تفيد المعلومات المتوفرة بأن هناك ارتياحاً أميركياً لصيغة اقتراح الصندوق السيادي الخاص بالعائدات المستقبلية للنفط والغاز، ولكن كثيرين يخشون أن تُعاد هذه الصيغة إلى اللجان النيابية المشتركة من أجل محاولة إدخال تعديلات عليها تطيح بالإدارة المستقلة لهذا الصندوق والشفافية التي يتمتع بها. وعلم في هذا الإطار أنّ الأميركيين لا يرغبون بأي تعديلاتٍ على هذه الصيغة لأنّ أي تراجعٍ قد يؤثر على عملية تسويق أي كمياتٍ من أي اكتشافٍ تجاري إضافةً إلى أنه قد يعرقل أكثر دورة التراخيص الثانية المخصصة لباقي البلوكات النفطية.
في الذرائع التي يمكن أن تتخذ وسيلةً لإعادة هذه الصيغة إلى اللجان المشتركة أنّ مجلس إدارة الصندوق لا توزيع طائفياً فيه وهذا ما لن تقبل به طوائف ومذاهب متعددة، وقد تلقى رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان إتصالاتٍ تسأله عن سبب عدم اعتماد أي توزيعٍ طائفي في الرئاسة والعضوية فكان الرد أنّ المعيار الأساسي هو الكفاءة المستندة إلى خبرةٍ دوليةٍ في هذا المجال. في الذرائع أيضاً وهي غير معلنة، شهوة بعض من في السلطة إلى هذه الأموال كوسيلة يستخدمونها لاستمرار كسب مؤيديهم بعدما نضبت تقريباً موارد الدولة الأخرى أو لم تعد ذات قيمة، وبالتالي أصبحت هذه القوى تفتش عن مصدرٍ آخر يدر الأموال ويتمتع بقيمة نقدية كبيرة فوجدت ضالتها في عائدات النفط والغاز، وبالتالي فقد أصبح مطلوباً لدى هؤلاء إيجاد غطاءٍ قانوني يشرع عملية السطو على هذه العائدات ولا يعرضهم للمحاسبة والمساءلة. قد يكون البعض في لبنان مقتنعاً بأنه هو وحده فقط وراء إنجاز عملية الحفر في البلوك رقم 9، وأنّه هو الذي استطاع أن يوفر للبنانيين حاضراً ولاحقاً مستقبلاً أفضل، ولا يرغب هذا البعض في أن يناقشه أحد بعدم صوابية هذا التفكير ومحاولة فرضه على اللبنانيين، بل على العكس هو يريد أن يكون موضع شكرٍ وتقديرٍ وأن يترجم ذلك بمنحه امتيازاتٍ تتيح له الإستفادة من عائدات النفط والغاز أكثر من غيره وأن الجميع يفترض أن يسلم بذلك. لن يقتنع اللبنانيون بأنّ العمل المستقبلي في قطاع النفط والغاز سيمر من دون صفقاتٍ ومحاصصةٍ، وأنّ من تمكّن من ابتداع الطرق والوسائل لهدر عشرات مليارات الدولارات من أموال المودعين، لن يكون صعباً عليه ابتكار وسائل للإستفادة غير الشرعية من عائدات النفط والغاز وقد يكون إنشاء بعض الشركات واحدةً من هذه الوسائل التي بدأ التخطيط لها منذ اليوم وربما من قبل.
وفي هذا السياق إيجابية واحدة يمكن الحديث عن إمكانية الإستفادة منها وهي أنّ هناك سنواتٍ تفصلنا فعلياً عن عملية الإستخراج والتسويق وقد تكون هذه السنوات كافيةً لقلب الطاولة وتغيير المعادلة في الداخل لصالح اللبنانيين فيأتون بسلطة تعرف قدسية هذه العائدات واستحالة المس بها لأغراض شخصيةٍ أو طائفيةٍ أو نفعية.