قال لي خبرائي، العائلة تنفرط. ان كانوا على حق ماذا يعني هذا؟ هل يعني ان الأزواج ضعفت أمانتهم أم انهم يهملون العناية بالأولاد أو الاثنين معاً من دون الالتفات إلى الواقع؟ من الأسباب العديدة التي يمكن تبينها ما من شك عندي ان التشديد على العشق بين الزوجين يمكن ان يستتبع اهمال الاولاد، والحقيقة انك ان أفرطت في الكلام على الحب الزوجي يمكن ان تهمل الحديث عن الأولاد. في أيام شبابي ما كنت اسمع عن الحب بين المتزوجين. كنت أفهم ان هذا سابق للزواج وان الزواج قائم على العهد، على رباط فيه تعقل أي حياة روحية مع من تتعهدهم بالإخلاص أي برباط روحي يتجاوز مجرد العاطفة التلقائية. كان الفيلسوف الدانماركي كيركيغور يؤكد ان “تحب قريبك كنفسك” تعني ان الحب واجب وهذا يبدو للمرة الأولى مستغربا. طبعا لما قال الله تحب قريبك كنفسك كان من الواضح انه يجب ان تحب قريبك فقد لا يكون جذابا. عند المؤمنين حب القريب قد لا يبدأ بعاطفة بل بخضوع لله. لما أمر الرب بهذا كان عارفا انه لا يمكننا ان نعشق جميع الناس. المحبة اذًا هي أمر غير تلقائي.
على هذا النحو أمرك الرب بحب العائلة. ليس ما يدل على ان حب الزوجين أحدهما للآخر بالضرورة تلقائي. الخلاف في الواقع العائلي اذ ليس ما يدل على ان الزواج يبدأ دائما بعشق أو يستمر بالعشق. خطة الله ان يبدأ رعايته إيانا بالطبيعة. ولكنه يعرف اننا في العائلة نحب أو لا نحب لأن هناك محبات تموت وكلها تضعف لأن الحب الطبيعي ليس فيه زخم إلى الأبد. استمرار العائلة إذاً واجب ان بدأتها لأنك لا تستطيع ان تكب الناس بعد ان عاهدتهم. من يعرف اليوم ان العائلة عهد؟ هذا خداع الجنس انه يوهمنا بالاستمرار.
يتوهم الإنسان ان العاطفة مستمرة لأنها حارة. انه يجهل ان الحرارة تنطفئ. العاطفة تزكيها بالإرادة ان كنت مؤمنا انها من الله. كل العائلات تموت ان اعتقدنا ان العائلة تقوم أساسا على الحب. هي تقوم على إرادة المحبة أي على اعتبارها واجبا إلهيا. العائلة ليست اختراع الجنس. الجنس لا يقول بالعائلة. هي أمر إلهي لإنقاذك من وطأة الجنس إلى واجب المحبة، أولادك تحبهم أو لا تحبهم دائما. زوجتك تحبها أو لا تحبها كثيرًا. الحب اذًا اختراع إلهي ليبقى الله دائما في الكون. العائلة هي التذكير بضرورة الحب ان ضعف. كل ما قرأته يدل على ان التشديد على العائلة يراد به تكوين المجتمع الفاضل. هذا نتيجة فقط. الكلام عن العائلة كلام أولا عن الحب والحب ليس غايته الإنجاب ولا العائلة غايتها الإنجاب. الحب غاية مطلقة بحد نفسه. نحن لا نحب من أجل تكوين عائلة. نحب من أجل الحب.
هذا الاهتمام المفرط بالعائلة هو من باب التكوين المجتمعي. عندي ان العائلة كاملة بالرجل وزوجته أنجبا أم لم ينجبا. الله ليست العائلة همه الأول، همه الحب. التكاثر نتيجة. الله يحب الإنسان تزوج أم لم يتزوج. غير صحيح القول إن الكنيسة مؤلفة من عائلات فسيان عندها العازب والمتزوج. الكنيسة مؤلفة من أشخاص والشخص كائن كامل. العائلة مجتمع ينمو فيه الأشخاص. العائلة مكان تحب فيه وقد لا تكون ذا عائلة وتبقى محبا. المهم ان تفهم، تزوجت أم لم تتزوج، انك من عائلة الله. العيلة مكان للنمو الشخصي وليس لاندماج الأشخاص.
النهار