غادر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، بيروت صباح اليوم، متوجها الى روما للمشاركة في حضور اجتماعات احدى اللجان البابوية، يرافقه رئيس كاريتاس لبنان الأب بول كرم والمسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض.
وكان في وداع الراعي في المطار: المعاون البطريركي المطران بولس صياح، وفد من المجلس العام الماروني ضم: ميشال متى، انطوان رميا ورولان غسطين، مدير المركز الكاثوليكي للاعلام عبدو ابو كسم والدكتور الياس صفير.
وفي المطار تحدث البطريرك الراعي فقال: “كلنا نعرف اننا نعيش في لبنان أزمة كبيرة، أزمة اقتصادية وأزمة أمن وفلتان الأمن والخطف والقتل في وضح النهار وعلى أعين كل الناس وكإنه لا وجود للعدالة ولا للدولة وعدد النازحين واللاجئين من فلسطينيين وسوريين أصبح يناهز أكثر من نصف الشعب اللبناني، إضافة الى كل ذلك، وكل هذه المشاكل فلا يوجد عندنا رئيس للجمهورية، وبعدم وجود رئيس للجمهورية كإننا في بيت لا سقف له، وهذا سبب القلق الأساسي ويجب أن نعود الى السبب والى المدخل لمواجهة كل هذه الأزمات، الى جانب الأزمات الإدارية والفساد وكل ذلك، والمعالجة تبدأ بمدخل واحد اسمه رئيس الجمهورية، فطالما لا رئيس للجمهورية عندنا كل يوم سيزيد الخراب والدمار”.
وعن قراءته لبيان مجلس الوزراء أمس، قال: “نحن مع البيان طبعا، ولبنان معروف تاريخه انه بلد الصداقة مع كل الدول، واللبناني بطبعه ولبنان لا مصلحة له بمعاداة أي دولة من الدول، لأننا نحن لسنا قوة بذاتها قادرة عن الإستغناء عن أي أحد، لبنان قائم على علاقاته مع هذه الدول شرقا وغربا، ولا مصلحة له معاداة أي دولة من الدول مهما كان السبب، ويجب أن تعالج الأمور بالطرق السياسية والديبلوماسية إذا حصل أي خلاف”.
أضاف: “ما تعجبت له هوالتركيز على موضوع ان كان عربيا أم لا، ففي الدستور يذكر ان لبنان عربي، ولبنان هو أحد مؤسسي جامعة الدول العربية وعضو فيها، وهل يحتاج الأمر لإعلان أكثر من ذلك؟”.
وقال: “نحن في جامعة الدول العربية ولبنان بلد فاعل فيها، ولبنان من مؤسسي الأسرة الدولية، أي منظمة الأمم المتحدة وعضو فاعل فيها، وهذه قيمة لبنان، فهل نأتي نحن بتصريحات أو بمبادرات نقتل موقع لبنان داخل جامعة الدول العربية وفي قلب منظمة الأمم المتحدة بسهولة؟ وبنتيجة كل ذلك نسمع صوتا من هنا وصوتا من هناك، وهذا برأيي نتيجة عدم وجود رئيس جمهورية في البلد، والوضع هذا أشبه بصف تلامذة الأستاذ فيه غائب، فكيف يمكن عندئذ ضبط الصف والتلامذة؟ فتدب عندها الفوضى وكل واحد يريد أن يكون الأستاذ”.
أضاف: “نحن في حاجة الى رئيس للجمهورية وهو الذي يتكلم باسم الدولة، وليس كل من تكلم كحزب أو تيار أو فرد يعتبر نفسه الدولة، هذا أمر يجب ألا يحصل في لبنان، وعلى الكتل السياسية والبرلمانية أن تضع عقلها في رأسها وتذهب الى انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان كي نتجنب كل هذه الويلات، حيث ان لبنان بات يسقط كل يوم بعين الدول، وهذا ما عبرت عنه في أكثر من مناسبة”.
وعما اذا كان يؤيد،في ظل الخلاف السعودي-الإيراني المتفاقم، كلام النائب وليد جنبلاط “ان على لبنان ان يبقى بعيدا عن المحاور”، اجاب الراعي:”نحن في كل دعواتنا وصلواتنا وتراتيلنا من أجل حياد لبنان، ان كان في البطريركية أو أنا شخصيا، ولا حياة للبنان إلا بحياده، والحياد لا يعني أن نتفرج على الأمور كما هي، إنما الحياد اللبناني هو ما يسمى الحياد الإيجابي، بمعنى انه لا يمكن للبنان أن يدخل في أي محور إقليمي أو دولي عسكري، إنما لبنان يدخل في المصالحات والإلتزام بالعدالة والسلام، والأمة العربية وبصداقاته مع الدول، فحياد لبنان هو خلاصه، وأولى مقومات الحياد أن تحترم سيادة الدولة التي تعيش فيها أي لبنان، كما تحترم سيادة الدول الأخرى ايضا وأن تكون ملتزما بقضايا المنطقة، هذا هو الحياد اللبناني برأيي، ولبنان كان دائما يعتبر بلد اللقاء ووطن الحوار، حوار الأديان والثقافات والحضارات، ولبنان وحده نظم العيش الإسلامي-المسيحي، ولذلك هو منفتح على كل الصداقات مع كل الدول، هذا هو دور لبنان المهم جدا”.
وهل من مناشدة يوجهها الى المملكة العربية السعودية للرجوع عن قرارها بالتوقف عن دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى؟ أجاب الراعي:”نحن نشكرها على قرارها الأول وثانيا أريد أن أؤكد ان من يتكلم باسم الدولة اللبنانية لست أنا ولا أحد غيري، إنما هو الحكومة اللبنانية بغياب رئيس الجمهورية مع الأسف، وليس كل من يتحدث ضد أي دولة من الدول يعتبر نفسه يتحدث باسم لبنان، فلكل رأيه الشخصي، ولكني أريد أن أقول انه لا يحق لأحد أن يتنطح لأي دولة إن كانت قريبة أو بعيدة، وعلي أن أحترم سيادة لبنان في إطار الدولة التي نعيش فيها، ولا يحق لأحد أن يتعدى حدود دولته والتدخل بشؤون الغير كما نرفض التدخل في شؤوننا، لذلك لا يمكننا اختراق سيادة الدول الأخرى، وعلى اللبنانيين أن يعرفوا الوقوف عند حدودهم، وعلينا احترام سيادتنا وسيادة الدول الأخرى”.
وهل سيزور ايران في حال وجهت اليه دعوة للزيارة،أجاب:”عندما نتلقى الدعوة نفكر فيها ونتشاور بها مع مجالسنا في بكركي، فنحن عندما نتلقى أي دعوة من أي دولة نتشاور بشأنها كي نلبيها، وأنا أقول ان قيمة لبنان هي بعلاقته الطيبة والحسنة من كل الدول، وإلا فقد لبنان دوره، وبالنتيجة على الجميع أن يتصالحوا مع بعضهم البعض، وان قيمة لبنان رغم صغر مساحته الجغرافية هي بأهميته، والبابا يوحنا بولس الثاني عندما اختتم السينودس من أجل لبنان قال كلاما أساسيا وهو ان لبنان برغم إنه بلد صغير إنما لديه رسالة كبيرة جدا، وقال لنا حافظوا على رسالتكم، فلبنان الصغير ليس لديه قوة عسكرية ولا نفطية ولا غازية، إنما لديه القوة بأن يخاطب كل الناس والدول”.
وردا على سؤال، قال الراعي:”كل الدول تحاول مساعدة لبنان معنويا، وكل الدول تسأل اللبنانيين ماذا أنتم فاعلون ببلدكم، ولماذا تخربون بلدكم”.
وعما اذا كان متفائلا بأن يصار الى انتخاب الرئيس في جلسة 2 آذار المقبل، قال:””كما تعلمون، أنا ومنذ 25 آذار 2014 أناشد وأنادي لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، وكل تأخير هو خراب للبيت اللبناني”.
وطنيّة