نظمت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، في مركزها في عين نجم، احتفالا تكريميا للتلامذةالمتفوقات والمتفوقين في الامتحانات الرسمية في دورتي 2017 و2018، برعاية بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، وفي حضور أعضاء الهيئة التنفيذية وحشد من مديرات المدارس ومديريها ومن المعلمين والمعلمات واهل التلامذة واتحاد القدامى وأصدقاء.
بعد النشيد الوطني وصلاة العائلة التربوية، رحب أمين سر اتحاد قدامى المدارس الكاثوليكية ايلي الصائغ بالحضور، واعتبر ان” هذا الاحتفال هو دليل تميز التعليم الكاثوليكي وجودته”. ونوه أيضا بمبادرة إحياء عمل اتحاد القدامى ليكون في خدمة الاجيال الطالعة.
عازار
ثم تكلم الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار، فرحب بالبطريرك العبسي، شاكرا بركته ورعايته لحفل التكريم، ومتوقفا عند المحطات الاساسية في حياة العبسي ودوره الكنسي والانساني والتربوي والفكري، بالاضافة إلى اهتمامه بقضايا الشبيبة.
وبعد ان هنأ التلامذة وأهلهم ومعلميهم بتفوقهم، دعاهم إلى “الافادة من تربيتهم على الانسنة المتضامنة، ومن القيم الروحية والايمانية التي أغنت مسيرتهم المدرسية ومن التنشئة على احترام حقوق الانسان للوقوف دوما إلى جانب السلام والحق والخير والجمال والحرية”.
وختم مناشدا المكرمين “ليبتسموا ويفتخروا دوما لانهم تلامذة المدرسة الكاثوليكية”.
وبعد ان تولى متابعة تقديم الحفل عضو الهيئة التنفيذية ليون كلزي، كانت كلمات المكرمين فتكلمت باسم المتفوقين في البكالوريا والبريفيه الأولى في الآداب والانسانيات ميرا حلبي من مدرسة سيدة الجمهور، والأول في العلوم العامة جيلبير فريحة من مدرسة سيدة الرسل قب الياس. كما تكلمت باسم متفوقي التعليم المهني والتقني فانيسا مرقص من معهد الحكمة الفني الاشرفية. وركزت الكلمات على الوفاء للمدارس ولأهل وللمعلمين، وعلى الاهتمام بالتعليم المهني، وعلى دور الدولة بوجوب تأمين ما يساعد الشبيبة لصنع المستقبل والثبات على أرض الوطن.
العبسي
وبعد ترنيمة بيزنطية قدمتها المكرمة أوليفيا صليبا من المعهد الفني لراهبات القلبين الاقدسين البوشريه، ألقى راعي الاحتفال كلمة توجه في مستهلها إلى المحتفى بهم بالقول: “كم يسعدني أن نلتقي جميعا في هذا الصرح الشامخ، مقر الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان، لنتشارك فرحا حقيقيا أصيلا برؤيتنا كوكبة لامعة من متعلمينا ومتعلماتنا حائزي المراتب الأولى في الامتحانات الرسمية بشقيها الأكاديمي العام والمهني-التقني، للسنتين 2017 و 2018 ، تقتحم عالم التخصص الجامعي والمهني من الباب الملوكي، باب التفوق والتميز”.
أضاف: “أيها الطلاب الأحباء، تميزكم هو ثمرة حسن استغلالكم الوزنات التي أودعتكم إياها محبة الله حين دعتكم إلى الوجود وهيأت لكم سبل النمو في الحكمة والقامة والنعمة، من خلال حضن عائلي محب، ومواكبة أكاديمية وتربوية وإنسانية وروحية رافقتكم فيها الأسر التربوية لمدارسنا الكاثوليكية بهيئاتها الإدارية والتعليمية من مدراء ومسؤولين تربويين ومعلمين ونظار وسائر المعاونين. أن تكونوا قبلة الأنظار في احتفالنا اليوم، وعددكم يكاد يناهز المئة من بين حوالي الأربعين ألف متعلم تقدموا للامتحانات الرسمية على اسم مدارسنا الكاثوليكية في سنتين، لهو بدون أي شك مدعاة للافتخار والاعتزاز لأنه حصاد الزرع الذي تكاتف على غرسه ورعايته ومتابعته أهلكم ومعلموكم وإداراتكم بانسجام الرؤى وتكامل الأدوار وتنوعها، لكن ما هو حقيقة أيضا أن تفوقكم في عمقه هو بالدرجة الأولى تفوقكم على ذواتكم. إن حيازتكم المعدلات العليا من العلامات في الاختبارات الرسمية، على كونه إنجازا مرموقا لا لبس فيه، هو مع ذلك أسير محدودية نظام القياس والتقويم الذي يجري عليه كثير من الأنظمة التربوية في العالم التي لا تعنى إلا بقياس الجانب المعرفي على حساب المواقف والمهارات الحياتية والعملية والميول والاستعدادات النفسية والعلائقية والقيمية والوطنية والمواطنية والروحية. وفي هذا السياق يحضرني إسهام الباحث السويسري المعروف فيليب بيرونو المتخصص في علم اجتماع التربية، حيث يقيم تمييزا بين المنهج الرسمي أو الشكلي والمنهج الفعلي والمنهج الخفي”.
وتابع: “يعرف المنهج الخفي بكونه المنهج المتكون من السلوك والقيم التي تنقل للمتعلمين بواسطة المعلم أو المدرسة أو الأهل أو المحيط من دون تخطيط. وهو بذلك يشكل مخرجات المدرسة غير الأكاديمية. فالقيم السائدة والتفاعل الاجتماعي يتلقى تداعياتها المتعلمون من خلال تعامل المعلمين مع التلاميذ، وتعامل المعلمين، بعضهم مع بعض، ومن خلال أحاديث المعلمين العلمية والفكرية وسواها، ومن خلال الأنظمة والقوانين والتعليمات التي تفرض على المتعلمين، وحتى في طريقة جلوسهم في الفصل، وطريقة مزاولتهم الأنشطة. أي إنه يظهر في أي شكل من أشكال التفاعل الاجتماعي داخل المدرسة. كل هذا يشكل، بحسب الأبحاث التربوية، ما نسبته 70 % على الأقل من مجمل ما يتعلمه المتعلم في حياته المدرسية، هذا كله لا يقاس بعلامات ولا يخضع للاختبارت المدرسية أو الرسمية ولا تصنيف فيه لمتفوقين أو متميزين. في هذا الإطار تأخذ مناشدة بولس الرسول الكورنثيين في رسالته الأولى إليهم كل مداها: “لو كنت أنطق بألسنة الناس والملائكة، ولم تكن في المحبة، فإنما أنا نحاس يطن، أو صنج يرن… ولو كنت أعلم جميع الأسرار والعلم كله، … ولم تكن في المحبة، فلست بشيء”. افتخارنا الحقيقي أيها الأحباء هو في الرب : “فمن أراد أن يفتخر فليفتخر بالرب”.
وقال: “الكلام على المنهج الخفي يفضي بنا لزوما إلى أن نعرج في هذه العجالة، على الحال العامة التي تسود أجواء المدارس الخاصة والكاثوليكية منها منذ نشر القانون 46 المعروف بقانون سلسلة الرتب والرواتب في نهاية شهر آب من العام 2017. فالتصدعات التي أحدثتها تداعيات هذا القانون بين مكونات أسرنا التربوية، المعلمين والأهالي والمتعلمين والإدارات، لم تكف عن الإمعان في ضرب غنى الإرث التربوي والثقافي الذي أخصبت به مؤسساتنا التربوية الكاثوليكية تاريخنا الاجتماعي والحضاري والوطني”.
أضاف: “الكنيسة هي أم يعنيها أمر أولادها جميعا، المتعلمين والأهالي والمعلمين والإدارات. فالمعلمون محقون في مطالبهم، والأهالي ليس في مقدورهم تحمل الأعباء المالية التي تفرضها الزيادات الباهظة على الأقساط المدرسية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، والإدارات تقف حائرة بين الطرفين. ومن حيث إنه ليس في مصلحة أحد أن تستمر الأزمة إمعانا في ضرب وحدة الجسم التربوي لأن الهيكل إن سقط، لا سمح الله، فهو سيسقط على رؤوس الجميع، فلا بد والحال هذه من إحداث اختراق ما في الستاتيكو الراهن أساسه الإحساس المشترك بوحدة المصير والمآل، والسعي الحثيث لإيجاد التسويات المقبولة على قاعدة العدالة والتوازن في ظل الممكن، إنقاذا للوضع برمته، مع التشديد على دور الدولة بوصفها الراعية الأولى لمواطنيها ومن واجبها تأمين مقتضيات الصالح العام والتعليم كخدمة عامة بامتياز من اللزوم إدراجه ضمن أولويات الهم الحكومي”.
وختم العبسي: “إننا إذ نعلن تضامننا مع كل المبادرات التي ترعاها الكنيسة سواء كتلك التي حصلت في لقاءي بكركي الأول والثاني ومع سائر مقررات اللجنة الأسقفية للمدارس والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان، لسنا نعفي أنفسنا نحن المسؤولين الكنسيين من موجب إجراء نقد ذاتي لواقع مؤسساتنا الكنسية ومدى ملاءمتها لمقتضيات رسالتها وخدمتها، سواء على المستوى المؤسسي أم على مستوى الشهادة الشخصية للمسؤولين الكنسيين والتربويين”.
وبعد ان تسلم العبسي درعا تذكارية سلم مع أعضاء الهيئة التنفيذية الشهادات والمكافآت لمستحقيها، ثم كان تعهد المكرمين والصور التذكارية ونخب المناسبة.
وطنية