم بيع عدد من العقارات في عبرا (شرق صيدا) وعقار في حي البطريركية (بيروت) وعقارات في قرنة شهوان (المتن).
لماذا؟ وهل أخذت البطريركية موافقة الفاتيكان الذي أصدر توصية سابقة بعدم بيع الارض إلا بإذن خاص؟ في الملف المعد بعناية الاذونات التي وقعها السفير البابوي بالنيابة عن الدوائر الفاتيكانية المختصة، وهي تأتي نتيجة مراسلات واخذ ورد، ودراسة المنفعة المحققة من البيع والاجراءات التي تقابل عمليات البيع.
في عبرا، باعت الكنيسة نحو 30 عقاراً الى اهالي البلدة لأنها عقارات صغيرة جداً ومتداخلة مع املاك الاهالي الذين باتوا عاجزين بعد التهجير والعودة عن البناء في عقارات صغيرة نسبياً، فكان اتفاق على بيعهم الاراضي لتثبيتهم في قريتهم ومساعدتهم في إعمار منازل لهم، فيما أبقت على 123 عقاراً في ملكيّتها، وهي تشمل تلال عبرا. في المقابل، اشترت البطريركية مساحة 30 الف متر مربع في بلدة برتي المجاورة في عقارات متجاورة يمكنها القيام بمشروع ما عليها مستقبلا. وهكذا لم يتم التفريط بالارض. اما العقار الوحيد الذي بيع من غير مسيحيين في المنطقة فكان مجاوراً لمقر اقامة الشيخ أحمد الأسير سابقاً، ولم يعرض أحد شراءه أو استثماره. وقد نالت عملية البيع موافقة فاتيكانية عبر السفارة البابوية على بيعه، علما ان مطرانية صيدا اقدمت على شراء مدرسة كبيرة في المنطقة.
أما في بيروت، فتملك الكنيسة المدرسة البطريركية في زقاق البلاط، وقد اشترت عقاراً مجاوراً زمن الحرب، لكنها لم تتمكن من إقناع كل الشركاء بالتخلي عن حصصهم، وهي لا تملك مشروعا لتوسعة المدرسة او اقامة انشاءات مجاورة، لان لديها متسع كبير في المدرسة، فقررت البطريركية بيعه، بعدما اخذت قراراً بشراء أرض ومدرسة في رياق – البقاع، قرر الآباء البيض تركها، اثر انتهاء رسالتهم في لبنان. وتبلغ مساحة الارض في البقاع 147 الف متر مربع، وهكذا اشترت البطريركية العقار، وأبقت ابواب المدرسة مشرعة، وأبقت على الرسالة المسيحية في تلك المنطقة.
وفي قرنة شهوان، لم تتم عملية بيع بالمعنى الحقيقي، بل تم تسجيل البيع الذي بدأ عبر مشروع سكني منذ زمن بعيد، ولما انتهى الأهالي من تسديد الاقساط المتوجبة عليهم، بادرت البطريركية الى تسجيل الملكية لهم، علماً إذ هذه العملية حصلت في الاعوام 2004 و2006 و2008 وآخرها في 2012. وافادت البطريركية من بيعها عقارات صغيرة لبناء المدرسة البطريركية الجديدة في الربوة، ومركز “لقاء” المجاور لها، والكنيسة الجديدة، وهي تعمل على انجاز العمل فيها.
لا ينكر المطارنة عمليات البيع، ويقدمون الاوراق والمستندات، ويؤكدون ان الاجراءات شفافة، ولا حاجة للراغبين الى الحصول عليها من غير مصادرها.
وفي رأي البطريركية ان عمليات بيع عقارات ان حصلت، فذلك لحاجة الكنيسة الى سيولة لمشاريع اخرى ترى انها تعود بالفائدة اكثر عليها وعلى الناس الذين ترعاهم، فبناء مستشفى او مدرسة أنفع احياناً من عقار لا يمكن استثماره “ومع هذا فإننا ندعو الى عدم بيع الارض، لان الانسان من دون منزل وارض. لا جذور له، ويمكن اقتلاعه بسهولة. والذي يتخلى عن جذوره في قريته ومسقط رأسه، يصير كمن لا أصل له وتصبح هجرته من لبنان كله أسهل واكثر قبولاً. وهو ما نتجنب الوصول اليه. فنحن كنيسة تفتش عن ناسها وترعاهم، ولا وجود لها من دون رعاياها.
صحيح انه حيث يكون الاسقف تكون الكنيسة، والرعية، لكن ايضاً لا يمكن للأسقف ان يكون وحيداً بلا ارض وناس”.
أعمال ومشاريع البطريركية في لبنان بين 2001 و2013
¶ إعادة ترميم المقر البطريركي الصيفي في عين تراز انجز في 2004.
¶ توسعة وترميم دير القديس يوحنا البرية للرهبان الفرنسيين في عين تراز، انجز في 2008.
¶ تطوير الاراضي الزراعية في عين تراز.
¶ شراء أرض القديسة حنة في رياق عام 2005 وبدء عملية الترميم في المباني. المساحة 146 الف متر مربع.
¶ ترميم المحكمة الروحية في السبتية عام 2005.
¶ بناء مجمع البطريرك غرغوريوس الثالث في الربوة وهو يضم مدرسة مؤلفة من مبنيين، وكنيسة سيدة البشارة، ومركز “لقاء” العالمي لحوار الحضارات، بدأ العمل به عام 2005، وانجز مبدئياً في 2012.
¶ ترميم أقسام في المدرسة البطريركية في زقاق البلاط، بيروت، في 2004.
¶ شراء عقارات في رياق، وبرتي، وقرنة شهوان، بقيمة 16 مليون دولار اميركي.
(ولا مجال هنا لتعداد مشاريع البطريركية في سوريا ومصر وغيرها وابرزها بناء مستشفى ومدرسة بطريركية كبيرة في سوريا)
ghassan.hajjar@annahar.com.lb
النهار