دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الدول الصديقة إلى “أن تحافظ على الوجود المسيحي في العراق وسوريا وفلسطين”.
تحدث الراعي في عظة قداس الاحد الأخير في الديمان أمس، قبل اختتام فترة الصيف في المقر البطريركي الصيفي.
وحضر القداس الوزير السابق مروان شربل، والدكتور نزار يونس ومسؤول “القوات اللبنانية” في الولايات المتحدة جوزف جبيلي، ورئيس اتحاد بلديات بشري ايلي مخلوف، ومصلّون.
وبعد تلاوة الانجيل ألقى الراعي عظة دينية، وقال: “إن مشكلة مجتمعنا اللبناني اليوم هي التشبّثُ بالرأي الشخصي والنظرةِ الشخصية كأمرٍ مُطلق، ودعوةُ الآخرِ إلى السير بهما. هذا الواقع أوصل الكتلَ السياسية والنيابية الى مأزقِ عدم انتخاب رئيسٍ للجمهورية، وتعطيلِ النصاب في الجلسات الانتخابية. ينبغي أن يتّصفَ الرأيُ والنظرةُ بالنسبية، وأن يتحررَّ صاحبُها من مصلحته الخاصة ومن ذاته، لكي يتكامل مع الرأي الآخر والنظرةِ الأخرى المختلفتَين، فيُصار إلى صوغ الرأي الذي يجمع والنظرةِ التي توحّد، والقرارِ الذي يخدم الخيرَ العام. والآن، بعد خمسةِ أشهر وعشرِ جلسات انتخابية فاشلة، الأمرُ الذي يطعن في الصميم كرامةَ المجلس النيابي ولبنان وشعبَه، ندعو الكتل السياسية والنيابية الى مبادرات شجاعة قبل جلسة الثاني من أيلول المقبل، تبدأ بالتخلي عمّا يعوق اكتمال النصاب وانتخابِ الرئيس. والكتلُ أدرى بهذه العوائق الشخصية والفئوية”.
وأضاف: “لقد زرنا مسيحيي العراق الأربعاء الماضي، كما تعلمون، مع عدد من البطاركة، باسم بطاركة الشرق الكاثوليك والأرثوذكس، في مدينة أربيل بضاحيتها عنكاوه المسيحية، في إقليم كردستان. هناك التقيناهم حيث يعيشون باكتظاظٍ في الكنائس وداخل قاعاتها وتحت الخيم في ساحاتها وبالقرب منها، وفي هياكل أبنية غير مكتملة. ورأينا الاساقفة والكهنة والاكليريكيين والراهبات والمتطوعين يعيشون معهم ويخدمونهم بشكل منظم في أكلهم وشربهم ومداواة مرضاهم. شعبٌ يقبل واقعه بالألم والصبر والصلاة، وثقتُهم كلُّها بالكنيسة كجسر خلاص وعودةٍ الى بيوتهم وممتلكاتهم. والتقينا المسؤول عن الإيزيديّين وقدمنا مساعدة مادية لهم، وقد قتل تنظيم “داعش” العديدَ منهم، وسبى نساءهم. وما زال معظمُهم يعيشون في العراء في جبل سنجار.
وقد أعربنا في زيارتنا عن تضامننا الكامل مع الجميع، روحيًا ومعنويًا وماديًا؛ والتقينا رئيس إقليم كردستان السيد مسعود البارزاني، ورئيس الحكومة السيد نجيرفان البارزاني، فشكرناهما على حسن الاستقبال للنّازحيين، وقدّمنا اليهما مطالبَهم ونحن على أبواب الشتاء والمدارس والجامعات. وأطلقنا نداءً الى الأسرة الدولية نجدِّده معكم اليوم من هنا، ضامّين صوتنا الى صوت قداسة البابا فرنسيس وهو:
1 – أن تتعاون الأسرة الدوليّة مع السلطات العراقية والكردية وجيش إقليم كردستان “البشمركة”، بتغطية جويّة وسلاح متطوّر، من أجل تحرير الموصل وآبار النفط وبلدات سهل نينوى وقراه من سيطرة تنظيم داعش – الدولة الاسلامية والتنظيمات الإرهابية التكفيريّة المماثلة.
2 – أن تصدر عن منظّمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن قرارات تدين بالمطلق هذه التنظيمات الإرهابية التكفيرية، وتوجب على الدول التي تموّلها وتمدّها بالمال والسلاح الكفَّ عن هذا العمل المُدان، تحت طائلة المسؤولية، وتعيد المسيحيّين والإيزيديّين والأقلّيّات إلى أراضيهم وممتلكاتهم، وتحمي وجودَهم الأمني وحقوقَهم العائدة إليهم بحكم المواطَنة.
3 – أن تتولّى منظّمة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانيّة إعادة ترميم البيوت والكنائس والمؤسّسات التي خرّبها تنظيمُ “داعش” وأعوانُه، لكي يتمكّن المسيحيّون وسواهم من العودة إليها والعيشِ فيها بكرامة، وإقامةِ مشاريعَ إنمائيّة توفّر فرص عمل لهم، فلا يضطرّون إلى الهجرة والتخلّي عن ثقافتهم وحضارتهم ورسالتهم المسيحية التي يحتاج إليها العالمُ العربي اليوم أكثر من أي يومٍ مضى. لذلك ينبغي على الدول الصديقة أن تحافظ على الوجود المسيحي في العراق وسوريا وفلسطين”.
النهار