ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، ذبيحة الهية، في مزار الشهداء الكوريين في سيول، في اختتام المؤتمر العالمي للسلام والمصالحة، الذي أقيم في عاصمة كوريا الجنوبية.
وألقى الراعي عظة بعنوان “اجتهدوا ان تدخلوا من الباب الضيق” (لوقا 24:13)”، استهلها بالقول: “يسعدني ان احتفل معكم بهذه الذبيحة الالهية في اختتام المؤتمر العالمي للسلام والمصالحة، بدعوة كريمة من رئيس اساقفة سيول الكردينال اندره، وقد تطلعنا فيه الى المصالحات الضرورية من اجل احلال السلام في العالم ومنها المصالحة الكورية. كما صلينا معا على هذه النية، وتعرفنا اكثر الى بعضنا البعض، والى هواجسنا المماثلة، من خلال المحاضرات والكلمات، التي القيت خلال المؤتمر، كما ومن خلال اللقاءات، التي عقدناها مع العديد من المسؤولين الروحيين والمدنيين والدبلوماسيين”.
أضاف: “نتائج المؤتمر وخبراته، كانت غنية على كافة الاصعدة. وقد زادنا اقتناعا بقيمة المصالحة والسلام، الذي يؤمن للجميع حياة مستقرة وكريمة بحسب ارادة الله ورغبته. وذكرنا الكردينال اندره في كلمته امس بالكلام النبوي للبابا بيوس الثاني عشر، عندما كان العالم على مشارف الحرب العالمية الثانية اذ قال: “مع السلام لا نخسر شيئا بينما بالحرب نخسر كل شيء”.
وتابع: “في ضوء انجيل اليوم يقرأ مؤتمرنا ان “الباب الضيق”، الذي يجب ان ندخل منه هو باب السلام والمصالحة والوحدة لجميع بلداننا، التي تعاني الحروب والصراعات والانقسامات، ومنها كوريا وبلدان الشرق الاوسط، وخصوصا فلسطين والاراضي المقدسة، العراق، سوريا واليمن وغيرها. ونصلي معا على نية الاستقرار في لبنان والمصالحة السياسية فيه، من اجل التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية، يعيد له موقعه في الاسرة الدولية وانتظام عمل مؤسساته الدستورية”، سائلا الله ان “يحمي هذا البلد المميز، الذي خصه بدعوة وبرسالة في الشرق لنشر انجيل الاخوة والمحبة والسلام وقيم الكرامة الانسانية وحقوق الانسان والديمقراطية والحرية”.
ورأى “ان الباب الذي يدخلنا الى السلام والمصالحة، هو حتما ضيق، لانه يتطلب تواضعا وغفرانا واعترافا بالخطأ، ونية حسنة وارادة طيبة للخروج من الذات واتخاذ المبادرة، في خطوة جريئة وبطولية، بالانطلاق نحو الآخر الذي جعلته الظروف عدوا. وهي دعوة المسيح لنا، في ضوء هذه المتطلبات، للاجتهاد بالدخول من الباب الضيق”.
وأردف “وبعكس ذلك، كم هو سهل أن لا يفعل الانسان شيئا، بحيث يبقى على تصلبه بموقفه ورؤيته وقناعته، وكم هو سهل ان يحتكر الانسان الحقيقة، معتبرا ان حقيقته هي الاصح، فيما ينكرها على الآخر. ومن السهل جدا زرع الحقد في القلوب وروح الادانة واطلاق الاحكام المسبقة. هذا الاداء السهل يقود الى الباب الواسع الذي يؤدي الى الهلاك الابدي”.
وقال: “ان الشهداء الكوريين المكرمين في هذا المزار، القائم في مكان استشهادهم، حيث قطعت رؤوسهم ورميت في النهر، الذي تحول لون مياهه الى الاحمر، حبا بالمسيح ودفاعا عن الايمان الكاثوليكي. فهم دخلوا من الباب الضيق الى المجد السماوي، وهم يتشفعون لنا امام عرش الحمل، من اجل هذا البلد العزيز كوريا، ومن اجل وحدته والمصالحة فيه، وهم يساعدون شعبه في مسيرته الايمانية، لكي تنطبق عليه صلاة النبي اشعيا “هولاء الذين لم يسمعوا بي، والذين لم يرو مجدي، سيزيعون مجدي للامم (اشعيا 91:66)”.
وختم: “نرفع صلاتنا في هذه الذبيحة الالهية، بشفاعة شهدائنا، لكي يملك السلام وتتحقق المصالحة والوحدة في كوريا وفي بلدان الشرق الاوسط، تلك الارض التي اختارها الله لتجسد ابنه الوحيد ونشر كلمته من خلال انجيل المحبة والحقيقة والسلام…آمين”.
وطنية