ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا احتفاليا في دير راهبات القربان الاقدس -المرسلات في بيت حباق قضاء جبيل، لمناسبة افتتاح سنة اليوبيل الذهبي للجمعية، بدعوة من مؤسسها المونسونيور اميل جعارة والرئيسة العامة الام منى ماري بجاني، عاونه فيه النائب البطريركي العام المطران حنا علوان، راعي ابرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، الخوري رينيه جعارة ومرشد الجمعية الاب مارون مبارك، وخدمته جوقتا مؤسسة “فتاة لبنان” و”ارزة لبنان” بقيادة فادي ابي هاشم، بمشاركة المطارنة منجد الهاشم، سمعان عطالله وجورج بو جودة، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي نعمة الله الهاشم، رئيس كاريتاس لبنان الاب بول كرم ولفيف من الكهنة والاباء.
حضر القداس وزيرة شؤون المهجرين اليس شبطيني، السفير السويسري فرانسوا باراس، النائب عباس هاشم، المفتش العام القضائي مالك صعيبي، النائب السابق شامل موزايا، قائمقام جبيل نجوى سويدان فرح، رئيس مجلس الادارة المدير العام لامتياز كهرباء – جبيل ايلي باسيل، رئيس مركز الامن العام النقيب بيار افرام، آمر مفرزة جونية القضائية المقدم طوني متى، آمر فصيلة درك جبيل الرائد كارلوس حاماتي، مستشار وزير الطاقة والمياه ارثور نظريان جان جبران، قائد الدرك السابق العميد الياس سعادة، رئيس رابطة مخاتير قضاء جبيل ميشال جبران، عضو المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” ناجي الحايك، رئيس اللقاء الوطني في جبيل سايد درغام، الامين العام الاسبق لحزب “الكتلة الوطنية” جان الحواط، المرشح لمركز نقيب المهندسين في بيروت بيار جعارة، المدير الاقليمي لبنك بيبلوس – جبيل جورج خوري، رئيس جمعية “آنج الاجتماعية” اسكندر جبران وفاعليات.
مبارك
بداية، القى المونسونيور رزق الله ابي نصر كلمة ترحيبية تلاه الاب مبارك الذي قال: “تاريخ تأسيس الجمعية يتوافق مع عيد ارتفاع الصليب المقدس الذي يضفي على رسالتنا معنى التضحية والبذل تجسيدا للحب الكبير، لانه “ما من حب اعظم من ان يبذل الانسان نفسه في سبيل احبائه ” (يو 15/13). فاليوم ، وفي مشاركتنا ذبيحة القداس، نحتفل بهذا الحب الذي علمنا الرب في محبته لنا واوصانا ان نحيا به نحو بعضنا، فنسأله تعالى ان يزيدنا من هذا الحب لنكمل مسيرتنا القربانية في خدمة القربان الحاضر في كل من نلتقيهم ونعمل على زرع السعادة في قلوبهم”.
وختم متمنيا “ان تكون هذه المناسبة اليوبيلية في عيد ارتفاع الصليب، منبع سلام وحافز خير وفيض بركة علينا جميعا وعلى كل محبي الله”.
عون
ثم تحدث المطران عون مرحبا بالبطريرك الراعي وقال: “في غضون عشرة ايام تتبارك ابرشيتنا العزيزة بقدومكم الرابع اليها وباعطائكم اياها البركة، واليوم نفرح مع راهبات القربان بالاحتفال بيوبيلهن الذهبي ونشهد مع غبطتكم على ثمار الخمسين التي نشهدها في مجالات عدة الرعوية والتربوية والخدمة الانسانية، واهم شيء في عبادة القربان وإعطاء هذا الدفع بين المؤمنين لتكون هذه العبادة نبع نعم في حياة الاشخاص، وربما في ثمار هذا الاحتفال ما ارادت الراهبات ان يطلقن عائلة قربانية بين عائلاتنا على مثال الرهبانية السادسة من العلمانيين”.
واضاف: “اليوم نفرح بقدوم غبطتكم تباركون الابرشية التي تحبكم والتي لها في قلبكم مكانة مميزة لانكم كنتم فيها 23 سنة، الراعي الغيور الذي يعرف خرافه وخرافه تعرفه وتسمع صوته لانكم كنتم الراعي الصالح المحب ولا نزال نشهد الثمار العديدة التي زرعتم بذورها في هذه الابرشية. ولكن اليوم فرحتنا ناقصة بسبب عدم وجود الاب المؤسس المونسونيور اميل جعارة في ما بيننا، حيث هو في المستشفى في غرفة العناية الفائقة، نحمله في صلاتنا ونشكر الرب على هذه الجمعية التي ألهمه الرب لكي يؤسسها منذ خمسين سنة، ونطلب له الشفاء ليعود ويكون بين الراهبات ذخيرة ايمان يعطيهن القوة ليبقوا في رسالتهم”.
وختم:”اهلا وسهلا بكم يا صاحب الغبطة، تباركون هذا الجمع الذي يلتقي حول الراعي ليسمع صوته ولكي تطلقون هذا اليوبيل فيكون للجمعية ولابرشيتنا نعمة هذه السنة ونطلب من الرب ان يلهم صبايا يجبن بنعم لدعوة الرب لتزيد الراهبات وتكون راهبات جدد ايضا في هذه الجمعية”.
الراعي
بعد الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان “ان ابن الانسان لم يأت ليخدم بل ليخدم ويبذل نفسه فدى عن الكثيرين، وقال: “بهذا الكلام، أنهى الرب يسوع جوابه لمطلب التلميذين يعقوب ويوحنا، بالجلوس عن يمينه ويساره. فدل إلى الطريق المؤدِّي إلى مجد السماء وهو الخدمة وبذل الذات من أجل جميع الناس، أكان في العائلة أم في المجتمع، أم في الكنيسة أم في الدولة. فكل مسؤولية، كبيرة كانت أم صغيرة، إنما تمارس بالخدمة وبذل الذات: “فابن الانسان (يسوع المسيح) لم يأت ليخدم، بل ليخدم، ويبذل نفسه فدى عن الكثيرين”.
اضاف: “يسعدنا جميعا أن نحتفل مع جمعية راهبات القربان الأقدس المرسلات بيوبيل تأسيسها الذهبي. فنرفع ذبيحة الشكر لله، مع مؤسِّسها حضرة المونسنيور إميل جعاره ورئيستها العامة ومجلس المشيرات وسائر الراهبات، ومع مؤسَّساتها التربوية والاجتماعية والراعوية، وكل أسرتها، على الخمسين سنة من حياة الجمعية وعلى النعم التي أفاضها الله عليها، وعلى كل الخير المتنوِّع الذي قامت به في الرعايا وفي مؤسساتها ومراكز خدمتها. وبهذا الاحتفال نفتتح سنة اليوبيل الخمسين، وشعاره: شعاع وإشعاع. فالشعاع هو المسيح في سر القربان ينبوع المحبة والرحمة وموهبة الجمعية، والإشعاع هو شهادة الراهبات ومؤسساتها ومراكز خدمتها وحقول رسالتها، التي تعكس إشعاع المسيح الرب”.
وتابع: “تستذكر الجمعية وأسرتها نعم الله وبركاته وخيراته المفاضة منذ ما بدأ المؤسِّس المونسنيور إميل جعاره، في السنة الرابعة من كهنوته، بإنشاء مؤسَّسة فتاة لبنان الاجتماعية في مدرسة عين ورقه البطريركية سنة 1956. وبعد عشر سنوات في 14 ايلول 1966، أسس جمعية راهبات القربان الأقدس المرسلات، ويومها، تمت رتبة ارتداء الثوب الرهباني لأولى ثماني مبتدئات. ولخص روحانية الجمعية بثلاثة مواصفات: إنجيلية، قربانية، رسولية. فتستمد الراهبات نورهن من الإنجيل، وتقربن ذواتهن قربانا للقربان في أعمالهن، وتخرجن للرسالة مرسلات من المسيح الذي أرسله الآب. وحدد الأب المؤسِّس أهدافها بأربعة: العبادة الدائمة للقربان الأقدس، ومساعدة الكهنة في رعاياهم روحيا ورسوليا، وتربية النشىء، ولا سيما الفتيات، على الفضائل المسيحية والقيم الإنسانية، وعناية خاصة بالفقراء واليتامى. والكل تحت شفاعة العذراء مريم سلطانة الرسل والعذارى”.
وأضاف: “نشكر الله مع الجمعية على عنايته بها، وهي، في سنة اليوبيل الذهبي، تجدِّد التزامها بموهبتها الخاصة الإنجيلية – القربانية -الرسولية، وبتفانيها في الخدمة عبر مؤسساتها ومراكزها، وتقف وقفة إصغاء لنداءات المحبة التي تأتيها من المسيح في سر القربان، ومن حاجات الكنيسة والمجتمع، وهي تتطلع نحو المستقبل”.
وقال: “لقد تحقق فيها مثل حبة الخردل التي وهي “أصغر جميع الزروع، حين تزرع في الأرض، ترتفع وتصير أكبر جميع البقول، فتنبت أغصانا كبارا، حتى لتستطيع طيور السماء أن تبيت وتعشعش فيها” (مر4: 31-32). هكذا انطلقت الجمعية صغيرة مع مؤسسة فتاة لبنان الاجتماعية في عين ورقه – غوسطا، وراحت تكبر شيئا فشيئا مع ثانوية فتاة لبنان هنا في بيت حباق بفرعيها التعليمي العام والمهني، بالإضافة إلى المستوصف. ثم مع فواييه فتاة لبنان في كفرمسحون، ومزار أم المراحم في مزيارة، فكنيسة القلب الأقدس بدارو بيروت، فمع مركز مار مارون جعيتا للنشاطات الراعوية، ومركز عين الدير- أهمج للرياضات، وصولا إلى دير المسنين في مدينة بورتو ألغيري في البرازيل. أجل، على كل هذه المؤسسات والخير الناتج عنها، نرفع الشكر لله مع راهبات القربان الأقدس المرسلات، ومع جميع المعاونين فيها والمحسنين، وكل الذين ينعمون من خدماتها المتعددة والمتنوعة”.
واشار الراعي الى ان “إبن الإنسان لم يأت ليخدم، بل ليخدم، ويبذل نفسه فدى عن الكثيرين” (مر10: 45). المسيح الرب والمعلم أعاد للسلطة جوهرها وغايتها. وهما الخدمة حتى بذل الذات، وتأمين الخير العام، الذي منه خير الجميع وخير كل إنسان. وجعل نفسه مثالا في ممارسة السلطة. في هذا الضوء، تسمى السياسة فنا شريفا، لسببين: الأول، لأنها تتأصل في النظام الطبيعي الذي وضعه الله الخالق، من أجل أن يعيش الناس في جو من الطمأنينة والعدالة والسلام؛ والسبب الثاني، لأنها موجهة لخدمة الإنسان المخلوق على صورة الله، وتأمين حاجاته الإنسانية”.
وتابع: “لقد شجب الرب يسوع سوء ممارسة السلطة كتسلط واستبداد، كما شجب إهمال الواجبات التي تقتضيها، واستغلال السلطة ومقدراتها من أجل مصالح خاصة وفئوية، والأسوأ من ذلك من أجل سرقة المال العام، وإخضاع معاملاتها الإدارية للرشوة. كما شجب السعي الى السلطة والاحتفاظ بها لاباحة كل الوسائل، ولو مخالفة الدستور والديمقراطية، كما يفعل “رؤساء الامم واربابها وعظماؤها والمسلطون عليها” (مر 42:10). اما النهج الجديد الذي ادخله المسيح الى العالم فهو الذي مارسه هو الاله المتجسد: كما ان ابن الانسان لم يأت ليخدم بل ليخدم ويبذل نفسه فدى عن الكثيرين. فمن اراد ان يكون فيكم الكبير، فليكن لكم خادما”.
وتطرق الى الاوضاع السياسية في البلاد قائلا: “يندرج في هذا الإطار من الشجب إهمال الكتل السياسية والنيابية عندنا واجب إنتخاب رئيس للجمهورية منذ الخامس والعشرين من آذار 2014، أي منذ سنتين وخمسة أشهر. الأمر الذي تسبب بفراغ سدة الرئاسة الأولى وتعطيل عمل المجلس النيابي عن التشريع، وشل الحكومة عن اتخاذ التدابير الإجرائية، وانتشار الفوضى والفساد، وإفقار الشعب، وإقحام خيرة قوانا الحية إلى الهجرة”.
وتساءل: “هل السياسة في لبنان أضحت ترفا في التعطيل والمقاطعة والتصعيد وإفقاد المواطنين وخصوصا الشباب ثقتهم بوطنهم؟ هل يدرك ممارسوها بهذا الشكل حجم الضرر الاقتصادي والتجاري والصناعي والسياحي والزراعي الذي يتسبَّبون به مباشرة بعدم انتخاب رئيس للجمهورية؟ فلا يمكن لأي لبناني مخلص أن يسكت عن كل هذا الهدم الآخذ في الشمولية”.
وطالب الكتل السياسية والنيابية “بوقفة وجدانية للاصغاء إلى صوت الضمير الوطني”، ودعا المواطنين المخلصين من مختلف قطاعات المجتمع المدني “إلى القيام بمبادرات إنقاذية داخلية وخارجية تساند مساعي البطريركية ومطالبها”.
واضاف: “ويندرج أيضا في إطار الشجب الإنجيلي إستمرار دول إقليمية ودولية في إذكاء نار الحرب والنزاعات في فلسطين والعراق وسوريا واليمن، وتقاعسها عن واجب إيقاف الحروب والنزاعات القائمة، وعن إيجاد حلول سياسية لها، وعن العمل الجدي لإحلال سلام عادل وشامل ودائم في منطقة الشرق الأوسط، ولإعادة جميع النازحين واللاجئين والمخطوفين إلى أوطانهم وبيوتهم وممتلكاتهم، فينعموا بجميع حقوقهم كمواطنين”.
وختم الراعي:”إننا في جو هذا اليوبيل المليء بالصلاة والنعم، نرفع صلاتنا من أجل أن يقوم كل واحد وواحدة منا بواجبه حيث هو بروح الخدمة المتفانية. ومنذ الآن نضم صلاتنا من أجل السلام إلى صلاة قداسة البابا فرنسيس التي سيرفعها إلى الله في احتفال خاص، من قرب ضريح القديس فرنسيس الأسيزي، يوم غد الثلاثاء، وسنشاركه فيها من لبنان مجتمعين في مزار سيدة لبنان حريصا في مساء اليوم نفسه، ونشيد الشكر والتسبيح للثالوث الأقدس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.
وفي نهاية القداس القت الام الرئيسة كلمة شكرت فيها للراعي رعايته الاحتفال، شارحة الدور والنشاطات الذي تقوم بها الجمعية منذ تأسيسها.
بعد ذلك افتتح الراعي والحضور المعرض الذي يجسد عمل الجمعية.
وطنية