ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا لراحة نفس المثلث الرحمة المطران روبرت شاهين في كنيسة السيدة بالصرح البطريركي ببكركي، عاونه فيه النائب البطريركي المطران حنا علوان، راعي أبرشية انطلياس المارونية المطران كميل زيدان، بمشاركة أساقفة الكنيسة والرؤساء العامين والرئيسات العامات، وفد من بلدة العربانية مسقط رأس المطران الراحل برئاسة رئيس البلدية والمختار وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان “أنا الراعي الصالح، أعرف خرافي وخرافي تعرفني (يو10: 14)”، قال فيها: “عندما وعد الله شعبه على لسان إرميا، “بإرسال رعاة وفق قلبه” (إرميا 3: 15)، تحقق الوعد بكماله في شخص يسوع المسيح الذي جاء يحمل الحياة وافرة لجميع الناس، ويهديهم إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم، ويحميهم من شر الأعداء والمعتدين، ويتفانى في سبيلهم، ويغمر كل إنسان بمحبته ورحمته. فشبه هذه الحقيقة بصورة يفهمها أهل زمانه الزراعي، وقال: أنا الراعي الصالح. أعرف خرافي وخرافي تعرفني (يو10: 14)”.
أضاف: “هذا الوعد الإلهي جدده الرب يسوع لكنيسته، وهو فيها “راعي الرعاة العظيم” (1بط5: 2)، فأرسل لها، عبر تاريخها، رعاة حقيقيين وفق قلبه، ومن بينهم المثلث الرحمة المطران روبرت شاهين، فبكثير من الأسى نودعه اليوم، رافعين هذه الذبيحة الإلهية لراحة نفسه، فيما أبرشية سيدة لبنان – لوس أنجلوس، التي كان راعيها لمدة اثنتي عشرة سنة، تقيم اليوم صلاة الجنازة والوداع في كاتدرائية سانت لويس، مع مطرانها سيادة أخينا المطران عبد الله الياس زيدان، وكهنتها وشعبها. إننا ننضم إليهم بالروح رافعين الصلاة، بشفاعة أمنا مريم العذراء، سلطانة الانتقال، وقد احتفلنا أمس بعيد انتقالها بالنفس والجسد إلى السماء، كي ينعم حبرنا، المخلص لله وللكنيسة وللناس، بالمشاهدة السعيدة، التي كان يتأمل فيها بالإيمان، ويتشوق إليها بالرجاء، ويجسدها بمحبته”.
وتابع: “المثلث الرحمة المطران روبرت شاهين يستحق حقا مجد السماء بفضل هذا الإخلاص الذي تميز به، فمنذ رسامته الكهنوتية بوضع يد المثلث الرحمة المطران فرنسيس الزايك في أيار 1964، راح يخدم رعية سانت لويس بولاية Missouri، التي كانت من دون كاهن مقيم لمدة عشرين سنة، وكانت كنيستها مؤلفة من أربع شقات سكن، فتفانى وضحى وجمع شمل المؤمنين الموارنة، ومعظمهم من بلدة حدشيت الشمالية، فتآزروا على بناء كنيسة St Raymond الجميلة، وهي على اسم شفيع بلدتهم مار رومانوس، وبيت لسكنى الكاهن، وقاعة راعوية ومركز لتقاعد الكهنة وللنشاطات الثقافية وللتعليم المسيحي على مساحة من أرض وأبنية كان قد اشتراها لهذه الغاية”.
وأردف: “أحبه أبناء الرعية، إذ وجدوا فيه وجه الكاهن المحب، السخي، المضياف، الغني بالصفات الإنسانية والروحية، وبكلمة وجه الراعي الصالح. شخصيته هذه تربى عليها مع أشقائه الثلاثة وليم وجون والمرحوم ريشارد، في البيت الوالدي على يد الوالدين المارونيين الملتزمين ألبرت وأيلين شاهين، وفي رعيته الأصلية مار انطونيوس Danbury بولاية Connectiut، وفي المدرسة الإكليريكية. وأحبه مطران الأبرشية آنذاك المثلث الرحمة المطران فرنسيس الزايك، ومحضه كل ثقته ورفعه إلى رتبة خوراسقف في سنة 1986. وبعد قسمة الأبرشية، أضحى مع الرعية تابعا لأبرشية سيدة لبنان لوس أنجلوس، ونعم بثقة راعيها المثلث الرحمة المطران جون شديد، الذي قدره وأحبه، كما كل كهنة الأبرشية، ورأوا فيه جميعهم وجه الأسقف العتيد”.
وقال: “في الواقع، عندما عينه القديس البابا يوحنا بولس الثاني مطرانا لأبرشية مار مارون سيدني سنة 1990، وكان من بين الأسماء الثلاثة المقدمة من سينودس أساقفة كنيستنا، اعتذر لدى الحبر الأعظم بسبب عدم إتقانه اللغة العربية، فيما الأبرشية في أوستراليا حديثة وفتية وتحتاج إلى أسقف يتكلم العربية، لكي يشعر المؤمنون بالارتياح والطمأنينة. ثم عندما قدم المثلث الرحمة المطران جون شديد استقالته سنة 2000، عينه القديس البابا نفسه في كانون الأول 2000 مطرانا لأبرشية سيدة لبنان – لوس أنجلوس. وتمت رسامته الأسقفية في 15 شباط 2001، في كاتدرائية مار لويس اللاتينية، بوضع يد سلفنا البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس، وعدد من المطارنة الموارنة والشرقيين واللاتين. بخدمته لهذه الأبرشية تجلى فيه أكثر فأكثر وجه “الراعي الصالح الذي يعرف خرافه وخرافه تعرفه” (يو10: 14). وقد اجتذب الجميع، كهنة ورهبانا وراهبات ومؤمنين، بمحبته وسخاء قلبه ويده، وبسهره وعنايته. وأقام أفضل علاقات المودة والتعاون مع الأساقفة من مختلف الأبرشيات والطقوس، في مجلس الأساقفة الأميركي، الذي كان ينتمي إليه”.
أضاف: “نحن من جهتنا في سينودس أساقفة كنيستنا، نفتقد إلى حضوره المحب والمحبوب، وكلمته اللطيفة الهادئة، ورأيه الواقعي، وعلى الأخص إلى حرارة محبته الصادرة من القلب لكل واحد منا. أجل، لقد “أرسله الله راعيا وفق قلبه” (إرميا 3: 15)”.
وتابع: “عندما بلغ سن التقاعد، قدم استقالته من إدارة الأبرشية في تموز 2013، فأرسل لها الله “راعيا آخر وفق قلبه” بشخص سيادة أخينا المطران عبد الله الياس زيدان، سليل جمعية المرسلين اللبنانيين وابن الأبرشية، فشمله الأسقف الجديد بكل احترام وعناية، ووجد فيه خير مشير في خدمته الأسقفية. وشمله بالعاطفة إياها سيادة أخينا المطران غريغوري منصور، راعي أبرشية مار مارون – بروكلين، فعاش سنيه الأخيرة بفرح وأسلم الروح بسلام في 9 آب الجاري، بين عيدي تجلي الرب وانتقال العذراء مريم إلى السماء، راجيا أن يلقى من رحمة الله ثواب “الخادم الأمين الحكيم” (لو12: 42)”.
وختم: “إني بالأصالة عن نفسي، وباسم إخواني السادة المطارنة، أعضاء سينودس أساقفة كنيستنا البطريركية الأجلاء، وباسمكم ايها المشاركون في هذه الليتورجيا الإلهية، نعرب عن تعازينا الحارة لأخوينا مطراني الأبرشيتين ولكهنتهما والرهبان والراهبات وسائر المؤمنين ولشقيقي أخينا الحبر الراحل وليم وجون شاهين وعائلتيهما وسائر الأنسباء الآتين من العربانية وسواها. ومعا نرفع الصلاة لراحة نفسه في مجد السماء، صحبة الرعاة الصالحين المتحلقين حول عرش المسيح الإله، “راعي الرعاة العظيم” (1بط5: 2)، سائلين الله أن يعوض على كنيستنا “برعاة صالحين وفق قلبه”، ورافعين المجد والتسبيح للثالوث القدوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
وطنية