يواجه الصحافيون الفلسطينيون صعوبات كبيرة في تغطية العدوان الإسرائيلي المستمر لليوم السادس عشر على التوالي على قطاع غزّة. وهم، وفقاً للتجارب السابقة، جزء أساسي من دائرة الاستهداف الإسرائيلي، أثناء تغطيتهم للأحداث الساخنة في الميدان. ذلك ما ترجم على الأرض من خلال سقوط شهداء وجرحى من بين الصحافيين، خلال الأيّام الماضية.
تقول مراسلة قناة «آي أن بي» العراقية وفاء أبو حجاج، «إنَّنا في كلّ لحظة نشعر بأنّنا يمكن أن نصبح في عداد الشهداء، إذ أنَّ التغطية الميدانية خطرة في مختلف محافظات قطاع غزّة، خصوصاً ما يرافقها من تحليق مكثّف لطائرات الاحتلال الإسرائيلي التي لم تفارق الأجواء، وتطلق صواريخها صوب كل مكان». وتضيف أبو حجاج لـ«السفير»، أنّه «ورغم كل شيء وما نتعرّض له من موت محقّق مرّات عدّة، مستمرّون في التغطية وفضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه». وتصف أبو حجاج الصحافي الفلسطيني «بالمقاوم من نوع آخر، والقادر على الدفاع عن أرضه ووطنه وكرامته، من خلال نقل الصورة الحقيقية إلى العالم، كي يضعه في حقيقة العدوان الهمجي على غزة». وتضيف: «من يعمل في المجال الصحافي، عليه أن ينسى الخوف ويتوقّع أن يكون شهيداً في أي لحظة».
منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، استشهد صحفايان فلسطينيان وأصيب آخرون بجروح، من بينهم المصوّر الشهيد الصحافي خالد حامد أثناء تغطيته للأحداث في حي الشجاعية رغم ارتدائه بزة الصحافة، وقبله الشهيد حامد شهاب جراء استهداف سيارته التي كان يقودها وسط مدينة غزة، رغم وجود إشارة الصحافة عليها.
وعن أبرز الصعوبات التي يواجهها الصحافيون، يرى الزميل محمد الأسطل مراسل صحيفة «القدس» الفلسطينية، أن الصعوبات تتعلق بأمرين، «الأول بمخاطر التغطية الاخبارية وقت الحرب، خصوصاً أنّ الاحتلال لا يميّز بين مسعف أو صحافي أو مواطن، ما يجعل الصحافي يدخل في دائرة الاستهداف الإسرائيلي وهو ما حدث مع عدد من الزملاء الصحافيين. والأمر الثاني يتعلّق بالقدرة على تحمّل ما يتمّ تغطيته وتصويره خلال العدوان». ويضيف: «تنتابنا مشاعر إنسانية غاية في الصعوبة عندما نجد أشلاء وشهداء تحت ركام المنازل التي تُقصف، أو عندما نتحدّث مع أم فقدت أطفالها ونجدها لا تستطيع الكلام، مشاعر مؤلمة وصعبة». وحول الدوافع التي تجعل الصحافيين يعملون في ظروف الحرب، يرى الأسطل أنّ الأوّل مهني والثاني وطني، «إذ أنّك فلسطيني قبل أن تكون صحافياً تمارس المهنة من زاوية وطنيّة تماماً، يضاف إليها الجانب المهني».
يحدّثنا الزميل المصوّر عمر القطّاع عن حاله وزملائه في غزّة. يقول لم يعد إلى منزله منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع، ويمضي وقته متنقلاً بين أماكن الاستهداف والمستشفيات التي تعجّ بالشهداء والإصابات، وبيوت عزاء الشهداء. يقول القطّاع: «لا أريد أن أتحدّث عن التعب والإرهاق الذي نعاني منه، لكنّنا معرّضون للاستهداف الإسرائيلي نظراً لهمجيّة الاحتلال في استهداف الجميع في غزة، وعدم تفريقه بين المدنيين والمنازل والصحافيين وطواقم الإسعاف». ويلفت القطّاع إلى أنّ أكثر ما يؤلمه في تغطيته للعدوان، جثامين الشهداء التي تصل إلى المستشفيات أشلاء ممزّقة». ويقول: «رغم قساوة المشاهد إلا أنّنا نوثّقها كي ننقل بشاعة المحتلّ الغاصب». ويختم حديثه بالقول: «بالأمس ودّعنا زميلنا المصوّر خالد حامد، ولا نعلم من سيكون القادم في عداد الشهداء».
أما الصحافية غادة خالد التي تعمل مراسلة لقناة «الكوت» الكويتية فتكتفي بالقول: «هذه حياتنا وسنبقى ننقل ونفضح صور مجازر المحتل الإسرائيلي التي يرتكبها بحق شعبنا الفلسطيني، رغم كلّ شيء، والتغطية مستمرّة».
محمد فروانة / السفير