لم يتردد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لحظة واحدة في التوجه امس بقاعا الى بلدة القاع المتروكة لقدرها، والواقعة في أقاصي البقاع الشمالي على الحدود المتاخمة لسوريا، وهي واحدة من أكبر البلدات الكاثوليكية بعد زحلة، حيث قدم العزاء إلى أهلها مواسياً بشهداء البلدة الذين قضوا في الهجوم الإرهابي الذي استهدفها الشهر الماضي.
وكان البطريرك وصل الى البقاع الشمالي قرابة العاشرة قبل الظهر، وسط تدابير أمنية مشددة، يرافقه وفد من المطارنة والكهنة، وكانت محطته الاولى عند مفترق بلدة رأس بعلبك المتاخمة للقاع حيث كان في استقباله راعي ابرشيه بعلبك – الهرمل للروم الكاثوليك المطران الياس رحال وكاهن الرعيه الاب ابرهيم نعمو وأهالي رأس بعلبك الذين استقبلوه بنثر الأرز والورود. وانتقل بعدها الى القاع حيث استقبلته دموع أهالي الشهداء التي أثرت فيه كثيراً، الى جانب النائبين مروان فارس واميل رحمة وكاهن الرعية الخوري اليان نصرالله، ورئيس المجلس البلدي بشير مطر واعضاء المجلس، وقادة عسكريين، ووفد كبير من بلدة بتدعي برئاسة باتريك فخري والأهالي.
وفي صالون الكنيسة توجه بالتعزية الى أهالي الشهداء من دون ان ينسى الجرحى الذين نالوا بركته.
واوضح ان زيارته للقاع هي “كي نقول لكل الناس اننا هنا وسنبقى هنا، عمرنا من عهد المسيح وهذه المنطقة فيها حضارتنا وكتبنا عليها تاريخنا، وبتضامننا وتكاتفنا نحافظ على وجودنا، والدولة هي المسؤولة الأولى عن أمننا والمسؤولة الأولى عن حماية الوطن وكل مكونات لبنان، كما أنها مسؤولة عن كل ما يحصل. ولا شيء يحمي الاهالي إلا دولة القانون والحق التي تحافظ على كل المواطنين، دولة قوية ونافذة وتمارس العدالة، واذا لم تتكون الدولة بكل مكوناتها بدءاً من رئيس جمهورية وحكومة وجيش فلا يمكنها ان تعيش وتواجه كل التحديات الكبيرة التي تواجهنا”.
ووجه الراعي تحية الى الجيش والقوى الأمنية: “الجيش اللبناني والقوى الأمنية هم اكثر من يضحي من خلال الشهداء والمصابين الذين قدموهم، وعلى رغم الغصة في قلوبنا فنحن نعيد القاع بعيد مار الياس ونشكر العناية الإلهية، لأنه لولا الشهداء الخمسة لكانت الكارثة أكبر. فهم افتدوا بروحهم القاع وكل لبنان”.
وطالب باسم الاهالي بـ”معرفة من قتل أولادنا، وهذا حقنا وسنطالب به باستمرار”.
وألقى المطران رحال كلمة رحب فيها بالبطريرك وأكد “تمسك المسيحيين بهذه الارض المقدسة، كما سيبقون متمسكين بحماية قبور الشهداء بأرواحهم”. وقال: “نعيش مع اهل احباء يقفون بجانبنا، ونحن واياهم سنقف صفاً واحداً في وجه الارهاب والتكفيريين”.
وطالب طوني وهبه باسم أهالي الشهداء بإحالة ملف الجريمة على المجلس العدلي، واعتبر زيارة البطريرك “ترجمة ليكونوا ثابتين على ارضهم والتعايش مع اخوانهم المسلمين في المنطقة”.
وقال النائب فارس: “لم نعرف يوما من الايام في هذه المنطقة، لا مسلمين ولا مسيحيين، الطائفية أو المذهبية. فنحن نعيش عيشاً واحداً وشهداء القاع يمثلون كل لبنان”. وأضاف: “نرحب بكم ونرى في زيارتكم رسالة محبة ومودة. ونحن في لبنان نموذج في الوطن العربي للعيش الواحد وللوطنية”.
ثم توجه الراعي الى منطقة عيون أرغش، شمال غرب بعلبك عند أعتاب القرنة السوداء، حيث وضع الحجر الأساس لمشروعي المقر الصيفي لمطرانية بعلبك ودير الأحمر المارونية ومركز الرياضات الروحية، في حضور راعي ابرشية بعلبك ودير الاحمر المارونية المطران حنا رحمة ومطارنة وكهنة وفاعليات.
وحيا “كل الذين يساهمون في مشروع مركز الرياضات الروحية”، وشكر رابطة آل طوق في أوستراليا ورئيسها ديفيد طوق.
بدوره أوضح المطران رحمة أن المركز “أقيم لكل إنسان يختلي بربه، وسيكون مفتوحاً لكل الناس ليبقى لبنان وطن الرسالة والحضارة والانفتاح والعيش المشترك الواحد، والمثال الأهم أمام كل العالم”.
النهار
الرئيسية | أخبار الكنيسة | الراعي زار القاع معزياً بشهدائها وداعماً أهلها: لا يحمي المواطنين إلا دولة قوية نافذة
الوسوم :الراعي زار القاع معزياً بشهدائها وداعماً أهلها: لا يحمي المواطنين إلا دولة قوية نافذة