ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، القداس الالهي في بازيليك سيدة الوردية الجديدة، وعاونه النائب البطريركي العام على نيابة جونيه المارونية المطران انطوان نبيل العنداري والنائب البطريركي العام المطران حنا علوان وكاهن رعية حراجل الأب حارث خليل، والخوري دانيال زغيب، بدعوة من لجنة وقف كنيسة سيدة الوردية حراجل والمجلس البلدي وأبناء رعية حراجل.
شارك في القداس ممثل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل المحامي جيلبير سلامة، النائب يوسف خليل، شاكر سلامة ممثلا رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل، شوقي الدكاش ممثلا رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع، النائب السابق منصور البون، العميد شامل روكز، القنصلان ابراهيم الحداد وانطوان عقيقي، رئيس بلدية حراجل طوني، المحامي مارون أبو شرف، روجيه عازار، مارون الحلو، الدكتور أنطوان صفير، نهاد نوفل، مجلس بلدية حراجل، مخاتير البلدة والبلدات المجاورة وأهل البلدة وحشد من المؤمنين.
الراعي
وألقى الراعي عظة بعنوان ” تعظم نفسي الرب” (لو1: 36)، قال فيها: “يسعدني قبل التأمل بنشيد مريم أن أحييكم جميعا، وأن أحيي سيادة أخي المطران انطوان نبيل العنداري النائب البطريركي العام في نيابة جونية البطريركية، وسيادة النائب البطريركي العام المطران حنا علوان والرئيستين العامتين وكاهن الرعية الخوري حارث ومعاونه الخوري دانيال، والآباء والراهبات وأصحاب السعادة النواب والقناصل والهيئات الرسمية والمدنية والعسكرية، ورئيس المجلس البلدي والمجلس الحاضرين والمخاتير ومجالسهم ورؤساء البلديات وممثلي الأحزاب والتيارات السياسية والأخويات والحركات الرسولية والكشفية والقيمين على هذا الوقف المبارك، وكل من له تعب في بناء هذه الكنيسة الرائعة الجديدة ومجمعها. أحيي كل أبناء حراجل الأعزاء أطفالا وشبابا وكبارا. ومن أجلهم ومن أجلكم جميعا نقدم هذه الذبيحة المقدسة ذاكرينكم وذاكرين مرضاكم وموتاكم وكل أبناء حراجل المنتشرين تحت كل سماء، راجيا لكم من أمنا مريم العذراء سلطانة الوردية المقدسة، شفيعة حراجل العزيزة، أن تستمد لكم وعليكم كل خير ونعمة وبركة. وأود أن أشكركم من كل القلب على الاستقبال المحب الذي تم، وعلى الكلمتين اللطيفتين في البداية قبل دخولنا الكنيسة من رئيس البلدية الأستاذ المهندس انطوان زغيب ومن الشاعر الملهم الأستاذ موسى زغيب اللذين باسم حراجل العزيزة عبرا عن المحبة الكبيرة التي في قلوبكم. وإني أشكر حضرة الخوري حارث على الكلمة اللطيفة التي بدأ فيها هذا الاحتفال ونشكره على المحطات التاريخية الست. وكنت أود وسبقني أن أقول عدد 6 يبقى عددا ناقصا . يجب أن يكتمل بعدد 7 وبالتالي، ينبغي أن تتم المحطة السابعة فسبقني إليها. أن نأتي مع سيادة المطران عنداري لتدشين وتبريك الكنيسة ومذبحها”.
وقال: “نشيد مريم نبوي عن عظائم الله التي سيجريها الله فيها، من دون أن تعرفها مسبقا، بدءا من الحبل بها في حشا أمها معصومة من الخطيئة الأصلية، وصولا إلى أمومتها لابن الله المتجسد فيها وهي عذراء ودائمة البتولية، فإلى مشاركتها إياه في آلام الفداء، وأمومتها لجسده السري، الذي هو الكنسية، فإلى انتقالها بالنفس والجسد إلى السماء، وتتويجها سلطانة السماء والأرض. كل هذه العظائم لم تكن تعرفها مريم ولكن إيمانها الكبير وحبها لله جعلها تتنبأ عن العظائم التي سيجريها فيها. إنها من سمائها ترافق بعنايتها أبناءها وبناتها المسافرين في بحر هذا العالم، حتى يصلوا إلى ميناء الخلاص. وأنتم في حراجل تختبرون سهرها وعنايتها ورعايتها”.
أضاف: “هذا النشيد أصبح نشيد الكنيسة، ونشيد كل مؤمن ومؤمنة، يرى عظائم الله في التاريخ، ويسمع عنها، ويختبرها، وهي أكثر من أن تحصى وتعد. ولذا، تبقى الكنيسة بمؤمنيها ومؤسساتها في نشيد دائم لتمجيد وشكران وتسبيح لله على عظائمه في التاريخ. يسعدنا اليوم أن نرفع معكم من هذه الكنيسة الجديدة على اسم سلطانة الوردية شفيعة حراجل العزيزة، مع سيادة أخينا المطران انطوان نبيل العنداري نائبنا العام في نيابة جونية البطريركية وسيادة نائبنا البطريركي العام المطران حنا علوان، وكهنة الرعية وجميع أبنائها وبناتها، وكهنة وأبناء رعايا المنطقة. ونرفعه بنوع خاص مع حضرة الخوري حارث خليل الذي يحتفل بنعمة خاصة من الله بمرور ستين سنة على خدمته الكهنوتية في هذه الرعية العزيزة، فشاهد عظائم الله في النفوس والعائلات، من خلال توزيع كلمة الله ونعم الأسرار وفي نموها وازدهارها، وفي الكنيسة الجديدة التي تحققت بفضل يد العذراء الخفية، وسخائكم، وسخاء المحسنين، وفي المستوصف الذي زرناه ونرجو له التطور من اجل تلبية حاجات المنطقة. وإننا نذكر كل الذين عملوا وتعبوا في هذا البناء، المهندسين والمقاولين والعمال وكل المحسنين. ونعرب لحضرة الخوري حارث عن كبير تقديرنا وشكرنا على خدمته المتفانية، وعن تهانينا القلبية بالستين سنة من حياته الكهنوتية، التي ظهرت من خلالها عظائم الله التي لا تحصى، ونهنئ عائلته، التي آزرته يدا بيد في خدمته، وكل أهل حراجل الأحباء، مع تمنياتنا له بالعمر الطويل والصحة التامة والخدمة والعطاء، وهو يسند الرعية بصلاته، ولرعية حراجل النعم والبركات الإلهية وكل خير وتقدم وازدهار”.
وتابع: “تعلمنا سيدتنا مريم العذراء في نشيدها: ان الله يحقق تصميمه الخلاصي بواسطة كل مؤمن ومؤمنة، ومريم هي المثال والقدوة وذروة هذا التعاون. اختارها الله لتواضعها: “تعظم نفسي الرب، لأنه نظر إلى تواضع أمته”، فالمتواضع المنفتح العقل والإرادة والقلب على سر الله تنكشف له إرادته ويعيش فرح الالتزام بطاعتها. تدعونا مريم إلى عدم الاعتداد بالنفس والقوة والمال والسلطة والنفوذ، لأن هذا الاعتداد يحول دون سماع صوت الله، وغالبا ما يؤدي إلى نسيانه، ووضعه جانبا، والاستغناء عنه. هذا نشهده لدى الذين تخلوا عن قداس الأحد الذي هو تقديس يوم الرب ولقاء شخصي وجماعي مع الله، وتخلوا عن تعليم الإنجيل وقيمه، وعن تعليم الكنيسة وتوجيهاتها، وانغمسوا في الروح المادية والاستهلاكية، وأضاعوا القيم الأخلاقية وقواعدها. وتؤكد لنا العذراء مريم أن الله أمين لوعده في الكتب المقدسة والإنجيل، ولو بدا لنا كأنه صامت وبعيد، فهو حاضر ويخاطب كل قلب”.
وأردف: ” هذه الكنيسة الرعائية الجديدة التي شئتموها كبيرة وجميلة، لتتسع لكم، إنما هي مدرسة إيمان وصلاة، ومكان لقاء مع الله، تصغون فيه إلى تجليات إرادته، وتنطلقون إلى عائلاتكم ومجتمعكم ومكان عملكم كمعاونين لتحقيق تصميمه الخلاصي الرامي إلى خير كل إنسان، الروحي والمادي والمعنوي. نشكر الله معا لأنه أشركنا، من خلال المعمودية والميرون، في رسالة المسيح الخلاصية، التي تعطي قيمة ومعنى لوجودنا المسيحي في لبنان وهذا المشرق. ومعا نرفع نشيد المجد والتسبيح، للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
الوصول
وكان قد أقيم للبطريرك الراعي استقبال شعبي حاشد رفعت خلاله صوره واللافتات المرحبة والأعلام البطريركية واللبنانية. كما قرعت الأجراس وعزفت الأناشيد والترانيم لفرق موسيقية كالأخويات والحركات الكشفية والرسولية.
وبعد أن ألقى الشاعر موسى زغيب قصيدة من وحي المناسبة في باحة الكنيسة، تحدث رئيس البلدية فقال: “إن زيارتكم لجرود كسروان ومباركتكم لأرضها ولشعبها دليل على ما في قلبكم من محبة، وفي رؤيتكم من اندفاع، وفي توجهاتكم من تمسك بالقيم والتجذر بالأصالة. إن زيارتكم يا صاحب الغبطة مع صحبكم الكرام ومع صاحب السيادة المطران أنطوان نبيل العنداري السامي الإحترام ستترك في أرجاء حراجل والمنطقة وفي نفوس أبنائها أثرا طيبا، وستطبع في قلوبهم مدى محبتكم لرعيتكم، لا سيما أن حراجل ليست رسما على الخريطة، بل هي القلب النابض بالحياة، والنخوة المتدفقة بالتضحيات، والشعب الملتزم دائما: الشهادة للايمان والاستشهاد من أجل لبنان”.
وأشار إلى أن “المسار التاريخي الذي انتهجتموه وأسلافكم العظام وسارت عليه بكركي، ودورها التوجيهي الوطني يعبران عن مدى وجوب السير والإلتزام بهما لأنهما خشبة الخلاص في كل زمان ومكان لشعب تواق الى البقاء في أرضه مهما غلت التضحيات وعظمت”، وقال: “باسم أهل حراجل وسكانها وفاعلياتها المدنية والروحية وباسم رفاقي أعضاء المجلس البلدي ومخاتير البلدة، يشرفني ويسعدني وأنتم تباركون أرضنا وبلدتنا أن أقدم لمن أعطى مجد لبنان مفتاح بلدة حراجل دليل تقديرنا واحترامنا وعربون محبتنا ووفائنا”.
خليل
من جهته، قال كاهن الرعية الخوري حارث خليل: “للتاريخ محطات تتجلى فيها إرادة شعب وعزمه على الاستمرارية وتصميمه على الدفاع عن المبادىء، ويربط هذه المحطات في ما بينها وفاء اهلها للتراث الماروني الانطاكي وتمسكهم بالايمان الكاثوليكي وبالصخرة التي بنيت عليها كنيسة المسيح”.
وعدد محطات عدة في تاريخ بلدة حراجل، لافتا إلى “أن المحطة السادسة في تاريخ حراجل هي حضور البطريرك لمباركة هذه البازيليك وأهل البلدة”، وقال: “إنها ليست المرة الاولى، فقد أنعم عليها ببركاته يوم كان نائبا بطريركيا وراعيا لأبرشية جبيل المارونية. أما اليوم فينعم عليها ببركاته وهو بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق”.
أضاف: “لولا موافقة البطريرك الراعي وتشجيعه، وبمعاونة ومساعدة المطران العنداري، لما تمكنت بلدة حراجل من تشييد هذه البازيليك”.
وطنية