إحتفلت الرهبانيّة الأنطونيّة المارونيّة، يوم السبت ٢٥ تموز ٢۰١٥، بترقية ثلاثة من الرهبان الأنطونيين: جورج أبو نصر وحبيب تنوري وبيار الخوند، إلى الدرجة الكهنوتيّة، بوضع يد صاحب السيادة المطران موسى الحاج، رئيس أساقفة أبرشية حيفا والأراضي المقدسة المارونية، في الكنيسة الكبرى لدير مار الياس – انطلياس.
حضر الاحتفال، إلى جانب الرئيس العام للرهبانيّة، الأباتي داود رعيدي، المطران سمعان عطاالله، رئيس أساقفة أبرشية بعلبك – دير الأحمر المارونية، والآباء المدبّرون، وأهالي الكهنة الجدد، وحشد من الفعاليات الروحيّة والمدنية والاجتماعية وكهنة ورهبان وراهبات وأصدقاء ومؤمنين، خصوصاً من بلدات الكهنة الجدد ومناطق خدمتهم الرسوليّة. وقد تولى الخدمة الإلهية جوقة الجامعة الأنطونية بإدارة المايسترو الأب توفيق معتوق الأنطونيّ.
وبعد أن قدّم الاحتفال الأب الياس كعوي وعرّف بالكهنة الجدد، دخل المطران الحاج الكنيسة يحيط به الأباتي داود رعيدي والأباتي أنطوان راجح والأب روبير معماري، والشمامسة المرشحون للكهنوت، يرافقهم عرّابوهم: الأباتي بولس تنوري والأبوان ماجد مارون، وميشال القزي.
وخلال القداس، وقبل المناولة الإلهية، قدّم الأباتي رعيدي الشمامسة أبو نصر وتنوري والخوند، فباركهم المطران الحاج ليبدأ رتبة الرسامة، حيث وضع يده عليهم ليمنحهم النعمة الإلهيّة ويمسح أيديهم بالميرون المقدّس ويوشّحهم بالشارات الكهنوتيّة ويضع على رؤوسهم الكأس المقدسة ليطوفوا بها في أرجاء الكنيسة وبين المؤمنين الذين واكبوهم بالدعاء والتصفيق والتهليل والزغاريد.
وبعد أن ناول المطران الراسم الكهنة الجدد، توزّعوا في الكنيسة ليقدموا خبر الحياة أولاً لوالديهم ومن ثم لجميع المؤمنين.
وألقى المطران موسى الحاج عظة المناسبة، هذا نصّها:
” إنه يوم مميّز في حياة إخوتنا الشمامسة الثلاثة، جورج وبيار وحبيب، الذين سيقبلون اليوم درجة الكهنوت المقدّس، على يدي أنا الضعيف، وهذه أول رسامة أقوم بها بعدما تعرّضت السنة الماضية لوعكة صحيّة قبيل سيامة أربعة من إخوتنا الرهبان الأنطونيّين. مناسبة تعود بي إلى خمسة وثلاثين عامًا، يوم وقفت في باحة دير مار أشعيا شمّاسًا، ونلت نعمة الكهنوت المقدّس، واليوم أطلب منكم الصلاة لأجلي لنبقى، إخوتي الكهنة الجدد وأنا، أمينين على الدعوة التي دُعينا إليها.
هذه المناسبة تكلّمنا بذاتها. إخوتنا الثلاثة ينالون اليوم الروح القدس، وسوف يتغيّرون من بشر عاديِّين إلى رسل أقوياء بقوة الذي يقوّيهم، إلى مكرّسين لنشر الإنجيل المقدّس طوال حياتهم، من خلال تكرسهم في الرهبانيّة الأنطونيّة المارونيّة.
يوم رُسمت كاهنًا كان عدد الرهبان الأنطونيّين لا يتجاوز الخمسين، أمّا اليوم فالعدد يفوق بأضعاف كثيرة ما كنّا عليه سابقًا، ويناهز 170 راهباً، وهذه نعمة من الربّ على الرهبانيّة الأنطونيّة كما على سائر الرهبنات الذين يشهدون بحياتهم للملكوت عبر رسالات متنوّعة. وبقدر ما تكون الرهبانيّة أمينة في عيشها لدعوتها فإنّ استمراريّتها تكون مضمونة. نشهد اليوم اندثار بعض الرهبانيّات في الغرب لانتفاء الدعوات الجديدة لديها، والتي تعتبر أن دورها ورسالتها في الكنيسة لم يعد لها من مبرّر، فبدأت بتصفية أملاكها وأديارها. بالمقابل هناك جماعات رهبانيّة جديدة تنشأ بأساليب جديدة هدفها العيش بروح الأخوّة والأمانة للإنجيل وتعاليم الكنيسة، وهي تنتشر بكثافة في الكنيسة ولدينا نماذج جديدة عندنا هنا في لبنان والشرق. فلنُمجِّدِ الله على هذه النعمة في كنيسة المسيح على أنّه يُرسِلُ إليها كهنة على حسب قلبه منذ الفي سنة ومن دون انقطاع وعلى إرساله كهنة رهبان منذ التأسيس وحتّى يومنا هذا.
لقد لبّيتم دعوة المسيح لكم بعدما سمعتم نداءه يقول “إتبعني” واليوم يرسلكم أمامه للتعليم والتبشير والتدبير. والجدير بالذكر أنّ المسيح دعا إلى تركه أكثر ممّا دعا إلى اتّباعه. رفض مثلاً ممسوس الجراسيّين بأن يتبعه، وكذلك الشابّ الغنيّ وغيره، بينما قبل برطيما الأعمى ليتبعه في الطريق أي إلى أورشليم وإلى الصليب. يدعوكم يسوع كما الرسل والتلاميذ لاتّباعه كتلاميذ يشاركون في إعلان ملكوت السماوات.