لأن الله يحب الصالحين من بني البشر اجمعين، كانت رفقة – السلام على اسمها – من البررة اللواتي احبهن الله، ورفعهن، بيقينهن، الى مستوى القداسة. وهذا الامر يحتاج الى خلوص النفس وترويضها، وشفافية الروح، واستغراقها في النور، بما لا طاقة لبشر عليه، حاشا المختارين الاصفياء؛ فضلا عن تحويل الالم، الذي عانته القديسة رفقة، الى فرح، توازيا لارادة الله فيها؛ وكانت لا تبرح تشكر الرب، شكرا عميقا صادقا، في حالتي الشقاء والنعيم، ولا تتورع عن شكره في الموت، وفي قيامة الحياة.
واليك ما وقع لي عفواً، وما أرويه، بحرفيته، للمرة الاولى.
منذ سنوات، كانت تأخذني حالات من السعال، يخرج معها الدم من فمي، وازاء استمرار هذه الحالة، وازدياد كمية الدم، توجس الاطباء، وشخصوا مرضا خطيرا، وطلبوا الي تصور الرئتين حالاً.
دخلت المستشفى وخضعت للتصوير (scan)، وكان الطبيب المشرف على التصوير، يطلب مني، كل دقيقتين تقريبا، ان اقوم بعملية الشهيق وحبس الهواء في صدري لثوان معدودات، ثم اخراج الهواء من صدري بالزفير. ولا ادري حتى الآن، لماذا كنت – في كل مرة اتنشق الهواء – اقول من اعماق نفسي وبصوت خفيض: “يا رفقة”، فيدخل اسمها صدري مع الهواء، فابتلع اسمها، واحبس عليه، الى ان يأمرني الطبيب بافراغ الهواء من صدري تكراراً.
واذكر تماماً انني (ابتلعت) اسم رفقة، اكثر من عشرين مرة في اثناء التصوير، طالبا منها أن تسكنني. انتهى التصوير، وعرضت الصور على الطبيب المختص، فدهش، وقال لي: “اين الدم الذي اشار اليه الدكتور (فلان) في تقريره؟ الرئتان نظيفتان سليمتان، ولا اثر فيهما لدم أو لاي شيء يدل على اي مرض من اي نوع”.
والغريب، انني قبل عرض الصور على الطبيب، وقبل ان يتفوه بكلمة. كنت على يقين تام، بأن المرض الخطير – الذي كان موجوداً بالفعل – قد طرده (اسم) رفقة.
زرت شفيعتي في جربتا، وشكرت الله وشكرتها.
وانك لتعجب اليوم، في زمن يقتل فيه الاحياء الاحياء، أما الصالحون الموتى، فهم ينقذون الاحياء من الموت.
مئوية القديسة رفقة
شوقي حماده / النهار