ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في بكركي، عاونه المطارنة: بولس صياح، حنا علوان، سمير مظلوم وطانيوس الخوري، في حضور وفد فرنسي مؤلف من نواب البرلمان الاوروبي والبرلمان الفرنسي من مختلف الاحزاب السياسية ومن شيوخ وممثلي مؤسسات دينية وصحافيين ومن أعضاء جمعية التنسيق مع مسيحيي الشرق الاوسط في حالة الخطر الراهنة المعروفة بChredo، جمعية قلب يسوع في الدكوانة، تجمع عبرين – البترون الرياضي المعروف ب Gag، أسرة المرحوم النائب أوغست باخوس، أسرة المرحوم الياس فارس سعادة، وحشد من المؤمنين.
العظة
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان:”ألقوا الشبكة إلى يمين السفينة تجدوا” (يو 21: 6)، تحدث فيها: “عند طلوع الفجر كان يسوع القائم من الموت واقفا على شاطىء بحيرة طبرية، فيما التلاميذ يعودون من ليلة صيد فاشلة. جاء لمساعدتهم، ولإخراجهم من حالة فشلهم وتعبهم من دون جدوى. وبعد أن سألهم عما إذا كانوا أصابوا شيئا، وأجابوه بالنفي، وجههم وقال: “ألقوا الشبكة إلى يمين السفينة تجدوا” (يو21: 6). فكان الصيد العجيب. هذه الحادثة تتكرر يوميا مع كل شخص وجماعة، وبخاصة في حياة الكنيسة التي تظهر ملامحها في هذا الترائي”.
أضاف: “يسعدنا أن نحتفل معا بهذه الليتورجيا الإلهية، فنرحب بكم جميعا وبخاصة بجمعية قلب يسوع في الدكوانة، التي نقدرها، ونشكرها على صلاتها والتزامها، وبتجمع عبرين -البترون الرياضي المعروف بGag، الذي يهيىء مهرجانه الصيفي الرياضي التاسع عشر. ونحيي أسرة المرحوم النائب أوغست باخوس، ابن البوشرية، الذي ودعناه معها منذ أسبوعين. وقد خسرنا بغيابه وجه نائب مشترع من طراز أول، ومحامٍ لامع، وعامل نشيط من أجل الديموقراطية وحماية الدستور؛ ونحيي أسرة المرحوم الياس فارس سعاده، والد مدقق الحسابات الرسمي الذي نتعاون معه في الكرسي البطريركي والمؤسسات التابعة له. وقد ودعناه معهم هو ايضا منذ أسبوعين، وهو وجه المؤمن الملتزم في حياة الكنيسة ولا سيما عبر رهبنة مار فرنسيس الثالثة للعلمانيين في رعية زوق مكايل.إننا نصلي لراحة نفسي المرحوم النائب أوغست والمرحوم الياس، ونجدد التعازي لأسرتيهما ولسائر أنسبائهم الأحباء”.
وتابع: “يسعدني أن أحيي الوفد الفرنسي المؤلف من نواب البرلمان الأوروبي والبرلمان الفرنسي من مختلف الأحزاب السياسية، ومن شيوخ، وممثلي مؤسسات دينية، وصحافيين، ومن أعضاء جمعية التنسيق مع مسيحيِي الشرق الأوسط في حالة الخطر الراهنة المعروفة بChredo. هؤلاء جميعهم يزورون لبنان واربيل ومعلولا. نشكرهم ونتمنى لهم طيب الإقامة.
كما نرحب بأصدقائنا الفرنسيين الأعزاء من مجلس النواب والشيوخ وممثلي المؤسسة الدينية ومن الصحافيين ومن التجمع من أجل مسيحيي الشرق المعرضين للخطر. ونحن نثمن مبادرتكم لمصلحة مسيحيي الشرق، أتيتم لدعمهم على الصعيد المعنوي، الاجتماعي والسياسي، في بلدانهم التي تعاني من الحروب والصراعات والأزمات السياسية والضائقة الاقتصادية.انتم تشجعونهم على البقاء في أرضهم، وعلى الحفاظ على هويتهم وثقافتهم وانفتاحهم، وايضا على التعاون والاعتدال. نحن شاكرون لكم ونتمنى لكم إقامة طيبة في منطقتنا وفي لبنان”.
وقال: “إن الرب يسوع بقيامته من بين الأموات أصبح الحي بين جميع الأحياء. يطل في حياتنا في فجر كل صباح كما أطل على التلاميذ، لكي ينير عقولنا وقلوبنا في بداية نهارنا. فما أجمل استدعاءه بالصلاة ورفع العقل والأفكار والقلوب إلى الله، بنشيد القديس افرام السرياني: “أشرق النور على الأبرار، والفرح على مستقيمي القلوب. يسوع ربنا المسيح أشرق لنا من حشا أبيه، فجاء وأنقذنا من الظلمة وبنوره الوهاج أنارنا”.
وتابع: “لم يعرف التلاميذ يسوع أول الأمر، لا بجسده ولا بصوته، للدلالة أن جسده القائم من الموت لا يُعرف بعين الجسد، بل بعين الايمان والحب. عرفه يوحنا من آية الصيد العجيب، من عطيته السامية. وللحال قال لسمعان – بطرس “إنه الرب”. وإذا ببطرس كعادته، المميز بإيمانه الصخري بيسوع وبحبه الشديد له، لم يبال بالصيد العجيب، لأنه وجد كنزه الحقيقي الذي هو يسوع المسيح، فرمى بنفسه في الماء وأتى إلى يسوع. فهو غاية وجوده ومبتغاه في الحياة. لقد أعرب عن إيمانه المستنير في قيصرية فيليبس (راجع متى 6: 12-19). وسيعرب عن حبهالكبير في أعقاب هذا الظهور (راجع يو 21: 15-19)”.
أضاف: “نحن لا نرى وجه المسيح ووجه الله في هذه الدنيا وجها لوجه. بل نراه من خلال أعماله وعطاياه التي يغدقها علينا. يهبنا عطاياه المادية والروحية والمعنوية والثقافية لكي نعرفه أحسن، ونحبه أكثر، ونتقاسم عطاياه مع من هم محرومون منها، فنصبح يده المعطاء وقلبه المحب. مشكلة الانسان، التي تؤدي إلى الخطيئة تجاه الله والناس، هي أنه يتعلق بالعطية وينسى الله معطيها (راجع مثل الابن الضال، لو 15: 11-32)”.
وتابع: “جماعة التلاميذ، بقيادة بطرس وبرأسها الموجه يسوع المسيح، ترمز إلى الكنيسة التي تبحر كالسفينة في هذا العالم، على مدى تاريخ البشر، تصطاد الناس لملكوت الله بشبكة الإنجيل، كما قال الرب للتلاميذ الأول عندما دعاهم وهم يلقون شباكهم في البحر لصيد السمك، “ليكونوا صيادي بشر” (راجع متى 4: 18-21)”.
وقال: “في حادثة الصيد العجيب، ظهرت ملامح الكنيسة في أربعة عناصر:
الأول: يسوع الحاضر على الشاطىء يوجه التلاميذ في عملية الصيد، هو إياه يوجه الكنيسة، رعاة ومؤمنين ومؤسسات.
الثاني: إعداد الجمر والسمك عليه والخبز يرمز إلى عناية المسيح بكنيسته في كل احتياجاتها من أجل أن تقوم برسالتها.
الثالث: قيادة بطرس، التي قلده إياها الرب يسوع، تتواصل في شخص البابا أسقف روما واساقفة الكنيسة، على اساس الإيمان الثابت بالمسيح، والحب الشديد له.
الرابع: عدد السمك، 153 سمكة كبيرة والشبكة لا تتمزق، هي الكنيسة بشموليتها تنفتح على جميع الشعوب، ولا يستطيع احد ان يمزفها، فهي منتصرة بقوة مسيحها. وكما وعد بطرس “وابواب الجحيم لن تقوى عليها”.
أضاف: “من واجب الكنيسة، برعاتها وأبنائها ومؤسساتها، أن تكون حاضرة في مجتمعاتها على مثال المسيح رأسها، لتساعد بشتى الطرق والوسائل المتاحة على إخراج الناس من حالات الحرج والحاجة والحرمان والفقر والفشل، على كل صعيد، ماديا كان أم روحيا أم ثقافيا أم إنسانيا. الكنيسة ملتزمة بهذه الرسالة منذ تأسيسها، فيما الحاجات تتفاقم عندنا بداعي الحرب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وبسبب إهمال المسؤولين عن الشأن العام وسياسة البلاد لواجبهم في تأمين الخير العام”.
وتابع: “فنحن في لبنان بلغنا إلى درجة غير مقبولة على مستوى الاداء السياسي والحالة الاقتصادية المتردية، والانحطاط الاجتماعي والأخلاقي، والأوبئة بنتيجة التلوث البيئي، وتزايد نسب الفقر لدى الشعب، ونزيف هجرة الأدمغة وقوانا الحية. لقد آن الأوان للخروج من التصلب في المواقف وحالة اللاثقة ورهن البلاد للمصالح الشخصية والفئوية. لقد دعونا، باسم الشعب اللبناني وندعو من جديد، الكتل السياسية والنيابية، للقيام بواجبهم الدستوري الأساسي والأول لانتخاب رئيس للجمهورية لكي تعود الحياة إلى المؤسسات العامة وتدخل الدولة في خط النهوض من معاناتها. وآن الأوان أيضا لأن تطرح هذه الكتل معا السؤال حول الأسباب التي تحول دون اكتمال النصاب وانتخاب الرئيس، وبروح المسؤولية والتجرد والإرادة الحسنة، والولاء للوطن، فيقوم كل فريق بالخطوة الفعلية اللازمة نحو المخرج من أزمة الفراغ الرئاسي وما يتصل به من عقبات”.
أضاف: “يجب أن يستفيد المسؤولون السياسيون في لبنان من هذا الكم من الزيارات الرسمية التي يقوم بها في هذه الأيام مسؤولون من مختلف الدول الصديقة، وكلهم حريصون على خير لبنان، دولة وكيانا، شعبا وقيمة ورسالة. يندرج في هذا الخط حضور الوفد الأوروبي والفرنسي الحاضر معنا هنا، وزيارة الرئيس الفرنسي السيد فرنسوا هولاند الذي أُسعدت بلقائه في جلسة عمل صباح اليوم في قصر الصنوبر في بيروت، وسلمته مذكرة خطية حول الشأن الوطني والإقليمي أسوة بأسلافي البطاركة. كما يندرج في هذا الخط أيضا وفد نواب البرلمان الفرنسي من مجموعة الصداقة الفرنسية – اللبنانية الذي زارنا الأربعاء الماضي، ومن قبله بأربعة أيام وفد رسمي من المانيا، ومنذ أسبوع وفد من نواب في البرلمان الأوروبي. وقد عقدنا مع كل وفد منهم جلسة عمل حول الأوضاع في لبنان ومنطقة الشرق الأوسط. ولمسنا لدى الجميع جدية الاهتمام بلبنان وبإخراجه من ازمته ومن كبوته”.
وختم الراعي: ” ظهور الرب يسوع، الذي أدى إلى الصيد العجيب وفرح التلاميذ، يشكل وجها
من الرحمة الإلهية التي نحتفل بها بيوبيل سنة الرحمة المقدسة. فليكن عمل الرب يسوع الرحوم متواصلا فينا وفي الكنيسة، في رعاتها وأبنائها ومؤسساتها، بحيث نعمل معا على مساعدة كل من هم في حاجة مادية أو روحية أو ثقافية، ويعيشون بقربنا. وبذلك نبني مجتمعا أكثر إنسانية يرتفع منه نشيد المجد والتسبيح للاله الواحد والثالوث، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
استقبالات
بعد القداس، استقبل الراعي وفدا من تجمع Gag عبرين -البترون الرياضي برئاسة رئيس التجمع الفخري البروفسور جورج شاهين ورئيس التجمع الزميل شربل ضرغام والاعضاء وعلى رأس وفد يتقدمه عضو مجلس الأمناء في التجمع الوزير والنائب السابق جان عبيد ممثلا بشقيقه ايلي عبيد وعدد من فعاليات قضاء البترون.
وألقيت كلمات بالمناسبة، وقدم الوفد درعا تقديرية للراعي، ووجها له الدعوة للحضور والمشاركة في مهرجانه الرياضي الصيفي السنوي التاسع عشر والذي سيقام في منتصف شهر آب المقبل.
وطنية