كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
تكثر المواصفات التي توضع لرئيس الجمهورية العتيد، مواصفات من هنا ومواصفات من هناك بالعشرات وفي النهاية كلّ يريد رئيساً وفق توجهاته السياسية.
لا داعي لوضع مواصفات لرئيس الجمهورية او لغيره من المسؤولين في البلد، فالتوجهات يجب أن تكون واضحة من دون مواصفات وهي تنطلق من الواقع الذي نعيشه حالياً وهو تجسيد لحال الفشل لمن تعاقبوا على السلطة منذ عشرات السنوات وحتى اليوم، فهؤلاء دمروا الدولة والإقتصاد وقضوا على كل مقومات البلد واستباحوا المناصب والمال العام والخاص، وجردوا لبنان من كل مكامن القوة الحقيقية التي تساهم في النهوض والتطور والاستقرار والازدهار.
كل مسؤول يصل إلى السلطة حالياً يجب أن يكون نقيض ما سبق تماماً لأن أي وجه من أوجه الشبه مع من سبقوه يعني استمرار النهج التدميري وسلطة الفساد والمحاصصة والزبائنية، كما يعني استمرار افتقاد اللبنانيين إلى أبسط مقومات العيش وتصاعد نزيف الهجرة على حساب الهوية والتعددية اللبنانية لصالح هوية أخرى قائمة على أساس ديني وعقيدة الحرب والقتال في شكل مستمر.
كل ما نحتاجه في رئيس الجمهورية المقبل هو بكل بساطة أن يكون لبنانياً، يعني أن يكون ولاؤه للبنان فقط وألا يخاف من إعلان هذا الولاء وتطبيقه 100%، أن يكون رئيساً ليس فقط مؤمناً بقيام دولة تملك القرار وحدها بل أن يعمل على تجسيدها واقعاً وبكل الوسائل الممكنة، أن يكون رئيساً مدركاً للخطورة الوجودية في زج لبنان في المحاور والقضايا الإقليمية وأن تكون قضيته الوحيدة وأولويته هي رفاهية الشعب اللبناني والحق في حياة كريمة كبقية دول العالم المتحضر، أن يكون رئيساً مشجعاً لحرية التعبير والرأي إلى أقصى الحدود وملتزماً بحمايتها من أي عقول ونفوس متحجرة ومظلمة، أن يكون رئيساً لا يخاف من قول الحقيقة والحق لا أن يبيع ويشتري في سوق المصالح الشخصية.
هذا الرئيس اللبناني لن يكون وجوده سهلاً، ولن تفرش الطريق أمامه بالورود للوصول إلى القصر الجمهوري، بل بالعكس سيكون مرفوضاً من كل المنظومة التي قادت البلد إلى ما هو فيه حالياً، منظومة لن تسمح للبنان بالخروج من أزمته ولن تسمح للبنانيين ببناء مستقبل واعد، منظومة وضعت نصب عينيها أن تكمل في تهشيم صورة وطن الأرز ومحوه عن خريطة الدول المبدعة.
هذه المنظومة وبما لها من إمكانات ومن استعباد لفئات من الشعب اللبناني قادرة على تخريب أي محاولة إنقاذية تحت عناوين ومشاريع لا تمت لمصلحة لبنان وشعبه بصلة، وهنا يكمن التحدي والقدرة على المواجهة لأن أي ضعف او استسلام هو بمثابة تكريس لأمر واقع يجب أن ينتفض عليه من تبقى من مواطنين أحرار فينهون حقبة سوداء من تاريخ لبنان ويعيدون إلى الوجود لبنان اللبناني.