لم تكن انطلاقة السنة الدراسية في الجامعة اللبنانية كما في الأعوام السابقة. افتتحت هذه السنة في رعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ومباركته. وهي المرة الأولى التي يحضر فيها بطريرك ماروني احتفال انطلاقة الدراسة في الجامعة، محدداً الأولويات، “فالجامعة لا تدار بالسياسة بل بالعلم والقانون”.
أقيم احتفال لمناسبة افتتاح السنة الجامعية 2015 – 2016 في الجامعة اللبنانية بعنوان “جامعة الوطن… لمزيد من الاستقلالية والتألق”، بمباركة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في مدينة رفيق الحريري الجامعية في الحدت، في حضور وزير الإعلام رمزي جريج، رئيسة لجنة التربية النيابية النائبة بهية الحريري، وسياسيين وأكاديميين، وعمداء الجامعة وطلاب.
وشدد عميد كلية الآداب في الجامعة الدكتور نبيل الخطيب على “الدور الرائد الذي تقوم به الجامعة اللبنانية، جامعة الوطن”.
وقال رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين: “تحية إلى كل أستاذ مخلص التزم قانون الجامعة وأنظمتها وساهم في تعظيم البحث العلمي حيث سجلت جامعتنا الوطنية أعلى مرتبة بحثية كماً ونوعاً، في العلوم الدقيقة كما في العلوم الاجتماعية والإنسانية”.
أضاف: “تحية إلى كل موظف عمل ويعمل بتفان لإنجاز الأعمال الجامعية على الرغم من شكواه الدائمة في شح الراتب، وقلة الحيلة المادية أمام الأزمة الاجتماعية المتفاقمة. تحية إلى الطلاب المواظبين والملتزمين. المواظبون على تحصيل أعلى المراتب العلمية، والذين رفعوا اسم لبنان في أوروبا والعالم عندما تفوقوا بين أقرانهم من جنسيات مختلفة”.
تابع: “هذه جامعة الأربعين في المئة من مجمل الطلاب الجامعيين، بعدما زاد عدد الجامعات الخاصة المستحدثة على 50 جامعة ومعهداً، تتحمل عبء التعليم العالي بقدراتها المتجددة… استمرت وتستمر هذه الجامعة في زمن تراجع التعليم العام في المراحل التأسيسية قبل الجامعية. وعبثاً يسعى المراهنون على خنق هذه الجامعة بالموازنة المالية المتراجعة، وبتأخير إنجاز مجمعاتها في الفنار وطرابلس والبقاع، وبتأخير البت في معاملاتها الرسمية. ومن حقنا، بل من واجبنا، طرح السؤال: لماذا التنكر لوثيقة الوفاق الوطني، وثيقة الطائف، التي دعت إلى تعزيز الجامعة اللبنانية خصوصا كلياتها التطبيقية؟”.
وختم: “ثمن الاستقلالية يدفع بالقناعة أولاً بلا زبائنية وبلا تملق وبلا تبعية. إن السلطات الحكومية المتعاقبة مطالبة بأن تنفذ قراراتها: إنجاز المجمعات الجامعية التي بدأ العمل بها بلا تباطؤ، وبناء المجمعات المقررة منذ عقود، فتح باب الوظيفة العامة في الجامعة بعدما أغلق منذ أكثر من عقدين، استناداً إلى حاجات هذا المرفق العام وهو الأكبر، وفي إطار القوانين المرعية، واعتبار حل المشكلة الوظيفية في جامعتنا أولوية مطلبية كي تستقيم الأعمال الجامعية”.
ثم ألقى الراعي كلمة قال فيها: “من أجل أن تكون هذه الجامعة جامعة وطنية، ينبغي أن تتمتع بمزيد من الاستقلالية، ما يقتضي أولاً وجوب وضع حد للتدخل من أهل السياسة في شؤونها، واحترام قوانينها الناظمة لها كمؤسسة مستقلة إدارياً ومالياً وأكاديمياً، فالجامعة لا تدار بالسياسة بل بالعلم والقانون. ويقتضي ثانياً أن ينعم مجلس الجامعة بصلاحية التعاقد، وثالثاً بأن تزاد ميزانية الجامعة من أجل تطويرها وتلبية حاجاتها الأكاديمية والإدارية، وهذا يندرج في واجب الحكومة بدعمها بغية تشجيع البحوث كعامل أساسي لتأمين التوازن في أداء المهمات التعليمية والاجتماعية، وبغية تحقيق اللامركزية والإنماء المتوازن من خلال إقامة المجمعات الجامعية في المناطق”.
أضاف: “ينبغي، من هذا القبيل، حماية استقلالية الجامعة بمؤازرة وزارة التربية والتعليم العالي، والتنسيق مع الوزارات الأخرى التي لها علاقة بمستقبل المتخرجين، بحيث تتوافر لهم فرص العمل في وطنهم، وإمكانات تحفيز إبداعهم على أرض الوطن. تحتاج الجامعة إلى رسم سياسة وطنية للتعليم العالي في لبنان، تتناول التخطيط الاستراتيجي لتطويره ولتطوير البلاد على مختلف المستويات، كما تتناول الاستشراف والرؤية. إنها مسؤولية الدولة، بل من أبرز أدوارها. ولكن بسبب غياب الدولة، يجب على جامعتنا الوطنية أن تتعاون مع الجامعات الأخرى على رسم خطوط هذه السياسة التربوية الوطنية، مستوحية، في منطلقاتها الأساسية، أحكام الدستور اللبناني والميثاق الوطني والمواثيق الدولية الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة في شكل عام، وعن الأونيسكو في شكل خاص، ومتوخية في أهدافها التنمية الشاملة والمتكاملة للشخص البشري وللمجتمع. تحتاج الجامعة اللبنانية، من أجل مزيد من التألق، إلى تخطي ما تعانيه، وعدد المجمع البطريركي الماروني بعضها”.
النهار