قبيل انتهاء ولاية المجلس التنفيذي الحالي للرابطة المارونية، وفي احتفال العشاء في كازينو لبنان الذي دعا اليه رئيس الرابطة النقيب سمير ابي اللمع وأعضاء المجلس، برعاية وحضور صاحب الغبطة مار بشارة بطرس الراعي، لبى عدد كبير من الشخصيات الرسمية والاجتماعية والديبلوماسية على رأسها سعادة السفير البابوي. تكلم راعي الاحتفال، شاكراً الرابطة على دعوتها، منوهاً بالدور الوازن الذي قامت به، على صعيد المجتمع والوطن، بالتنسيق مع المقام البطريرك في الظروف الدقيقة الخطرة التي تجتازها البلاد، والتي لا تزال تلف لبنان والوطن العربي بأسره، بل الشرق الأوسط برمته.
ألمح راعي الاحتفال الى رمزية هذا العشاء، كونه العشاء الأخير في ولاية مشرفة على الانتهاء، فجاءت إشارته هذه، تلميحاً رمزياً لحدث مقدّس لألفين خلت: العشاء السري، في ذاك الخميس الذي تطلق عليه الكنيسة الجامعة، تعريف خميس الأسرار، حدثاً مبشراً بسرّ الفداء والخلاص والقيامة.
كلام ذو دلالات بليغة، لبطريرك ماروني، وريث البطريرك الأوّل يوحنا مارون، وبطاركة كبار، أعطي لهم مجد لبنان، أحد أشهرهم البطريرك الياس الحويك، الذي مثّل كلّ لبنان في معاهدة فرساي، اثر الحرب العالمية الأولى التي أسفرت عن اعلان دولة لبنان الكبير عام 1920، في حدوده الحالية.
بطريرك، يواجه اليوم، تباعداً معيقاً لعمل القيادات المارونية، فيما بينها، في أحلك الظروف، ويواجه أخطر المكايد التي يتعرّض لها الإنسان في لبنان والمشرق، مما يستدعي، بل يحتّم وحدة الصف، لمكوّن أساس في الكيانية الوطنية، تهدد زعزعتها الوطن والكيان، بالتشتت والضياع.
هذه القيادات المتباعدة، توجّه اليها راعي الاحتفال أباً ومرشداً مؤكداً للمرة المئة، وجوب احترام الدستور والميثاق، وإعادة الرأس الى جسد بلا رأس.
هذا الاهتمام بالذات كان أحد أهم اهتمامات الرابطة، منذ شغور سدة الرئاسة الأولى لأكثر من 18 شهراً.
والى جانب ذلك لا بد من التنويه، باختصار بأهم الانجازات التي حققتها الرابطة في ولايتها الأخيرة:
1 – المؤتمرات المنعقدة تباعاً حول شؤون وطنية مهمة، ملحّة ومصيرية:
أ – مؤتمر أرضي هويتي.
ب – مؤتمر مسيحيي الشرق الأوسط.
ج – مؤتمر حول الشراكة الوطنية، سبيل الى تحصين الدولة ونبذ التطرّف.
د – مؤتمر حول إصلاح وتحديث الإدارة اللبنانية وتعزيز المشاركة المسيحية الميثاقية في دوائرها.
2 – اللقاءات:
أ – لقاء إنماء قضاء المتن.
ب – لقاء انماء قضاء الشوف.
تشارك في هذه المؤتمرات واللقاءات باحثون وعلماء واختصاصيون وخبراء من 25 دولة (عربية وأجنبية) وانتهت باتخاذ وإصدار توصيات واقرار آليات تنفيذ من أجل تحقيقها تباعاً لكل مؤتمر بالكلمات والتوصيات المتخذة.
3 – العرس الجماعي الذي تولت الرابطة إقامته، سنوياً في الصرح البطريرك بمباركة وحضور صاحب الغبطة، والذي شمل أكثر من مئتي عريس وعروس خلال ولاية الرابطة (3 سنوات) الأخيرة.
4 – زيارته المرجعيات الروحية والزمنية:
أ – في الخارج – زيارة رئيس الرابطة على رأس وفد من مجلسها التنفيذي حاضرة الفاتيكان ووزير الخارجية الايطالية.
ب – في الداخل: لقاءات مع الهيئات السياسية والوطنية:
1 – رؤساء الجمهورية السابقين (آخرهم قبل انتهاء ولايته).
2 – رئيس المجلس النيابي – رئيس الحكومة – الوزراء الحاليين، وزراء الخارجية والاتصالات والعمل والشؤون الاجتماعية والأشغال العامة والثقافة.
3 – المرجعيات الدينية: غبطة البطريرك – سماحة مفتي بيروت – سماحة مفتي طرابلس، لقاء مع ممثلي “حزب الله”.
4 – المرجعيات الديبلوماسية: السفير البابوي وسفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
5 – الهمّ الاقتصادي لم يفت عن اهتمامات الرابطة، وذلك عبر متابعتها ومواكبتها لنشاطات اقتصادية تسهم بانعاش الأوضاع الحياتية: ردم الحوض الخامس في مرفأ بيروت، توسيع مرفأ جونيه، وإنشاء منطقة حرة في البترون…
إن كل هذه الاهتمامات، كانت محور نشاط الرابطة في ولايتها المنتهية وقد زادها تركيزاً والحاحاً، الشغور الخطير – ربما المتعمّد – في سدة الرئاسة الأولى، وانعكاسات ذلك تردياً في الأداء الرسمي والشعبي، ولأن في الأمر برمجة الهية لاحلال وصاية داخلية عابرة للحدود، حل وصاية (اخوية آتية على طول الحدود لبلدين (توأمين)!
غير ان شعلة الايمان التي رفعتها الرابطة منذ نشأتها ستستمر مرفوعة في الولاية الآتية، وضّاءة بهية، ليكون وطن الأرز ويبقى، أرضاً رحبة للحوار ومعقلاً منيعاً للحرية والكرامة لحقوق الإنسان، أو لا يكون!
إميل أبي نادر
النهار