انه عيد اعتماد السيد المسيح في نهر الاردن وظهور روح الله عليه في شبه حمامة واعتلان سر الوهة السيد المسيح او بمعنى آخر اذا كان يوم 25 كانون الاول هو يوم ولادة وظهور يسوع المسيح بالجسد من مريم العذراء فان يوم 6 كانون الثاني هو يوم ظهور واعتلان سر الوهة السيد المسيح بعد عماده على يد يوحنا في نهر الاردن.
السر اللاهوتي للتجسد هو في الوقت ذاته سر الالوهة المتجسدة، فيسوع هو إله وانسان في الوقت نفسه هذا بالمعنى الايماني اما الحدث في الزمن فقد عاش يسوع في الناصرة ساتراً سر الوهيته ورسالته الخلاصية الى يوم كشف الروح عن هذا السر وأظهره امام الناس عندما هبط على يسوع وسمع صوت الاب من السماء يقول هذا هو ابني الحبيب فله اسمعوا. لذلك سمي هذا العيد بعيد «الدنح» اي الظهور او التيوفانيا Theophania.
«تيو» الله» فانيا» ظهور او Epiphania اي ظهور الله على الارض.
هما اذاً عيد ولادة واحدة: ظهور في الجسد وظهور الالوهة في شخص يسوع الاله – الانسان في آن واحد «وكان المسيحيون في القديم يعيدون الميلاد والغطاس معاً في يوم واحد هو سادس من كانون الثاني، حتى امر يوستنيانوس.
الامبراطور يوستنيانوس فصل بين العيدين
في السنة الـ35 من ملكه يفصل العيدين والتعييد للميلاد في 25 كانون الاول (وهو كان عيد الشمس ويسوع هو شمس العالم) والغطاس في 6 كانون الثاني. فامتثلت الرعايا لامره تباعاً الا الارمن الارثوذكس (والاقباط الارثوذكس) الذين ما زالوا يعيدون العيدين معاً حتى اليوم. ـلحد خاطر، العادات والتقاليد اللبنانية، الجزء الاول ص 100 – 101).
انتربولوجيا الطقوس والعادات والتقاليد المآكل والحلويات
البخوت: وهي فطائر تحشى باللحم المفروم الطيب بالبهارات والافاويه وحبوب الرمان الحامض.
الزلابية
العوام
المعكرون
والمشطاح
والمشبك
هي اهم حلويات العيد التي تغطس في الزيت رمزاً لغطس يسوع المسيح في مياه نهر الاردن وتغطس بالقطر ايضاً دلالة ورمزاً لنزول يسوع في المياه في نهر الاردن.
المسيح يمر في الليل وتركع له الاشجار
تقول العادات والتقاليد ان السيد المسيح يمر على المنازل عند منتصف الليل وهو يقول: «دايم دايم» فلا يغلق باب او نافذة ولا يطفأ مصباح قبل مرور السيد المسيح، وان ابواب السماء تبقى مفتوحة طوال هذه الليلة والملائكة تهبط منها على الارض لاستماع طلبات المؤمنين. لذلك تبقى الابواب والنوافذ مفتوحة ولا يكنس البيت لتبقى اثار اقدام يسوع في البيت. ومن المعتقدات ان الاشجار عامة تركع للمسيح عند مروره ما عدا شجرة التوت المتكبرة.
وتطوف ربة البيت على ما عندها من مؤن وخوابي وتحركها بيدها وهي تقول: «دايم داىم» اعتقاداً منها ان البركة تحل عليها خاصة خوابي الحنطة والزيت والدبس والخمر والزبيب.
في الغطاس يعمد الاطفال
وفي الغطاس يعمد الكثير من اللبنانيين اطفالهم ويقولون «اللي ما عندو معمود، يعمد ولو في عيد الغطاس، عود» وكان الكاهن يبارك عين القرية اما اليوم فيأتي الناس بالقوارير والقناني الى الكنيسة فيباركها الكاهن برتبة طقسية جميلة ويسقون منه مرضاهم لينالوا الشفاعة، والواضعات ليسهل وضعهن ويرشونه في جوانب البيت لطرد الفأر والجرذان والجراد والرمواسم المؤذية.
في الغطاس ترش البيوت
ويطوف الكهنة على المنازل يرشونها بالماء المبارك ويعجن اللبنانيون دقيقهم ليمر العيد فيتخمر بدون ان يخمروه ويلفون قليلا من العجين الفطير في قطعة قماش بيضاء جديدة ويعلقونه خارجاً في شجرة من غير اشجار التوت، طوال الليل.
ويعهدوا الى بنت بكر كي تغطسه كل صباح في عين ماء وبعد هذه المدة يتخمر العجين الملفوف يتخذ للخمير طوال السنة الجديدة بعد ان يوضع في «نملية» في البيت، وتوضع ايضاً خميرة على عتبة البيت العليا طوال السنة لتبارك البيت. ويضع الرجال في كرهم (يسرهم) قطعة من نحاسية من المال طوال السنة لتتبارك اتعابهم.
ولا تكنس المرأة البيت لتبقى اثار اقدام يسوع تبارك البيت بعد مروره وبعد ان تركت الابواب والنوافذ مفتوحة طوال الليل ليأتي يسوع.
حمار معلّق على شجرة
ومن حكايات العيد الظريفة ان فلاحاً عاد مع المساء الى بيته وكانت الاشجار حانية راكعة تنتظر مرور يسوع. فربط حماره بأحدى هذه الشجرات، وفي منتصف الليل مر يسوع فارتفعت الاشجار ورفعت معها الحمار. فعندما استيقظ الفلاح في الصباح رأى حماره معلقاً بأعلى الشجرة فأنزله بعد عناء كبير وعرف ان يسوع مر من هناك في نصف الليل وان الاشجار كانت ساجدة له.
الفرق في الرزنامة وليس في الايمان والعقيدة
عيد الغطاس، او «الدنح» او «الدايم دايم» او الظهور الالهي في اعتماد يسوع المسيح والكشف الهويته بعد ظهوره الهاً وانساناً متجسداً من مريم العذراء وولادته في بيت لحم وهربه مع يوسف ومريم الى مصر وعيشه في الناصرة قبل البدء برسالته الخلاصية بعد عمادته على يد يوحنا في مياه نهر الاردن وبعد اعتلان الوهيته امام الناس وظهوره الهاً مخلصاً وانساناً كامل الانسانية.
الفرق بين عيد الكبير عند بعض الطوائف الشرقية التي تتبع التقويم الشرقي والطوائف الغربية التي تتبع التقويم الغربي هو فرق في الزمن والوقت والروزنامة وليس فرقاً في العقيدة والايمان فالايمان بالقيامة واحد والايمان بالميلاد واحد. فلا نسمح للفروقات الزمنية بأن تكون سبباً لخلافاتنا وتباعدنا بل فلنحب بعضنا بعضاً كما احبنا يسوع وولد وتأنس وتعمد وتعذب وتألم وصلب ومات لاجل خلاصنا ولنفرح ونتصالح مع بعضنا البعض في هذه الاعياد… «دايم، دايم».
البروفسور الاب يوسف مونس
اليتيا