اجتمع رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين، تلبية لدعوة من رابطة قدامى الأساتذة في الجامعة في قاعة الإحتفالات في مبنى الإدارة المركزية، مع العديد من العمداء وأعضاء مجلس الجامعة والمديرين والأساتذة وممثلين عن رابطة الأساتذة المتفرغين وموظفين.
طربيه
بداية قدم امين الشؤون الثقافية في الرابطة جورج طربيه رئيس الجامعة، الذي قال:”الحق أن حديث السيد حسين عن تجربته في رئاسة الجامعة يتطلب الكثير من الجرأة والثقة والتواضع والدقة والموضوعية. وهي صفات يثرى بها، ونكبرها فيه، آملين عبر العرض والحوار الراقي الأكاديمي تحويل المعيقات والمعطِّلات إلى حوافز، فنذوق معا عبر حواجز التحديات متعة التجاوز”.
وأشار إلى أنها “مسيرة علمية ثرية، أحادية الجوهر، تعددية الإتجاهات، جمعت ما بين إختصاصات العلوم التربوية والسياسية والرياضية فضلا عن مؤلفات مطبوعة قاربت الثلاثين عددا. وفضلا عن مئات المقالات في الدوريات المحلية والعربية، وسيرة تعليمية في لبنان وخارجه ، في أبو ظبي وعمان والقاهرة ومسقط، من عناوينها اتفاق الطائف، والتنشئة المدنية، وإدارة الأزمات الدولية”.
السيد حسين
ثم كانت كلمة للسيد حسين استهلها بشكر رابطة قدامى الأساتذة في الجامعة اللبنانية على هذه الدعوة قبيل نهاية فترة رئاسة الجامعة اللبنانية في 13 تشرين الأول 2016. التي أرادت أن نقول كلمتنا ونحن في خضم هذه التجربة علنا نفيد بعضنا بعضا من أجل الجامعة ولبنان. والشكر لكل الذين ساهموا معي ويساهمون في هذه المرحلة التي أقل ما يقال فيها أنها ليست عادية في تاريخ لبنان الإجتماعي والسياسي.
اضاف “مخطئ من يعتقد أن لبنان حالة عارضة وأن الجامعة اللبنانية مسألة أوجدتها الظروف. فهؤلاء لم يقرأوا تاريخ هذه الجامعة ولم ينتموا إليها. ورئاسة الجامعة اللبنانية ليست سلطة بل مسؤولية، وهي بنظري عذاب وخطر ومواجهة أخطار ومن يعتقد بأنها قطعة حلوى وجائزة ترضية كما قالوا عني بعد إسقاط الحكومة في العام 2011 واهمون مخطئون. خصوصا أن السلطة بشكل عام هي سلطة التسوية التي تحاول إيجاد المخرج عند كل منعطف ما بين منطق القانون الحاد وبين الولاءات والإنتماءات المتعددة والإنقسامات التي عصفت وما تزال تعصف في بلادنا.طرحت في العام 2012 استراتيجية تطوير الجامعة وتحدثت عن الإستقلالية وقلت ان أول هدف لي هو إنشاء مجلس الجامعة، وقلت للرئيس ميشال سليمان في بيت الدين في شهر آب قبيل تعييني بشهرين أنه إذا كان المقصود الإتيان بي لأغطي موقع رئاسة الجامعة ، فإن هذا الأمر لا يتحقق إلا مع وجود مجلس للجامعة من خلال تعيين عمداء أصيلين ثم إستكمال البناء الهيكلي وفق القانون الجامعي 67/75 المعمول به ، واستطرادا تعديل لاحق في القانون 66. وقال في حينها فخامته فلنبدأ بالرئاسة ثم نأتي إلى العمداء وغيرهم. وقلت أيضا أن الجامعة مدعوة لأن تنتقل من مرحلة البناء التلقائي التدرجي إلى مرحلة النهوض، بمعنى أنني أناشد كل أستاذ جامعي كان يقول سابقا أنا من المغيَّبين أو من المغلوب على أمرهم أو أنني من الأكثرية التي لا قيمة ولا وزن لها في الحياة السياسية والوطنية والعلمية الأكاديمية. فتعالوا لنتعاون” .
وتابع: “فتحت علي كل الملفات (الأبنية الجامعية، ملف الموظفين، الشؤون الإدارية والمالية، مسألة التفرغ، مجلس الجامعة، المسائل الأكاديمية..) ولم أفتحها أنا بإرادتي.وتعرضت لضغوط داخلية من كل أستاذ يعتقد أنه صاحب حق، وكانت المواعيد تتضارب إلى درجة إتهامي بإقفال الباب أمام الطلبات التي تقدم. فإذا كنت مؤمنا بحق الأستاذ الجامعي والموظف الجامعي فكيف أقوى على أن أعالج هذه الأمور. وهذا سبب من أسباب الإستعانة بعدد من الأساتذة الجامعيين بأعمال استشارية وفي دراسات إدارية ومالية وقانونية وأكاديمية وكل الذين تعاونت معهم بشكل ثابت إلى حد ما لم يصلوا إلى أكثر من عشرة أشخاص.فشنت علي حملة في الإعلام تتهمني بإطلاق جيش من المستشارين”.
أضاف:”كونت لجانا لا بد من تكوينها في أمور قانونية وإدارية وأكاديمية، علما أنه لا يوجد في القانون نواب رئيس وعمداء للطلبة والعلاقات العامة، واستطعنا في العام 2012 أن نضع مشروع قانون جديد لتنظيم الجامعة بالتعاون مع لجنة قانونية وانطلقنا منها على قاعدة مركزية الشهادة والمنهج الأكاديمي ولا مركزية العمل الإداري على أن يكون مستقبل الجامعة في مجمعات جامعية على غرار مجمع الحدث، مجمع الفنار ومجمع الشمال ومجمع البقاع في حوش الأمراء ولاحقا سيحدد مكان مجمع الجنوب إذ لم نقبل بإنشاء مجمعيين واحد في صيدا والإقليم والآخر في النبطية، لأن الجامعة تجمع ولا تفرق ولا تمذهب ولا تطيف. هذه من المسائل التي لم ننجح بها إلا في أمور طفيفة نسبيا محدودة ما تزال دون طموح المجمعات الجامعية. وإذا بقي الضغط علينا في أن نفتح فروعا جديدة للجامعة ،فإني أحملكم مسؤولية هذا الإنهيار. وخبروا عني هذا هدم للجامعة اللبنانية أكاديميا”.
وقال: “تفتيت الجامعة بهذا الشكل وإلى هذا الحد غير مقبول وهو غير ممكن من الناحية المادية الواقعية حتى لو كان هناك من يقتنع بهذا المشروع لأن هذه الفروع بحاجة إلى مبانٍ وميزانية غير متوفرة كما انها بحاجة إلى موظفين، وقد منع علينا التوظيف منذ 24 سنة.حاولت في السابق مع الرئيس ميقاتي وأحاول اليوم مع الرئيس سلام مرات ومرات، ومنذ أيام نزل أهل الجامعة في البقاع إلى الشارع وأنا أشكرهم على هذه الوقفة النضالية لأنه يبدو أن هويتنا ستبقى نضالية ولن تتحول إلى هوية كلاسيكية إدارية طبيعية كما هي الحال في الدول المتقدمة في هذه الفترة أيضا طرِح موضوع التفرغ، ونحن لم نرغم به بل أنا مع التفرغ.ولو لم يجر هذا التفرغ لكان عدد أساتذة الملاك والمتفرغين اليوم في الجامعة اللبنانية حوالي 800 أستاذ واليوم عندنا 2100 أستاذ ملاك متفرغ ونحو 3000 بعقود مصالحة بالساعة وهذا الرقم ليس كبيرا على الجامعة التي تضم في هذا العام 72000 طالب”.
وتابع: “في مسألة التفرغ، حيكت ضدنا أمور خطيرة بعضها من داخل الجامعة وبعضها الأكبر من خارجها. وهنا لا أستغرب أن يكون في الجامعة أصوات تريد أن تضع حدودا بين جيل وجيل أو جماعة وجماعة، وكأن العلم ينتهي مع جيلنا ولا حاجة لأجيال لاحقة تأتي أو أن الجامعة ستقفل بعد سنتين أو عشر سنوات. فراحوا يفسدون علينا أجواء التفرغ ويصدرون بيانات يسألون فيها ما هي معايير التفرغ، وكل ما فتحنا ملفا أنهكوه بالإنتقادات قبل أن يدرسوه وقبل أن يسألوا رئيس الجامعة أو أحد العمداء المكلفين كيف نساعدكم وكيف نساعد على حل المشكلة.سيأتي يوم نقول فيه وبشكل علني من عطل مسيرة الجامعة اللبنانية من رئيس حكومة سابق إلى وزراء سابقين، وإن كنت أعترف أن وزير التربية السابق الدكتور حسان دياب كان متعاونا وكان يسأل قبل أي إجراء وقبل الدخول إلى مجلس الوزراء ما رأي الجامعة في هذه النقطة. وعلى الرغم من الإختلاف أحيانا نعود ونتفق بعد النقاش ولم نذهب يوما إلى الصحافة أو إلى الإعلام لننتقد بعضنا بعضا، وأنا حريص على أن تبقى العلاقة مع وزير الوصاية الحالي علاقة طبيعية من أجل الجامعة لا من أجلي ولا من أجله ولا من أجل أي شخص.في هذه المرحلة، أنجزنا أنظمة معظم كليات الجامعة وبقي لدينا معهد التكنولوجيا في صيدا ومعهد الفنون ، والعلوم في طريقنا لإنجازه”.
وأضاف:” إنه ليس أمرا بسيطا أن كبريات كليات الجامعة اللبنانية، كلية الآداب وكلية الحقوق، أنهت أنظمتها الأكاديمية والإدارية.كما أخضعنا أنفسنا للملاءمة adaptation مع الحالة اللبنانية بطريقة تأخذ في الإعتبار ما هو موجود عالميا في نظام LMD وما هي حاجات لبنان وواقع لبنان على مستوى التعليم العالي. وإذا أردتم المقارنة مع سائر الجامعات، فنحن متقدمون وهذا ليس امتيازا لي أو لكم. هذه هي جامعتكم منذ أن أنشئت وتطورت وكبرت. لكن لن نقبل أن نكون ضحية تراجع المستوى العلمي واللغوي في مرحلة ما قبل الجامعة. لذلك أحيي مكتب تنسيق اللغات الذي قام بتعليم الفرنسية ثم الإنكليزية واليوم مجبور لأن يتجه إلى العربية خاصة في كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية.أما بالنسبة للموظفين، فمن يعتقد منا أن جامعة تقوم بدون موظفين مخطىء. هؤلاء أدخلوا إلى الجامعة في ظروف كانت قبل الثورة الإلكترونية ومنهم أدخلوا قبل الحرب الأهلية. هؤلاء برواتب متواضعة بأوضاع إجتماعية صعبة. فأحيي كل واحد منهم بذل جهدا على نفسه، درب نفسه بنفسه، وحزني عميق أن السلطة الحكومية بما فيها حكومتنا نحن كانت متغافلة عن أوضاع الجامعة في ما يخص قضية الموظفين. هذا تهرب وافتراء على الجامعة اللبنانية. ففي القطاع الخاص إدارة الجامعة تعين وتوظف كما تريد وتتقاضى أقساطا من الطلبة. ونحن هنا لا موازنة إلا بإرادة الحكومة ورسوم التسجيل عندنا رمزية.وهناك محاولة اليوم لإعانتهم إداريا وتدريبا عل هذا الأمر يحسن بعض الشيء لكن الحل في التوظيف، مئات من الموظفين الجدد بكفايات جديدة وشروط جديدة وفق نظم المعلوماتية السائدة ونظام المحاسبة الجديد والقواعد الإدارية والمكتبية وغيرها”.
اضاف: “أما بالنسبة للطلاب فالأغلبية الساحقة منهم ترفض نقل مشكلات الشارع إلى داخل الكليات في الجامعة اللبنانية، بل يعملون على المحافظة عليها. كيف لم ينجروا إلى العصبيات الطائفية في الفروع الثانية والفروع الأولى؟ هؤلاء أبناء عائلات فقراء بوطنهم لكنهم أغنياء قي قيمهم ووطنيتهم.وقد لاحظنا في السنوات الأخيرة أن جيلا من الشبان يتمنون الدخول إلى الجامعة اللبنانية، وكان هذا واضحا أمام مجلس الجامعة خاصة على مستوى الماستر والدكتوراه. ولو فتحنا الأبواب لتعرضنا إلى كل الضغوط.من حق الطلاب أن ينتخبوا ممثليهم، وعلى مجلس الجامعة أن يقر خطة الإنتخابات بسرعة فما من سبب أمني يحول دون إجراء هذه الإنتخابات ، وإلا سأتابع الموضوع بنفسي. هذا تحد أمامنا جميعا لنعود الطلبة على الحياة الديمقراطية ولنعودهم الموضوعية في الحياة السياسية لا الشعارات الجوفاء”.
واشار الى بعض الإنجازات التي لن تمحى منها “مشروع قانون تنظيم الجامعة منذ العام 2012 حتى 2013 ، مشروع النظام الداخلي للجامعة منذ العام 2014 يمكن تعديله بقرار مجلس الجامعة وإقراره حسب ما يريد، إجتماع المديرين الشهري الذي صار سنة جامعية، المركز الصحي الجامعي بين كلية العلوم الطبية وكلية الصحة العامة الذي يفيد الجامعة ماليا بنحو مليار ليرة سنويا ويشكل ساحة تدريب للطلبة في السنوات الأخيرة، الأطباء من كلية العلوم الطبية والممرضون والممرضات من كلية الصحة والإداريون وغيرهم”.
واضاف: “في جودة التعليم تم تحصيل شهادة أيزو(izo) خصوصا في كليات الصحة والصيدلة والسياحة والإعلام. تطبيق نظام LMDوما حصل بشأنه وصولا إلى الماستر وإعادة ال M2 مع M1 إلى الكليات ، والتركيز في المعهد العالي للدكتوراه على الأطروحة وعلىHDR نريد أن نرتقي بها لنفيد منها في مرحلة الأستاذية والتدرب على إدارة الأبحاث على مستوى الدكتوراه، منح التخصص في الخارج ارتفعت من 15 منحة سنويا إلى 120 منحة ،وأفتخر بما جرى مع إيطاليا في السنة الأخيرة بفتح الباب لمعهد الفنون أمام GRAPHIC DESIGN ,PEINTURE وأمام الإختصاصات التي نشكو من قلة حملة الدكتوراه فيها، كما فتح الباب مع الصين في العلاقات الخارجية، مسألة البحث العلمي حيث انتقلنا من 80 بحثا مقبولا في الإدارة المركزية سنة 2011 إلى 208 أبحاث قبلت في 2015 عدا ما قُبل في المجلس الوطني للبحوث العلمية وفي بعض البرامج الأوروبية بالإضافة إلى الأبحاث الفردية للأساتذة إن كان على مستوى البحث الفردي أو على مستوى فرق البحث أو على مستوى إعداد الكتب من خلال البرامج الدراسية.العلاقات الخارجية للجامعة اللبنانية مفتوحة. وقد قلت لمكتب الخارجية ولبعض العمداء قفوا عند هذا الحد، استثمروا ما عندكم وكفى تحضيرا لمزيد من العلاقات الخارجية، استوعبوا ونظموا ما عندكم وركزوا أعمالكم. أما نحن اليوم فإننابصدد إنشاء رابطة نحلم بها جميعا، رابطة خريجي الجامعة اللبنانية في الشتات في بلاد الإغتراب، رابطة الأقوياء ماديا وعلميا وسياسيا، الفاعلين في بلاد الإنتشار من فنزويلا إلى البرازيل إلى غرب أفريقيا إلى فرنسا…هؤلاء أعلامنا، هؤلاء هم الذين يجنون إلى الدولة اللبنانية أكثر من نصف الدخل القومي الآتي من الخارج”.
وقال: “آن لهذه الجامعة أن تتجمع وأن تقول كلمتها وماذا تريد.وهذا لن يكون إلا بالشعور بالإنتماء لهذه الجامعة، لأنها قضية وطنية تستحق الإعتبار. أخاطب بعض الحزبيين في الجامعة اللبنانية وجامعات لبنان،إذا لم تخدموا التعليم العالي وإذا لم تجيروا سياساتكم للعلم فالأفضل أن تبتعدوا،لأنكم ستؤسسون لنزاعات وعلى الأقل ستفسدون جيلا من الشبان أو تدفعوهم للهجرة.واعلموا جيدا، أن قوة الجامعة ليست بقوتكم كأفراد ، وليست ريادة الجامعة أو شخصية الجامعة مطروحة من خلال كل فرد منكم، بل هي مطروحة بالإرادة الجماعية.هذه الجامعة أعطيتها الكثير، وأعتز بما أعطيت ولست نادما وإن كان البعض قد حاول أن يتناولني بالشخصي، لكنني كنت أعلم وما زلت أن هذا الطريق يتخلله الكثير من المخاطر، وأن الجو الذي يحوط بلبنان لا يساعد اليوم على تحقيق كل الأهداف. قناعتي أنه كان بإمكاننا أن نحقق أكثر وأن نعمل لإنجاز مشاريع أكثر وأن نختصر بعض الوقت الضائع.على مجلس الجامعة، وقبل ثلاثة أشهر من نهاية فترة رئاسة رئيس الجامعة، أن يرشح خمسة أعضاء يرفعهم للحكومة اللبنانية وعلى الحكومة أن تختار واحدا منهم ليعين، هذه امنيني.نعم طبقت القانون 66، في تعيين المديرين وأعضاء مجلس الجامعة ورئاسة الأقسام كل ، وفتحت باب الطعون والإعتراضات، وقد قيل لي لا تطبق هذا القانون لتبقى مسيطرا بمفردك ، وهذا غير صحيح وغير مقبول”.
وختم السيد حسين:”افتخر وأعتز أنني حركت البركة الآسنة وطنيا. فرميت فيها أحجارا”.
وطنية