عقد قبل ظهر أمس راعي أبرشية زحلة والبقاع للسريان الأرثوذكس المطران مار يوستينوس بولس سفر، مع اللجنة البطريركية السريانية لإحياء الذكرى المئوية لمجازر “سيفو”، مؤتمراً صحافياً في المركز الكاثوليكي للإعلام، بمناسبة الذكرى المئوية الأولى ل ( سيفو) الإبادة السريانية في زمن السلطنة العثمانية (1915-2015). شارك فيه: الخوري عبده أبو كسم مدير المركز الكاثوليكي للإعلام، وعن اللجنة البطريركية لإحياء هذه الذكرى منسق اللجنة رئيس الرابطة السريانية السيد حبيب افرام، وعضو اللجنة الأستاذ بدري عبد الدايم. حضره أمين سرّ اللجنة الأب الربّان جوزف بالي والمحامي لؤي أوسي وأمين عام جمعية الكتاب المقدّس الدكتور ميشال بسوس، وعدد كبير من الإعلاميين والمهتمين.
رحب الخوري عبده أبو كسم بالحضور باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر وقال:
“نحن نتكلم اليوم على الذكرى المئوية الأولى ل ( سيفو) الإبادة السريانية في زمن السلطنة العثمانية (1915-2015)، مما لا شك فيه أن تلك المذابح التي حصلت منذ مئة عام أصابت الكنيسة الجامعة بنزيف كبير، الكنيسة السريانية والأرمنية دفعوا آلالاف من الشهداء نكبت آلاف من القرى والمدن وهجر مئات الآلاف، وها هي اليوم نفس الإبادة وربما نفس المصدر تضرب المسيحيين في الشرق، ولا ننسى ما حصل في العراق والموصل من تهجير وقتل وسلب دفع بالآلاف المؤلفة من المسيحيين بأن ينزحوا عن العراق إلى أربيد إلى لبنان وإلى اوروبا وأميركا.”
تابع” هل هذا هو المطلوب اليوم تهجير المسيحيين من الشرق؟ هل هذا المشروع الذي كان قائماً منذ مئة عام؟ هل سيقضى على المسيحيين في الشرق؟ بالتأكيد لا لأن هذا الشرق كان وما زال مهد المسيحية،لأن في هذا الشرق آلاف الشهداء سقطوا ودماؤهم بركة في ارضنا وأمانة في أعناقنا تدعونا للمحافظة على هذا الشرق بكل ما اوتينا من قوة، وهذا الوجود لن يكون ولن يبقى ولن يصمد إلا بتضامننا كمسيحيين ككنائس مشرقية وأن نكون قلباً واحداً ويداً واحدةًً وأن ننظر إلى المستقبل كضمانة مشتركة لنا جميعاً . وهذا ما يطمئن ما يقوم به بطاركة الشرق الكاثوليك وجميع البطاركة الحاليين في هذا الشرق لكي يظلوا كتلة واحدة أمام أعين المؤمنين لنظل في هذا الشرق شعلة محبة ورسالة”.
أضاف: “نحن سنظل في مواجهة ما يخطط لنا ولن نستسلم، لن نهاجر، سنبقى في هذا الشرق أرض القداسة والقديسين وننتظر تطبيق ما صدر في بيان الأزهر وهو بيان يؤسس لعلاقة مسيحية اسلامية واعية في مواجهة التكفير والإرهاب ولكن العبرة في التنفيذ. ونريد على ارض الواقع أن يشعر المسيحي في مصر في العراق في فلسيطين بأنه مواطن درجة أولى، وأن نستطيع دق أجراسنا في الموصل وسهل نينوى وقراقوش وأن نرفع صوتنا ونصلي كما يقول البابا يوحنا بولس الثاني “من على السطوح”، وأن نستطيع إدخال إنجيلنا إلى كل البلدان العربية.”
وختم بالقول: “نأمل أن يكون مؤتمر الأزهر انطلاقة جديدة للعلاقات المسيحية الأسلامية في هذا الشرق وان نعيش سوية في روح المحبة وروح التضامن الإنساني”.
وجاء في كلمة المطران سفر:
“مع اقترابنا من سنة 2015 تنطلق الأنشطة والفعاليات الخاصة بذكرى (سيفو) المريرة وهي الإبادة السريانية تحت حكم السلطنة العثمانية سنة 1915. إن أحداث سنة 1915 والتي تسببت في إبادة شعبنا السرياني من قبل السلطنة العثمانية والتي ذهب ضحيتها حوالي نصف مليون إنسان من مختلف الكنائس السريانية. تبقى ذكرى هذه الأحداث عميقة في وجدان السريان الذين ما زالوا يحملون ويتحملون إلى يومنا هذا نتائج هذه الإبادة.”
تابع “ليست رغبتنا من استحضار هذه الأحداث المؤلمة إثارة أية نعرات أو أحقاد تجاه أحد ولكن بالأكثر هي أمانة نحو دماء وأرواح هؤلاء الشهداء الذين ضحوا لنحيا نحن ولكي نحفظ لهم بطولاتهم وتضحياتهم التي قدموها على مذبح إيمانهم المسيحي وعلى مذبح سريانيتهم وقوميتهم. إننا نتذكر ما حدث لكي نقول للعالم لا للعنف ولا للقتل ولا لإبادة الشعوب ولكي نثبت هذه الحقيقة التي يحاولون طمسها وتغيير التاريخ. كل الشعوب لها الحق في الحياة والاستمرار خاصة في أرض الآباء والأجداد.”
وقال “ما يؤسفنا أننا ونحن نتذكر بألم الإبادة والمجازر التي حصلت للسريان سنة 1915 وقبل أن تمر مئة سنة نعيش أحداثاً مشابهة في هذه الأيام في ظل التكفير والتهجير، وإنّ ما حدث في لبنان وفلسطين وما حدث ويحدث في العراق وسوريا لا يعد أقل مما حدث في ذلك الزمان، فالسريان يُقتلون ويُهجَّرون وتستباح كنائسهم وأديرتهم تحت أعين الدول الكبرى التي لا نخليها مسؤوليتها عن الجرائم التي تحدث اليوم فهي تكرارٌ لما حدث قبل مئة سنة.”
وختم بالقول “إننا في هذه المناسبة ندعو أبناءنا السريان في كل أنحاء العالم إلى إحياء ذكرى (سيفو) والتي جعلنا عنوانها (كي لا ننسى) وذلك لكي لا نظلم أرواح شهدائنا ولكي نحفظ تاريخنا ونتجدد دائماً ونعلم أنه لا أحد يستطيع أن يطفىء الحياة في شعبٍ حيٍّ أعطى الحضارة لكثير من الشعوب، لقد جعلنا شعارنا أيضاً: “من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدةٌ أم ضيقٌ أم اضهادٌ أم جوعٌ أم عري أم خطرٌ أم سيفٌ ” (رو 8: 35) وذلك لنؤكد على الرجاء الذي نحمله في قلوبنا والذي هو سر استمرارِنا وتغلبنا على المحن والضيقات فمحبة المسيح هي الأساس الذي نبني عليه وهي الغاية التي نحيا بها ومن أجلها.”
ثم تحدث الأستاذ بدري عبد الدايم عن النشاطات التي ستقام إحياء لهذه الذكرى فقال:
“شكر البطريرك ما افرام الثاني والمجمع السرياني الأرثوذكس المقدس الذي أخذ المبادرة وأعطى البركة بتشكل لجنة بطريركية لإحياء هذه الذكرى المئوية لمذابح السريان، وخلال عام 2015 ستقام القداديس والمعارض والأمسيات المرتلة والمحاضرات والمهرجانات والمراجعات الدبلوماسية والإعلامية والدولية، وحث جميع أبناء الكنيسة ومؤسساتها في كل الأبرشيات السريانية في العالم على المساهمة في هذه الذكرى المئوية من خلال شعارات، وأناشيد وتصميم لنصب تذكاري، مع التحضير لفيلم وثائقي بلغات مختلفة تعرضه قنوات إعلامية مهمة والتركير على الإعلام لا سيما اللبناني خاصة، وتجميع المصادر الأكاديمية من كتب ومقالات وصور وشهادات عن مجازر “سيفو” لتكون مادة علمية ومراجع متوفرة ليعرف العالم حقيقة ما جرى، ولمن يرغب في زيادة معلوماته حول هذا الموضوع والبحث فيهه وستكون هذه المصادر متوفرة على صفحة فايسبوك Sayfo Syriac Patriarcate.”
تابع “احياء هذه الذكرى هي كي لا ننسى وكي لا تتكرر المأساة، ونحن لا زلنا نعيش ظروف قاسية ودموية مع الاسف في هذا الشرق، وهذا الشعب المسيحي في هذه المنطقة الذي كان ولا يزال رئداً بفكره وابداعه، حاملاً صليبه مبشراً برسالة المحبة والسلام. وبالرغم من سمو الرسالة التي حملها المسيحيون على مدى تاريخهم في هذه المنطقة فقد عانوا من الظلم والتهجير في فترات شوهت تاريخ هذه المنطفة فترات كانت ولا تزل بصمة عار في تاريخ الإنسانية بما حملته من أحزان ومآسي للشعب المسيحي”.
أضاف: “ولعل المجازر التي تعرّض لها المسيحيون السريان والأرمن وغيرهم أحد أفظع الأحداث في مطلع القرن العشرين ونهاية القرن التاسع عشر، عكست هذه المجازر “سيفو”المشينة وحشية العثمانيين، وكانت بصمة عار في تاريخهم الهمجي، وفي هذا الشرق مهد الديانات السماوية والحضارات، وما زال يحل الآن من تهجير وخطف للمطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي وكهنة وأبرياء، وسفك دماء وتدنيس مقدسات وتنامي اصوليات وإرهاب تكفيري ومحاولات قيام كيانات داعشية إسلامية متطرفة لتقسيم بلاد الرافدين أرض الآباء والآجداد. وسيقام القداس الأحتفالي في 18 كانون الثاني في لبنان يعلن عنه لاحقاً.”
واختتم المؤتمر بكلمة الأستاذ حبيب افرام الذي قال: “اتكلم باسم اللجنة البطريركية لإحياء “سيفو” المكلفة بالننشاطات على مستوى كل العالم السرياني وباسم الكنيسة الجامعة وباسم الشعب السرياني بأكمله.”
تابع “يمر اليوم العالمي لحقوق الإنسان ولم يعد حقوق ولا إنسان، واليوم يمر 600 يوم على اختطاف المطرانيين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي دون إي إشارة ايجابية برغم كل الحراك على كل المستويات ونحن على ابواب مئة عام على “سيفو”. ونحن لكنا هنا نسمي بقايا السيوف ونحن احفاد لعائلات ذبحت وهجرت اقتلعت من بلاد ما بين النهرين وفي طور عابدين و شمال جنوب تركيا، ما لا يعزينا مطلقاً لأن التاريخ يتكرر بشكل مأساوي وفاضح ويكون قدرنا في هذا الشرق الأحزان والمجازر وكأننا نحن خراف ولا قرار لنا وكأن المطلوب أن نموت صامتين وكما نرى العالم لا يتحرك لإبادة هذه الشعوب.”
ورأى “في القامشلي والرقة والحسكة وحلب حمص وبغداد والموصل والبصرى انتهى الوجود المسيحي أو يكاد ينتهي الوجود المسيحي ونحن كلنا عاجزون عن أن نفعل شيء. إذا نحن سنقول بعد مئة سنة ذاكرتنا لم تمت هي ذاكرة للحق وليست للإنتقام ولكن نحن لم نكن ولن نكون بدواً رحلاً نحمل أمتعتنا وتمشي، رغم أن إرادة الكثير من أبنائنا هي الهجرة فليس لديهم بارقة امل و ليس لديهم ثقة بالمحيط، ومع الأسف مع تكاثر الأصوليات التكفيرية وتفتت الدول والأنظمة يرى شعبنا المسيحي ربما لا ضوء ولا أمل في المستقبل.”
وقال “انوه باللفتة الرائعة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية بشكل خاص مع بطريركنا القادم جديثاً مار افرام الثاني والكنيسة ملتزمة مطلقاً في قضايا الشعب بالقضايا القومية والسياسية لكنها وتحمل قضية “سيفو” كقضية مركزية في الكنيسة، وفي فيننا عند تدشين كنيسة وضعت لوحة في الكنيسة ل “سيفو”.
أضاف “ما قيل في مؤتمر الأزهر بداية ربيع فكري من المفتيين حول التضامن والأخوة مع المسيحيين والمساواة والمواطنة نتمنى أن يكون من هؤلاء أعتراف بما جرى لنا ورفض لما يجري ألآن وأن يكون لهم صوت صارخ وأن يكون لهم مبادرات تجاهنا في التاريخ وتجاه ما يحصل الآن. وكنافي مؤتمر فيينا بدعوة من خادم الحرمين الشريفين في مركزه طلبت أن يكون لهم حراك وخاصة من الجهات الإسلامية أن تتضامن معنا. ومطلبنا واضح أن تركيا هي خليفة الدولة العثمانية هي مسؤولة عن هذا التاريخ ومطلوب منها اعتراف صريح وواضح بما جرى وتحمل مسؤوليتها التاريخية والقانونية، نحن لن نرفع سلاحاً ضد تلك الدولة في ذاك الزمن ونحن ضحايا ابرياء فقط لأننا مسيحيون”.
وختم بالقول ” نحن لن ننسى الأوطان والأرض والهوية رغم التهجير هي تحيا فينا كأرض كتاريخ كجذور ونحن في نضال مستمر وأن نبقى في هذا الشرق وأن لا تتكرر هذه المجازر وعلينا أن يكون لنا مكان لنا في هذا الشرق وأن يكون حل قريب في سوريا ويعود جميع النارحين إلى بلادهم ومدنهم وأن يبقى لبنان واحة حريات وأن يبقى صوتاً صارخا لحرية كل إنسان وكرامة كل إنسان”.
تجدر الإشارة إلى أن الأستاذ افرام سلّم الأب عبده أبو كسم “الصلاة الربانية باللغة السريانية” كعربون تقدير ومحبة .