من يستمع الى رؤية وزير الإعلام ملحم الرياشي، يشعر بأنه يقدم أفكارا ثورية للنهوض بوسائل الاعلام لتبقى قادرة على الاستمرار والصمود وجبه أزماتها المالية. يعمل على سلسلة من المشاريع والقوانين لدعم الصحف في بلد عريق في هذا الحقل، مؤكدا أن “من واجبات الدولة دعمها”. ويرى أنه لا بد في نهاية المطاف من تأمين حياة كريمة للصحافي وجمع كل المحررين تحت مظلة نقابة المحررين.
ما يعلنه الرياشي في هذا الخصوص يردّه الى إيمانه بما يجاهد لتحقيقه، وهو يتلقى كل الدعم من المسؤولين. وخطوته هذه لن تتوقف بانتهاء عمر الحكومة، ليقول في ما بعد ان “القوات اللبنانية” قامت بواجباتها، ولكن عدم التنفيذ جاء نتيجة الروتين في البلد وعدم تجاوب القوى الاخرى.
أين أصبح مشروع دعم الصحافة ووسائل الاعلام؟
يوضح لـ”النهار” ان المشروع اصبح في الامانة العامة لمجلس الوزراء، “ويهدف الى دعم الاعلام المطبوع والمرئي والمسموع. وثمة مشاريع مشتركة لإقراره، اضافة الى قوانين خاصة للمطبوع، لانه يمر في حالة متعثرة، ويجب تأمين مرحلة انتقال من الورقي الى الالكتروني. ومن مسؤوليات الدولة ان تساعد الصحافة هنا، وإذا قررت هذه الصحف الاستمرار في الصدور ورقيا يكون هذا الامر على نفقتها في ما بعد. ولم يحدد وقت لذلك، لكن في النقاش قد نصل الى سنتين او ثلاث حدا أقصى في دعم الدولة للصحافة المكتوبة”.
ويقول ان “على الجميع ان يعرفوا اننا في عصر جديد، ونحن لا نخفي اننا نشجع على الاعلام الالكتروني، ولا يعني ذلك أننا نلغي الورقي، وإلا لما أقدمنا على دعمه. سندعم هذه الصحف عبر مشاريع قوانين لدعم الصحافة الورقية بغية تخفيف الاعباء المالية عنها، من دون شروط، وعند مناقشتها سنشترط عدم المساس بالمحررين، وممنوع على الجريدة ان تستغني عن خدماتهم او تصرفهم من العمل اذا كانت الدولة ستدعمها وتؤمن دفع مبلغ 500 ليرة عن كل عدد تبيعه يومياً. وقد أرسلت كتابا في هذا الخصوص الى مجلس الوزراء. وثمة آلية ستعتمد هنا من خلال الاتفاق مع شركات التوزيع، ويتم أولا احتساب الاعداد المرتجعة والمطبوعة ويتبين الرقم من خلال مراقبين من وزارة الاعلام، ولا نستطيع أن نحدد رقما مقطوعا لكل صحيفة”.
ويلحظ المشروع دعما في الضمان الاجتماعي من خلال تحول الدولة الى رب عمل للمؤسسة الاعلامية، “بمعنى أن الصحف تتوقف عن دفع اشتراكات الضمان عن المحررين، على ان تتولى الدولة هذه المهمة. وبذلك يتم توفير الضمان عن كل العاملين في الجريدة، من الحارس الى رئيس التحرير، بينما في الاعلام المرئي والمسموع يقتصر الأمر على المحررين، نظرا الى وجود أعداد أكبر من الموظفين. وثمة إعفاء جمركي كامل للجرائد، إضافة الى ضريبة الـ TVA والاعفاء من رسوم الاملاك المبنية، سواء كان يملكها صاحب جريدة او محرر، وحسم من الرسوم البلدية والهاتفية”.
وهل تلقى تجاوبا من المسؤولين عن هذه القوانين والمشاريع المنتظرة، يجيب الرياشي: “الدولة لن تدفع اموالا، لكن في حال تطبيق هذه القوانين تكون قد ساهمت في رفع اعباء مالية عن المؤسسات الاعلامية. لاقيت الدعم المطلوب من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، وسلمتهم تفاصيل هذه المشاريع وابدوا كل الدعم المطلوب. وفي المناسبة، ثمة رسوم ومستحقات مالية لوزارة الاعلام على المؤسسات الاذاعية والمرئية تقدر بـ11 مليار ليرة، تم إعفاؤها منها بنسبة سبعين في المئة، على ان تدفع الثلاثين في المئة المتبقية على دفعتين خلال سنة”.
ويعتبر ان “مجرد وضع مدماك لمشاريع القوانين هذه تصبح في مجلس النواب بعد مرورها في الحكومة قبل نهاية نيسان المقبل. واذا لم تنجز في عهدي تكون قد وضعت على سكة الخلاص”.
وفي مقابل هذه المشاريع، يعمل الرياشي على “تعزيز نقابة المحررين وتطويرها في الـ2017، وقد أعددت مشروع قانون مع مجلس النقابة وسيتم فتح الجدول أمام كل المحررين من دون استثناء، بمن فيهم الزملاء الذين يعملون في الاغتراب. وسيكون قانون النقابة مثل قانون نقابتي الاطباء والمهندسين. وعلى الاخيرة أن تؤمن له: الحصانة النقابية، تأمين صندوق التعاضد الصحي والمهني لمساعدة الصحافي اذا تعطل عن العمل لسبب ما، وان يكون مفهوم التعاقد مع الصحافيين وفق اصول معينة ووضع حد ادنى لأجورهم، اضافة الى وجود صندوق التقاعد. كل المهن تعتق الا مهنة الصحافة تتعتق، والاستفادة من اقلام الزملاء الكبار في السن ضرورية. وبالنسبة إليّ، أنا ممثل “القوات اللبنانية” في الحكومة وفي وزارة سياسية بامتياز، أقول إن نقيب المحررين لا طائفة له وسيكون المنصب مفتوحا للترشح امام جميع الزملاء من كل الطوائف. المهم أن طائفته الحرص على مصالح المحررين. ويجب أن تكون ولايته في القانون الجديد ثلاثة اعوام غير قابلة للتجديد. وسنحدث طابعا للمحرر”.
وأعدّ الرياشي مشروعاً لتحويل وزارة الاعلام وزارة للتواصل والحوار، الى المجلس الوطني للاعلام، مثل فرنسا وبلدان أخرى، “ولا خشية عندي في هذا الشأن. والمطلوب تفعيل الاذاعة والتلفزيون بدل ان يكون العاملون فيهما عاطلين عن العمل، وعددهم أكثر من المشاهدين والمستمعين”.
رضوان عقيل
النهار