إحتفل النائب البطريركي العام على أبرشية الجبة – بشري المارونية المطران مارون العمار بقداس لمناسبة عيد الطوباوي الأب يعقوب الكبوشي في باحة ضريح الطوباوي، في دير الصليب، في حضور الرئيسة العامة لجمعية راهبات الصليب الأم جانيت بو عبدالله، رئيسة دير الصليب الأم أرزة الجميل، مديرة التمريض الأخت رمظا صدقة، وعدد من راهبات وفاعليات روحية ورسمية وتربوية واجتماعية وحشد من المؤمنين.
العظة
بعد تلاوة الإنجيل المقدس (لوقا 10: 1-7) ألقى المطران العمار عظة استهلها بالتهنئة بهذا العيد المبارك طالبا من الله “بشفاعة الطوباوي “أبونا يعقوب” أن يمن علينا وعلى وطننا والعالم بالسلام والوئام بما يرضي الضمير، وأبانا يعقوب، والله”، مهنئا بنوع خاص “بنات أبينا يعقوب، راهبات الصليب اللواتي حملن في حياتهن وتكرسهن ورسالتهن روحانية مؤسسهن، وأخذن من حياته أمثولات ترشدهن على طريق الملكوت”.
وقال: “سمع أبونا يعقوب هذا الإنجيل، وتأمل فيه مرارا وشعر أن الرب يتوجه إليه مباشرة فأعد العدة لينطلق إلى البشارة؛ عرف أن الحصاد كثير، وانه فاعل قوي بمن يقويه في حقل الرب؛ عرف أنه سيكون حملا بين ذئاب كثيرين فلم يخف ولم يتراجع، لأن السلاح الذي يحمله وهو صليب الرب تخاف منه الذئاب الكاسرة”.
وقال المطران العمار: “عرف أن زاده في الطريق ليس كيسا يضع فيه طعاما ولا حذاء يقيه صعوبة الطريق وقساوتها، ولا عصا يتكئ عليها أو يدافع بها عن نفسه، بل الزاد الحقيقي هو السلام الذي يحمله في حياته ويجهد كي يتقاسمه مع الآخرين. عرف أن ما يمكن أن يقدمه إليه الآخرون مقابل السلام الذي يحمله إليهم، هو أيضا زاد سلام وخير وبركة”.
وتابع: “سمع أبونا يعقوب هذا الإنجيل وانطلق في حياة رسولية لم تتوقف لغاية الآن، وستبقى هذه الحياة المقدسة مثالا يحتذى وطريق قداسة لكل راغب فيها”.
وقال: “أود اليوم أن أتأمل معكم بميزة سكنت شخصية أبينا يعقوب طيلة حياته على هذه الأرض، وهي ميزة المبادرة، وأستطيع القول إن حياته بأكملها كانت حياة مبادرة دائمة”.
وتوقف عند مشهدية من حياة الأب يعقوب “المليئة بمثيلاتها، والتي تعبر عن مضمون رسالته على هذه الأرض وجاء فيها: “لما اندلعت الحرب العالمية الأولى، تسلم أبونا يعقوب أديار وممتلكات الرهبنة الكبوشية بأمر من الرئيس العام، فلم تجبره هذه المهمة الصعبة أن يستقر في أحد الأديار ليحافظ منه على مقتنيات الرهبنة كما كان يجب أن يعمل، بل دفعته أحوال الحرب والمجاعة الى أن يتكبد المخاطر، والمشقات، والويلات ليكون بقرب الجائعين والمعوزين”.
وقال: “يروى أن إحدى السيدات كانت تعطيه رغيفا في اليوم ليقتات منه، بينما هو لم يأكل يوما هذا الرغيف وحده، بل كان يتقاسمه دائما مع شخص آخر. وما كان يصنعه بالرغيف، كان انعكاسا لمسيرة درب عاشها في كل مراحل حياته”.
وشدد على أن “حياة أبينا يعقوب بأكملها هي انطلاق دائم نحو الآخر المحتاج، وكل المشاريع التي قام بها في حياته: من تأسيسه للمدارس، والمستشفيات، والمأوى، والأخويات، والمؤسسات، والرهبانيات، وخصوصا راهبات الصليب (بناته)، كل ذلك وغيرها أيضا الكثير كان اقتسام ما أنعم الله عليه، وما يبشر به في عظاته، وإرشاداته وكتاباته ومزاميره، تقاسما لإلهامات الروح”.
وقال في الختام: “كان أبونا يعقوب المبادرة الخيرة بحد ذاتها. فلم يسمع بحاجة إلا وشعر بأنها تناديه مباشرة، فيهب لتلبيتها حاملا صليب الرب، حبيب القلب، لأنه كان يؤمن إيمانا ثابتا أنه يستطيع أن يلبي كل حاجة باتكاله على هذا الصليب الذي زرعه فوق كل مؤسساته ليتذكر الجميع بأنه هو الباني، وهو الحافظ، وهو المنمي، وعليه الإتكال، والصليب الذي آمن به أبونا يعقوب لم يكن يوما له وحده بل كان دائما جسرا يعبر عليه ليصل إلى الآخر، والذين وصل إليهم عبر الصليب كانوا كثرا، فقدسهم وتقدس من خلال خدمتهم”.
وطنية