شكلت مبادرة البابا علامة قيمة بالنسبة لبلاد الأرز التي تمر بأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية، تضاف إلى جائحة كوفيد 19، وأعطت أيضا دفعاً للأمل وسط الأجيال الفتية التي تترتب عليها مسؤولية إدارة شؤون البلاد في المستقبل. الأزمة السياسية الخطيرة التي يمر بها لبنان منذ فترة طويلة والتي تُرجمت إلى تظاهرات شعبية حاشدة عمت شوارع مختلف المدن في شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي، سرعان ما تحوّلت إلى أزمة اقتصادية، ما أدى إلى تنامي عدد الفقراء في البلاد.
مما لا شك فيه أن البابا فرنسيس، شأن أسلافه في البابوات، تابع ويتابع عن كثب تطور الأوضاع في لبنان، الذي وصفه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني ببلد الرسالة. وقد تُرجم اهتمام البابا برغوليو وحرصه على هذا البلد – الذي يعاني أيضا من نتائج تفشي فيروس كورونا المستجد شأن باقي دول العالم – تُرجم بمبادرة ملموسة إذ تم إرسال مبلغ مائتي ألف دولار أمريكي إلى السفارة البابوية في لبنان، على أن يُستخدم هذا المبلغ لتمويل منح دراسية لأربعمائة طالب وطالبة. واللافت أنه تم الإعلان عن هذه المبادرة في الرابع عشر من أيار مايو الجاري، أي في اليوم العالمي الذي خُصص للصلاة والصوم وأعمال المحبة على نية العائلة البشرية التي تعاني من جائحة كوفيد 19.
للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز – وإذاعة الفاتيكان إيطاليا مقابلة مع السفير البابوي في لبنان المطران جوزيف سبيتيري الذي أكد أن هذا البلد رحب بفرح كبير بهبة البابا فرنسيس، التي تزامنت مع اليوم العالمي للصلاة، لافتا إلى أن السفارة البابوية شاركت في هذه المبادرة من خلال الاحتفال بالقداس الإلهي على نية انتهاء هذه الجائحة. وقد نُقلت وقائع الاحتفال مباشرة على شبكة الإنترنت وأُعلن في ختامه عن مبادرة البابا فرنسيس من أجل لبنان. وأضاف سيادته أن السفارة البابوية تلقت كماً كبيراً من الاتصالات الهاتفية من شخصيات عبرت عن فرحتها وامتنانها للبابا فرنسيس.
بعدها أشار المطران سبيتيري إلى أن مواجهة جائحة كوفيد اقتضت إقفال المدراس في لبنان أيضا، مع العلم أن هذه المؤسسات التربوية كانت مهددةً بسبب الوضع الاقتصادي المتردي. وقررت مدارس عدة متابعة الدروس من خلال الإنترنت كي لا يفقد التلامذة والطلاب عامهم الدراسي، مع أن الأمر لم يخلو من الصعوبات لأن الأزمة الاقتصادية الراهنة أرغمت العديد من المدارس على الاقتطاع من رواتب المعلمين والموظفين. وأوضح سيادته أن مبادرة البابا هذه ترمي إلى الدفاع عن أمل الشبان تجاه المستقبل، كي لا يُسلب منهم هذا الأمل.
هذا ثم لفت السفير البابوي في لبنان إلى التعايش الأخوي السائد وسط العديد من الشبان على الرغم من بروز تيارات راديكالية موضحا أن النسبة الأكبر من الشبان عازمون على العمل معاً كي يكون الجميع مواطنين في بلد واحد، وهذا ما ظهر للعيان خلال الأشهر الماضية. وختم مشيرا إلى أن ممثلين عن مختلف الديانات تلاقوا من خلال الصلاة يوم الخميس، هذا فضلا عن إطلاق مبادرات إنسانية مشتركة بين المسيحيين والمسلمين.
أخبار الفاتيكان