شارك البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي والسفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتيري ورئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر ولفيف من المطارنة والرؤساء العامين والكهنة والرهبان والراهبات، بقداس الشكر الذي احتفل به ابن الكنيسة المارونية وأبرشية بيروت ومدرسة الحكمة وبلدة فيطرون، المطران كريستوف زخيا القسيس رئيس أساقفة روزله في إيطاليا شرفا والقاصد الرسولي في الباكستان، في كاتدرائية مار جرجس للموارنة في وسط بيروت، قبل ظهر اليوم، بعد سيامته الأسقفية في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان.
وعاون المطران الجديد في القداس، المطرانان مطر وحنا علوان والأبوان كميل افرام ودانيال الخوري، وشارك فيه، إلى عائلة المحتفى به وأصدقائه ورفاق الدراسة في المدرسة والجامعة والإكليريكية وأهالي فيطرون وابناء الرعايا التي خدم فيها في لبنان من مار يوسف الحكمة إلى السيدة في الفنار، السفيران السابقان في الفاتيكان العميد جورج الخوري وأنطونيو العنداري وممثلو هيئات أبرشية وراعوية واجتماعية ومصلون.
مطر
وقبيل بدء القداس، ألقى مطر كلمة رحب فيها بالراعي، متمنيا التوفيق للمطران الجديد برسالته الأسقفية، وقال: “باسم غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى الذي بارك أبرشيتنا اليوم وكنيستنا الكاتدرائية وجمعنا المحتفل بحضوره وأعرب لنا عن محبته الكبيرة، كما دائما، وباسم سعادة السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتيري وباسم الأساقفة جميعا وباسمكم أيها الإخوة والأخوات الأحباء، نرحب بالمطران الجديد سيادة المطران كريستوف زخيا القسيس، السفير البابوي في الباكستان، هو ابن أبرشيتنا البيروتية منشأ، وابن مدرسة الحكمة علما، وابن فيطرون أساسا، وابن الكنيسة المارونية دائما وأبدا. يصل اليوم إلى هذه المرتبة، التي باركها قداسة البابا، فعينه سفيرا بابويا في الباكستان، لما يتحلى به من قيم وفضائل ومعرفة بالحوار مع جميع الناس وجميع الأديان. نستقبله اليوم بفرح في كنيسته وأبرشيته ونصلي له من صميم القلب لينجح بالمهمة والرسالة النبيلة التي ألقيت على عاتقه. وأنا في ذلك أردد قول قداسة البابا فرنسيس، لأهل المطران كريستوف يوم كانوا في روما بحضرة قداسته، قال لهم: صلوا لأجله. رسالته كبيرة، تحتاج إلى صلاة. فيا سيدنا، لك صلاتنا في كل حين. وأنت يا ابن أبرشية بيروت، صلي لأجلنا، حتى نقوم كل بواجبه حيث نكون. ونشكر الله عليك وعلى ما أنت عليه. نسأل الله أن يوفقك ويباركك على الدوام. قداسنا اليوم، هو قداس طلب وشكر، الرب يستجيب طلباتنا وأهلا وسهلا بكم”.
القسيس
وبعد الإنجيل ألقى القسيس عظة جاء فيها: “نيقوديموس الفريسي، أحد رؤساء اليهود ومعلم في إسرائيل جاء الى يسوع ليلا ليحاوره في صمت الظلام بعيدا عن ضوضاء النهار وعن القيود الإجتماعية والثقافية والدينية، أتى ليجالس معلما منبوذا ومرفوضا من أقرانه وجد فيه بصيص رجاء يلوح بتحول قريب عله يجد عنده أجوبة تروي غليل عطشه للحقيقة. لم يتصرف كباقي الفريسيين الذي كانوا يتعرضون ليسوع في وضح النهار، يسائلونه بخبث ورثاء ليسخروا منه أو ليخرجوه ليوقعوا به، وللأسف مازال مجتمعنا مليئا بأمثالهم، يتبسمون لك أما عيونهم وقلوبهم فتوحي بالسخرية والإزدراء. تجرد نيقوديمس من كل القيود، ولكنه بقي متمسكا بمنطقه وبمعرفته البشرية كوسيلة لفهم عمل الله في التاريخ، النية صافية والحوار صادق أما الوسيلة فهي بعيدة كل البعد عن فكر الله وسر عمله الخلاصي، يعول على الشريعة وتعاليم مفسريها، وهو واحد منهم، لفهم سر الله، في الوقت الذي يقف في حضرة الكلمة المتجسد، الإبن الوحيد الذي في حضن الأب القادر وحده أن يخبر عنه، فما ان تفوه بعبارة “نحن نعلم” حتى أنبه المعلم الإلهي بقوله: ما من أحد يمكنه أن يرى ملكوت الله إلا إذا ولد من عل”.
أضاف: “اختبار نيقوديمس هو اختبار كل من يريد أن يتعرف الى شخص المسيح، ويمس بالصميم كل من نال سر المعمودية، فالسير وراء المسيح يتطلب ولادة جديدة، أي تبني منطق وفكر جديدين، منطق المسيح وفكره. فبالمعمودية يولد الإنسان من جديد، خالعا عنه الخطيئة الأصلية ومنطق العالم المادي والأنانية، ويلبس المسيح الذي عندما رفع على الصليب أعطى الحياة الأبدية، ويدخل الى قلب الأب الله الذي أحب العالم حتى انه جاد بابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به. فمولود الروح هذا يقتدي بروح وفكر المسيح يسوع الذي مع انه في صورة الله لم يعد مساواته لله غنيمة بل تجرد من ذاته، متخذا صورة العبد وصار على مثال البشر وظهر في هيئة إنسان فوضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب، فيصبح كمعلمه رسول المحبة والتواضع والمسامحة والرحمة والسهر على الآخر والعطاء، يواظب على الصلاة ويتأمل كل يوم في الكتب المقدسة جاعلا منها مرآة تساعده على تنقية ضميره ووجدانه من شوائب الخطيئة والضعف البشري. ولأن الريح تهب حيث تشاء فتسمع صوتها ولكنك لا تدري من أين تأتي والى أين تذهب، يتحتم عليك ان تكون كالربان الحكيم الذي يعرف انه يحدد اتجاه الريح ويسدل الشراع في الوقت المناسب لكي تتمكن السفينة من الإبحار بأمان في محيط هذا العالم وأمواجه العاتية”.
وتابع: “ألق على الرب عمك فهو يعولك، لا تخف، دعه يقودك، هذه الكلمات كانت ومازالت رائدتي منذ نعومة أظفاري حتى هذه اللحظة، مسيرتي مع الرب بدأت عندما أودعني بين أيدي والدين تقيين كان همهما الأكبر تربية اولادهما الثمانية على محبة الله والقريب وعلى نهل العلم والمعرفة. من ثم دعاني الى الخدمة الكهنوتية فلبيت النداء واعدا إياه ان قلبي لن يصبو إلا لعمل إرادته من خلال الطاعة لرؤسائي وعدم البحث عن أي مركز على الأرض، ومن بعد ذلك، أرسلت الى روما لمتابعة دراساتي الجامعية، وهناك طلب مني الإلتحاق بالسلك الدبلوماسي التابع للكرسي الرسولي، فخدمت في ثلاث بعثات دبلوماسية من ثم طلبت للعمل في أمانة سر الدولة وبعد إحدى عشرة سنة عينني قداسة البابا فرنسيس اسقفا وقاصدا رسوليا، وأشكره للثقة التي وضعها في”.
وأردف: “طوال هذه المسيرة كان الروح يقود خطاي عبر أشخاص عديدين وضعهم على دربي، وأنا شاكر لهم جميعا، وأخص بالذكر والدي الحبيبين عبدو وتريز، مثلث الرحمات المطران خليل ابي نادر الذي سامني كاهنا، المطران نبيل العنداري السامي الإحترام الذي رفقني في الإكليريكية، المطران بولس مطر السامي الإحترام الذي أرسلني الى الأكاديميا الحبرية الكنسية، وكل رؤسائي في الكرسي الرسولي”.
وقال: “صاحب الغبطة والنيافة، من أين لي ان تحضروا شخصيا الى هنا لتزيدوا فرحتنا في قداس الشكر هذا، أشكركم على محبتكم وعلى إلتفاتتكم الأبوية، أطال الله بعمركم وعضضكم في إتمام رسالتكم لخير الكنيسة. أيها الإخوة والأخوات، ألقوا على الرب همكم فهو يعولكم، لا تخافوا”.
وختم القسيس: “أود أن أقول بكل صدق، أنا لا أستحق ان أكون في عداد خلفاء الرسل، وإنما هذه هي إرادة الله، اطلب منكم أن تصلوا لأجلي لكي أكون أمينا للرسالة التي أوكلت إلي كقاصد رسولي، وبالأخص كأسقف أي تقديس وتعليم وتدبير شعب الله بحسب فكر وقلب الرب يسوع، من خلال حفظ وصية الرب: احبوا بعضكم بعضا كما أنا أحببتكم. سأدع الروح يكمل عمله في فيهب ويقود خطاي حيث يشاء، ليس المهم أين تكون بل مع من تكون كما يقول صاحب المزمور: اني ولو سلكت في وادي ظلال الموت لا أخاف سوءا لأنك معي، آمين”.
وطنية