نسمع في كنائسنا العديد من الإعلانات الخاصة بالزواج بأن فلان مراده أن يتكلل على الآنسة فلانة ومن لديه أي مانع شرعي إبلاغ كاهن الرعية وهكذا… تبدأ رحلة الزواج بمخططات قد تصل إلى مبلغ وقدره من المال وتبدأ التحضيرات الشكلية المتعارف عليها بين العروسين والكل يغوص في تلك التحضيرات من هنا وهناك لتكون على أكمل وجه. لكن من هنا يبدأ السؤال أهناك اليوم التحضير الروحي الخاص والعميق والمتواصل لمن يريد الارتباط والمثول أمام الله وأمام الناس في هذا السر العظيم كما يقول القديس بولس؟. أنحن اليوم كشباب ندرك أهمية هذا السر؟، أندرك أننا بالزواج نشارك في الخليقة؟، أندرك أننا نبني كنيسة العائلة الصغيرة؟، أندرك حينما نقف وننطق تلك الكلمات مع الكاهن: أن نكون أوفياء بالعهد والأمانة والمحبة، أم أنها مجرد كلمات نرددها لأنها جزء من الطقس المكتوب؟، أسئلة كثيرة وكثيرة علينا التوقف عندها مطولاً.
نسمع اليوم –وللأسف- الكثير من الخبرات والقصص الواقعية التي تحدث مع فلان وفلان والتي تنتهي إلى الانفصال أو الطلاق أو الهجر… وتجد الأسباب من أتفه ما يكون: من التدخلات المباشرة من الأهل، أو عدم الاستقلالية، أو عدم التوافق الاجتماعي والمادي والمؤهل العلمي، وأسباب تعد ولا تحصى، تقود إلى شرخ كبير لعائلة أردت أن تبني بيتها على الصخر، لكن للأسف كما يقول الكتاب المقدس: “إن لم يبني رب البيت فباطلاً يتعب البناؤون”، فإلى متى سيبقى الشباب اليوم مقيدين ومكبلين بأفكارهم التي لا تبنى على أساس الإيمان والمحبة والاستسلام لمشيئة الله؟.
هناك العديد من الآيات التي تشير إلى قدسية الزواج وحضور الله الدائم بين الزوجين:
تكوين 2: 23 فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي.هذه تدعى امرأة لأنها من امرئ أخذت.
متى 19 :6 اذا ليس بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان.
مرقس 10 :9 فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان.
وفي كل يوم من حياتنا مشحون بالقرارات الصغيرة الغير المتكاملة التي لا تأثير لها على حياتنا، إلا أن هناك قرارات أكثر أهمية تؤثر على حياتنا. ومثل هذه القرارات لا يمكن أن تتم بين عشية وضحاها لأنها تتطلب تفكيراً عميقاً كما أسلفت سابقاً، وخصوصاً بمشروع الزواج ذاك الرباط الأبدي.
للأسف الكثير يقدم على الزواج دون وجود أهداف حقيقية وذات أبعاد روحية عميقة نابعة من تعليمه المسيحي، فبدل الالتزام الإيجابي والحقيقي للعيش بقدسية الزواج نجده يعيش الزواج التقليدي السطحي الغير مبني على محبة المسيح وصخرة الإيمان الحقيقية فسرعان ما يهدم ذاك البيت.
فالله يدعو الإنسان إلى الزواج المسيحي بنفس الطريقة التي يدعو فيها إلى خدمته بالقداسة فالعالم اليوم يشهد ويعترف بالكرامة والقداسة المرتبطة بالحياة الزوجية.
وأخيراً الزواج الناجح ليس مجرد تكيف اجتماعي بين طرفين إنه قائم على أسس ومقومات هامة يجب توافرها كما يقول سفر الأمثال الفصل (24): “بالحكمة يبني البيت، وبالفهم تثبت أركانه. بالمعرفة تمتلئ جوانبه من كل نفيسٍ شهي”، ويقول أيضاً: “الرجل الحكيم عزيز الشأن وصاحب المعرفة عظيم القدرة بغير هدى لا تشن حربك وبكثرة المشيرين الخلاص”. كما يشير إلى المرأة في الفصل (31): “المرأة القديرة من يجدها قيمتها تفوق اللآلى، إليها يطمئن قلب زوجها فلا يعوزه مغنم تحمل له الخير من دون الشر طول أيام حياته”.
فعيشوا بزواجكم ذاك العهد وتلك الأمانة والمحبة للأبد… لأن الله قدس وبارك زواجكم فهو معكم يصون حياتكم ويحفظها ويمنحكم البنين الصالحين، لتنعموا بثمرة الحب الأبدي. لتكن لكم السعادة التي يريدها لكم دائماً.
تيمور العوابدة / موقع أبونا