كتب بسام أبو زيد في نداء الوطن
تحدّث المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان عمّا وصفه «بمحاولة قضاءٍ على القوة الديموغرافية» ولم يعط المفتي قبلان أي تفسيرٍ لهذه العبارة التي تبدو واضحة بالنسبة إليه وهي كذلك بالنسبة إلى الكثيرين من الذين سمعوها، فهي بالتأكيد تقول إنّ هناك من يحاول القضاء على القوة العسكرية التي تتمتع بها الطائفة الشيعية، فالقوة بالمعنى العسكري موجودة عند هذه الطائفة وهي تتجسّد تحديداً بـ»حزب الله»، كما أنّ مسألة الديموغرافيا والديمقراطية العددية لم تكن أبداً بعيدة عن الكثير من الأصوات في الطائفة الشيعية ماضياً وحاضراً وكانت محور طروحات شارك في جانب أساسي منها الإمام محمد مهدي شمس الدين.
لم يتحدّث المفتي قبلان عن قوة الشعب اللبناني مجتمعاً بل تحدّث عن القوة الديموغرافية، وكأنّ باقي الشعب اللبناني المغلوب على أمره يفترض به إمّا أن يكون على ولاءٍ لهذه القوة وإمّا أن يتجنّب الصراع معها فيقبل بالأمر الواقع كي لا تقع عليه تهمة الخيانة والتآمر، كما أنّ الحديث عن قوة الديموغرافيا هذه أقصى في شكلٍ كاملٍ ما يعرف بقوة الدولة وهي التي تتجسّد بالجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية فأضحت القوة التي تحدّث عنها الشيخ قبلان هي القوة الوحيدة التي يجب أن تكون في لبنان وأن تلغي باقي القوى ولا سيّما قوة الدولة. كلام الشيخ قبلان تزامن مع كلامٍ للشيخ نبيل قاووق قال فيه «إن جماعة التحدي والمواجهة صاروا عبئاً ثقيلاً على البلد». ويقصد بجماعة التحدي والمواجهة القوى التي تعارض «حزب الله» وتعمل على إحباط أهدافه في رئاسة الجمهورية وغيرها، وعندما يتحدث أي شخصٍ عن عبء ثقيلٍ يعاني منه فهو يعمل بالدرجة الأولى على الخلاص من هذا العبء، والسؤال كيف السبيل إلى ذلك؟
ليس في الخيارات المتاحة سياسياً ما يشير إلى إمكان الخلاص من هذا العبء لا بل إنّ المرحلة المقبلة قد تعطي هؤلاء مزيداً من الشرعية الشعبية على حساب الجهات المؤيدة لـ»حزب الله»، كما أنّ من يوصفون بالعبء هم من تتمّ الدعوات للحوار معهم في شأن انتخابات رئاسة الجمهورية وقد يكون هؤلاء على حق في رفض الدخول إلى حوارٍ يؤدي إلى هدف واحد يمكن استخلاصه من كلام الشيخين قبلان وقاووق، ألا وهو إلغاء هؤلاء من الحياة السياسية.