دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أمس، أهالي قرية كفر برعم الفلسطينية المارونية التي هجروا منها عام 1948، الى التمسك “بوجودهم على أرضهم”، وذلك خلال زيارته غير المسبوقة للاراضي المقدسة.
وقال في أثناء زيارته للقرية التي لم يبق فيها سوى كنيستها”حافظوا على وجودكم على أرضكم، فالانسان من دون وطن وهوية وتاريخ ورسالة لا وجود له، ولا تغضبوا لأنكم في الشرق المعذب، وأنا فرح بوجودي معكم”.
وأضاف بطريرك انطاكيا الذي بدأ زيارته للأراضي المقدسة في اطار رحلة البابا فرنسيس، “لا يموت حق وراءه مطالب، ومجيئكم الى قريتكم وترددكم كل سبت (يوم العطلة الرسمي في اسرائيل) على الكنيسة حق، وما حدث لقريتكم هو ظلم كبير”.
واضاف: “نحن معكم وسنساعدكم بكل ما عندنا، سنشتغل بواسطة الفاتيكان الذي يتعاون مع العالم، وسنوصل صوتنا الى البابا حتى يوصل قضيتكم إلى العالم. نحن كنيسة واحدة، ولا أريدكم أن تفكروا أنكم منقطعون عن العالم، هذه الكنيسة كنيسة حية”.
ورحب الشماس صبحي مخول من قرية كفر برعم بالراعي، مؤكدا أن “سيد بكركي ليس حصرا على لبنان واللبنانيين”.
وكانت قرية كفر برعم الفلسطينية المارونية دمرتها اسرائيل بكاملها قبل 56 عاما، وهجرت سكانها المقدر عددهم بـ1050 نسمة في تشرين الثاني 1948، وكنيسة السيدة في كفر برعم وكنيس قديم هما المبنيان الوحيدان اللذان لم يدمرا، وانتقل غالبية سكان كفر برعم الى بلدة الجش غرب مدينة صفد، فيما اقام البقية في بلدات اخرى في الجليل، كما عبر البعض الحدود القريبة للوصول الى لبنان.
وأشارت “رويترز” إلى أن الراعي زار حي يافا يوم الإثنين.
كفرناحوم
وكان الراعي ترأس قداساً في كنيسة مار بطرس في كفرناحوم على ضفاف بحيرة طبريا شمال إسرائيل، حضره لبنانيون فرّوا الى اسرائيل، وحمل بعضهم أعلاماً لبنانية، ووُضع علم لبناني كبير على مقربة من تمثال للقديس بطرس.
ولم يتوقّع عدد من اللبنانيين “الكثير” من زيارة الراعي وفق “وكالة الصحافة الفرنسية”، بينما رأى آخرون أنها “تعطينا احترامنا وترفع معنوياتنا”. وأوضح أحد اللبنانيين “اننا مظلومون” في اسرائيل، وقال آخر إنه جاء الى هناك وعمره 14 عاماً، و”أبي شهيد قتله حزب الله”.
والبعض ربما يعود الى لبنان “حسب الظروف”.
هدية أرثوذكسية
وكان البطريرك الماروني تلقى ذخيرة من عود الصليب المقدس التي تملكها كنيسة الروم الارثوذكس في القدس تقديراً لزيارته المدينة، قدمها اليه المطران عطاالله حنا الذي حيا الراعي على “رسالة السلام والمحبة والتضامن التي حملها الى الشعب الفلسطيني وعبر فعليا عنها بدعم قضيته”.
وتوجه حنا الى الراعي: “نحن نبادلكم بالمحبة والاحترام والخير، ونتضامن معكم في حمل هذه الرسالة ونتمنى الخير لكل منطقتنا العربية، لتنعم بالسلام والاستقرار، وللبنان الذي تحملون همه وتدافعون عن هذا البلد الذي وصفه القديس البابا يوحنا بولس الثاني بأنه رسالة. نقدم لكم ذخيرة الصليب المقدس لتوضع في البطريركية المارونية في بكركي لكي تكون بركة لكم من القدس ولابناء لبنان ولابناء كنيستكم”.
كما سلم حنا الى الراعي وثيقة “وقفة حق” التي تتضمن خريطة طريق لحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً.
من جهته، شكر الراعي باسم الكنيسة المارونية “المطران حنا والكنيسة الارثوذكسية على الهدية التي لا تثمن، والتي ستكون علامة ارتباط دائم مع الصليب ومع الاراضي المقدسة التي تجلى فيها الرب بحبه وبإنجيل سلامه”.
وقال: “نحن هنا ككنائس على تنوعنا الجميل، نحمل معا قضية انجيل السلام والغفران في كل المنطقة.
وإنّا نصلي من اجل حل القضية الفلسطينية التي بها يبدأ الحل في كل الشرق الاوسط.الشركة الروحية بيننا تتعمق وتتعزز، وكلنا صوت واحد ويد واحدة في حمل صليب الغفران والمحبة في هذا الشرق”.
النهار