أقامت “مؤسسة البطريرك مار نصر الله صفير”، عشاءها السنوي في فندق هيلتون حبتور- سن الفيل، حضره الى البطريرك صفير، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والنائب نعمة الله ابي نصر ممثلا رئيسي مجلسي النواب نبيه بري والوزراء تمام سلام.
كما حضر العميد وليم مجلي ممثلا النائب الاسبق لرئيس الحكومة عصام فارس، النائب انطوان زهرا ممثلا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، رئيس الرابطة المارونية الامير سمير ابي اللمع، رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، القنصل العام لجمهورية مالاواي في لبنان انطوان عقيقي،المستشار السياسي للرئيس سعد الحريري الدكتور داوود الصايغ، اعضاء المؤسسة، وفاعليات.
الياس صفير
وكانت كلمة لرئيس المؤسسة الياس صفير قال فيها: “يشرفني ان أرحب بكم، في هذه العشية المباركة بحضور راعينا الحبيب وأبينا الجليل باسم اخواني في مؤسسة البطريرك نصر الله صفير التي تعتز بوجودكم، وتستمد من اهتمامكم القدرة على متابعة رسالتها في تقديم المساعدة لعدد من الطلاب والتلامذة الناجحين والواعدين في مختلف الاختصاصات العلمية.
اسمحوا لي بداية يا سيدنا البطريرك السابع والسبعين، حامل أمانة الكنيسة المقدسة، ومجسد الأمل اللبناني بالخلاص، ان أعتبر وجودكم بين محبيكم، علامة مزدوجة: فهي، في آن واحد، تأكيد لشعار الشركة والمحبة الذي أعلنتموه، والتزمتموه، واحتضان للمؤسسة التي تحمل اسم سلفكم أطال الله عمره فلكم ولاؤنا المطلق وعرفاننا الدائم.
في العام العاشر لتأسيسها، والتاسع لتولينا مسؤولياتها، يسعدنا ان تكون المؤسسة قد استطاعت تقديم مساعدات، لما يزيد عن ستمائة وخمسين طالبا تخرج حوالى نصفهم من كليات الطب والهندسة المعمارية والمدنية والحقوق والصيدلة والتمريض والمعلوماتية والعلم الانسانية، بفضل المساهمات التي نتلقاها، من أهل المعروف. وأنوه بالدعم الحيوي، الذي ما برح يقدمه لنا أصدقاء كرام أعزاء، في طليعتهم معالي الاستاذ ميشال اده، والدكتور طلال كمال الشاعر، والنسيب الغالي الدكتور سليم صفير، وغيره من ذوي الاريحية والمكرمات الذين نعتز بهم ونشكر غيرتهم جزاهم الله خيرا”.
ولفت الى انه “أكثر من أي وقت مضى نشعر اليوم بالحاجة الى إحياء القيم الاساسية، واستلهام الروح المحيي، للنهوض بلبنان وتحقيق تطلعات أجيالنا. فإنما بالوحدة الوطنية، نواجه التفرقة المذهبية، وبالتكافل الاجتماعي نرد على التفكك السياسي وبروح المحبة نبطل دعوات الكراهية.
كما اننا، بالإلتفاف حول جيشنا الأبي ودعم الشرعية، نوطد سيادة الدولة، نحمي مجتمعنا ونبني المستقبل الذي يطمح اليه شبابنا.
السبيل الى ذلك، هو العودة الى القيم الانسانية بالتربية والعلم، وهذا ما التزمته المؤسسة منذ البداية، وتستمر فيه بروح التضامن والإنفتاح.
أهلا بكم، وشكرا لكل الخيرين، حاضرين وغائبين، لان المساهمة في توفير العلم، هي المدخل العملي الى بناء المجتمع والدولة.
لقد أعطانا الله وطنا رائعا، فعلينا ان نستحقه، ونكون جديرين برسالته”.
سليم صفير
وتحدث الدكتور سليم صفير فقال: “لا يسعني، قبل ان أشرع في الكلام في هذه المناسبة الغالية على قلبي، الا ان أنحني إجلالا واحتراما، امام أرواح شهداء جيشنا البطل، وان أقدم الى حضرة العماد القائد جان قهوجي أحر التعازي، راجيا من الله ان يتغمدهم بوسيع رحمته، وان يمن على الجرحى بالشفاء، وان يعيد المخطوفين الى الوطن والى ذويهم.
أعود الآن الى كلمتي، في خانة “الفرادة” يصنف، ليس كمثل الرجال هو، صلابة إرادة على وداعة إيمان، جعلتا منه إعجازا، لا طاقة لنا على التمثل به.
رسخ ثقة اللبنانيين بوطنهم، يوم كاد ان يضيع الوطن، فكان قدوة ومرجعا ودرعا.
وثبت الخشوع في الصدور، هو الذي سلم الفادي مصيره، ومصير رعيته واثقا ان الخلاص لا بد آت.
تعالى على الجراحات والحساسيات وحمل هم لبنان، وحيدا، في ساحة غيب عنها أبطالها، فكان هو البطل الوحيد، وكان هو الترس الوحيد والسيف الوحيد في عالم عانى منه الوطن الصغير وظل واقفا، صامدا، حارسا على البوابة”.
ولفت الى ان “كل ما قيل وسيقال فيه، لن يفيه حقه، يكفيه انه تولى المسؤولية في أصعب مرحلة من تاريخ الوطن: يوم كثرت على اللبنانيين المصائب، يوم تنازعتهم الحروب والفتن وضغوطات الخارج والداخل، يوم قتل الناس، وتشردوا، وهجروا، وهاجروا، يوم خبا الإيمان وزادت المادية والأنانيات.
وظل هو هو، لكأنه، في ذلك الزمان، أتانا “عطية” من فوق. كبيرا تحمل المسؤولية الجسيمة يوم أوكلت اليه، وقبلها صامتا، وكبيرا اختار التنحي، بصمت ايضا ليكون واحدا من ثلاثة طبعوا عصرنا واختاروا الابتعاد عن الضوء طواعية، في وقت ارتأوه مناسبا: الجنرال شارل ديغول، البابا بندكتوس السادس عشر، وهو فاذ به على بساطته، لغز يستحيل سبر غوره، وان كنت تدرك انك أمام كتاب مفتوح لانه سهل ممتنع، ما يطمئننا سيدي انكم بيننا، وان الشعلة التي حملتم، تحملها اليوم يد أمينة على تراث بكركي ومصير الوطن ومستقبل بنيه”.
واردف: “يطمئننا سيدي ان قدر يانوح، وايليج ووادي قنوبين، محفوظ بأمانة لدى سيد بكركي، من له أعطي مجد لبنان، البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الحاضر بيننا، هو الحامل عبء وطن، ومصير شعب وخلاص أمة. محظوظون نحن لاننا شهدنا نعمة مضاعفة، فنحن عشنا عصر البطريركين.
أكثر من سبعين بطريركا، منذ يوحنا مارون والسلسلة أمينة على تراث الكنيسة المارونية، لم تفلح غزوات المماليك، ولا سواهم في منع شعلة الإيمان من نشر نورها، بحماية البطريركية المارونية، هكذا ستظل بكركي، عصية على كل انتقاد جارح او هجمة حاقدة، تعلو على الغايات الشخصية، لا تكترث لما يتناولها او يسعى الى التطاول عليها وها نحن أمام شاهدين على ما أقول”.
وختم: “صاحب الغبطة، نيافة الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، وجودكم بركة، وحلولكم بيننا هبة قد لا نستحقها، لكنكم ستظلون ابدا قدوتنا ورمزنا، فانتم لستم أرزة من الرب في وطن أرز الرب، بل انتم حارس الارز في لبنان، دمتم للوطن، ولنا”.
البطريرك صفير
والقى البطريرك صفير كلمة قال فيها: “نعم الله لا تحصى، واسمه مبارك الى جيل وجيل. أعطى ولم يبخل، أسبغ علينا مراحمه، فنحن مدينون له بكل ما أوتينا، ملتزمون خدمة مذبحه وشعبه. فالرعاية هي تقديم الذات اولا، وبذل النفس عن الرعية.
في كل شأن، روحي او زمني، السلطة مسؤولية، الحكم محبة، والمراكز أدوات الخدمة.
فكما ان الكهنوت نذر أبدي، لخدمة الناس، كذلك الحكم، التزام للخير العام. وان أفضل وفاء بعطاء الله، هو إشراك اخوتنا في ما أعطانا”.
واضاف: “الليلة، في الموعد السنوي للمؤسسة الاجتماعية التي تحمل اسمنا، وتقدم المساعدات لعدد من طلاب العلم، لكي ينضموا الى الشباب اللبناني، العامل في كرم الله والوطن، تتجه أفكارنا الى الآخر، الى المحتاج، الى المتألم والمحروم، الى المضطهد من أجل البر، الى المشرد، النازح واللاجىء، وندعو الله، سبحانه وتعالى ليقيم العدل ويحل السلام، عندنا وفي العالم.
ان لبنان يحتاج الى كل شعبه، وخصوصا الى جيل الشباب، الذي هو محط الامل بالمستقبل. لذلك يسعدني ان أرى المؤسسة بهمة رئيسها نسيبنا وطبيبنا المخلص، الدكتور الياس سعيد صفير، وشقيقتنا المحبة ميلاني، وأعضاء اللجنة الادارية الاعزاء، ومجلس الامناء الكريم، ان أراهم مستمرين في تحقيق هدف المؤسسة الاول، الذي هو تشجيع التربية والعلم باركهم الله”.
وتوجه الى الراعي قائلا: “ان وجودكم معنا، دليل محبة، واحتضانكم للمؤسسة بركة، لمتابعة رسالتها التربوية الوطنية. أخذ الله بيدكم، وحقق تطلعاتكم من أجل الكنيسة الجامعة ولبنان الواحد.
مع خالص الشكر، لكل من يساهم في تعليم شبابنا لانه يؤدي خدمة حيوية للمجتمع والوطن.
والدعاء الى الله تعالى، ليكلأكم جميعا بعنايته، ويحفظ لبنان وشعبه. آمين”.
الراعي
وتحدث الراعي فقال: “يد بيد لمجد لبنان، هذا الشعار الذي يجمعنا الليلة صاحب الغبطة حولك لانك الشخص الذي يجمع اللبنانيين، اجتماعنا اليوم هو محطة صغيرة لكنها كبيرة بأبعادها ومعانيها لانها تعني ان مجد لبنان يبدأ بانسانه من شبابه واطفاله وكباره ومن المسؤولين.
لبنان يتمجد عندما يعيش انسانه حرا، مكتفيا وسعيدا ويحقق ذاته، وهو ما ترجمناه بكلمتين شركة ومحبة”.
اضاف: “نحن اليوم نجتمع بفرح كبير حول سيدنا البطريرك صفير ولكن بغصة على شهداء من مواطنين يعتدى عليهم وكان اخر مرة في بتدعي، ومن شهداء للجيش يقعون باستمرار اضافة الى المخطوفين الذين يعتصر قلبنا عندما يعيش اهاليهم ساعات من الحزن والقلق، نقول لهم “نحن معكم” ونقدم التعازي لاهل الشهداء ولقائد الجيش الذي اعتدنا ان يكون معنا، فشكرا للمؤسسة التي جمعتنا ولكل القيمين عليها، ولكل من له اليد الطولى لدعمها لنساعد الطلاب”.
واردف: “نتطلع اليوم لشبابنا، وندعوهم للتعالي عن النزاعات والخلافات وان يعيشوا يدا بيد متضامنين وموحدين لمجد لبنان.
هذا ما سنطلبه من السياسيين باسمكم يا صاحب الغبطة وباسم كل اللبنانيين نقول لهم اليوم كفانا نزاعات وخلافات ندعوكم كافرقاء سياسيين ومتخاصمين ان تكونوا يدا بيد لمجد لبنان، لكن لبنان لا يتمجد بالانقسامات ولا بالخلافات ولا بالازمات السياسية والاقتصادية ولا بالفلتان الامني ولا بالفساد في المؤسسات العامة ولا بسرقة المال العام، لبنان لا يتمجد عندما يكون هناك قصر جمهوري مقفل الابواب، نقول لهم كونوا يدا بيد ليتمجد لبنان”.
اضاف: “من هنا احيي معكم لبنان بجناحيه المسلم والمسيحي واحيي الوجوه الاسلامية التي تشارك معنا، وقد تشرفنا بهم هذه هي رسالة لبنان ودوره يدا بيد مسلمين ومسيحيين في المساواة والاحترام المتبادل والتعاون الكامل لبناء الدولة، هذا ما نحتاجه في لبنان وفي العالم العربي الذي بات يتكسر من الداخل”.
وقال: “من دواعي سروري البيان الذي صدر اخيرا عن المؤتمر الذي عقد في الازهر الشريف، والذي مثلنا فيه المطران بولس مطر، والذي حضره اخواننا المسلمون الموجودون هنا، هذا البيان هو علامة يدل على ان الشرق هو بامس الحاجة لان يكون رسالة للقاء الاسلامي المسيحي، رسالة الحضارة والتعددية وشجب الارهاب وكل الحراكات، والتنظيمات التي تكسر قيمة الحضارة التي بنيناها سويا”.
وتوجه الى البطريرك صفير بالقول: “لقد علمتنا يا صاحب الغبطة ان لا نقول “اخ” فانت علمتنا ان نحمل الصليب ونسير الى الامام، لقد قلت يوما “لن اكون الحلقة التي تنكسر”، فلا يوجد يا سيدنا بطريرك شكل حلقة تنكسر بل حلقة تشتد امام المصاعب، مثل الارز الذي لا يقوى الا بالرياح العاتية والثلوج التي تغطيه كل شتاء.
هذه هي البطريركية سيدنا هكذا علمتنا وهكذا سنبقى، نحن لا ننسى تاريخ حلفائنا الذين علمونا الصمود امام الصعوبات، فلا نية سيئة لدى البطريركية هي لا تعتمد الشر لا بالوطن ولا بالناس، هي لا تحسد ولا تكذب ولا تضلل بل تصبر وتتحمل وتربي”.
وختم الراعي: “نحن لا ننسى البطريرك الذي حرق في ساحة طرابلس، ولا البطريرك الذي ضرب كف، فنحن لا ننسى ابدا، لكننا لا ننسى ايضا تلك الليلة التي قلت فيها: “سنبقى هنا لاننا شهود، وهكذا سنكون مهما صعبت الظروف، ونعمة الله تساعد كل انسان بالخير والحق والعدل فنحن حلقة لا تنكسر”.
وطنية