كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
على خلفية الشغور في رئاسة الجمهورية، وصل العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا للمرة الأولى كرئيس حكومةٍ انتقاليةٍ في العام 1988، وكانت المناطق الحرة آنذاك محصّنة بخطوط حمراء تحول دون استباحتها وبحركة اقتصادية جيدة وبوضعٍ مستقرٍ، ولكن سياسات العماد عون أدخلت هذه المناطق في «حرب تحريرٍ» و»حرب إلغاءٍ» و»حرب سيطرةٍ» على رمز الشرعية اللبنانية قصر بعبدا، فسلّم العماد عون المناطق الحرة كما لم يستلمها، ولم تعد حرةً وأصبحت تحت الوصاية السورية ودُمّرت البنى التحتية فيها والمرافق الاقتصادية وهجرها الآلاف.
في العام 2016 وصل العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا مجدداً كرئيسٍ للجمهورية على خلفية شغورٍ رئاسي استمر أكثر من سنتين ونصف السنة، واستلم البلاد وهي في وضعٍ لا تحسد عليه، وكان الجميع يأملون بموجب الدعم الذي حاز عليه من معظم الفرقاء السياسيين أن يسلم البلد أفضل مما كان، ولكنه بدد كل هذا الدعم وسلم البلد إلى الفراغ وفي وضع انهيارٍ تام.
اربعة وأربعون عاماً تفصل بين العامين 1988 و2022 رافق فيها الفراغ العماد عون 3 مرات وساءت أحوال المواطنين عما كانت عليه في فترة توليه السلطة مرتين، فهل كل ذلك من باب الصدفة؟ أم أنه نتيجة ممارسات سياسية أوصلت لذلك؟
إنّ الأمر هو بالتأكيد نتيجة ممارسات سياسية وغير سياسية. ففي العام 1988 قطع العماد عون كل الطرقات أمام انتخاب رئيسٍ للجمهورية وأصرّ أن يكون هو رأس السلطة في البلاد وعلى خلفية هذا الإصرار أشعل حربيْ التحرير والإلغاء ورفض تسليم بعبدا للرئيس المنبثق من اتفاق «الطائف» إلى أن أُخرج بالقوة منه وكانت الخسارة عظيمة على اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً.
جمع شعبيته عندما كان على عداء للنظام السوري والميليشيات، وزاد عليهم في سنوات النفي العداء لـ»حزب الله» والسعي لتأمين حقوق المسيحيين، وعاد إلى لبنان ليخوض أول انتخاباتٍ في العام 2005 تحت هذه العناوين فاجتاح الساحة المسيحية ولكنه ما لبث أن انقلب على كل ذلك فوقّع «تفاهم 6 شباط» مع «حزب الله» وفتح قنوات وعلاقات على وسعها مع النظام السوري وكل ذلك من أجل ضمان وصوله إلى رئاسة الجمهورية.
وفي هذا السياق خيّم العونيون في وسط بيروت لمساندة «حزب الله»، وأيّدوا العمل العسكري الذي شنه «الحزب» في 7 أيار 2008، ولكن حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر، وعوضاً عن أن يحمل اتفاق الدوحة العماد عون إلى سدة الرئاسة، حمل عماداً آخر هو العماد ميشال سليمان.
وعد «حزب الله» العماد عون بأن يكون هو الرئيس المقبل فعطّل في العام 2014 الانتخابات الرئاسية لمدة سنتين ونصف السنة إلى أن فرض توافقاً حول عون أدى إلى وصوله إلى سدة الرئاسة، ولكنه ومنذ اليوم الأول اختلف مع الجميع باستثناء «حزب الله» الذي لم يتخل عن ألد خصوم عون، وهو رئيس مجلس النواب نبيه بري.
انتهت ولاية عون وهو يحاول أن يجمع ما يُعرف بإنجازات، ويحاول في الوقت ذاته أن يُبعد عنه كأس مسؤولية الفشل الذي لحق بهذا العهد رامياً المسؤوليات في كل الاتجاهات، علماً بأنه أتى إلى رئاسة الجمهورية حاملاً شعار «الرئيس القوي»، فكيف فشل؟