تجتمع حياته بين هاتين الأيقونتين… الأولى عند وضع المخلص يده عليه، عندما أقامه المسيح بين يديه كمثال للبراءة والصلاح ( مت ١٨ : ٢). والأيقونة الثانية عند تقديمه لحياته ذبيحة شهادة للمسيح الذﻱ أحبه… ففي الأيقونة الأولى أشار المسيح نحوه؛ أما في الأيقونة الثانية أشار هو نحو المسيح.
إنه أول أب ومعلم لاهوتي في الكنيسة بعد الرسل الأطهار … وله أسهاماته القيمة في بناء مسيرة الكنيسة اللاهوتية ضمن الآباء الرسوليين. واجَهَ المعضلات الحياتية بحلول لاهوتية ، مستخدمًا اللغة الفكرية السائدة في عصره بطريقة لاهوتية خاصة؛ لها هدفها الإلهي وحيثياتها المتضمنة للحق الكنسي .
لذا تبنت الكنيسة كلها تعليمه اللاهوتي ضمن تقليدها الإيماني الأصيل والرصين؛ الذﻱ استمر حافظًا لخدمة الأسقفية وعملها وارتباطها بوحده الكنيسة الاعتبارية والحقيقية والواقعية الإفخارستية.
أعطى القديس أغناطيوس حياته للإنجيل وللمسيحية ، عبر الكنيسة الجامعة … فكان أول أسقف لأنطاكية بعد الرسول بطرس… وهو أول كاتب لاهوتي رسولي فيها، فكان علامة بارزة في التاريخ … لذا مثلت كتاباته خطوطًا هامة وريادية في مسيرة حياة الكنيسة… وقد لُقب بحامل الإله.
كتب سبع رسائل عكست فكرًا عميقًا سباقًا واسعًا وفريدًا .عاش حياته مثلاً لاحترام كمال قوة الله ، وللوقار والحكمة الروحية ، ومثالًا حيًا للمسيح الأسقف غير المنظور ولافخارستية الكنيسة. وقد سُمي (بالنوراني) لأنه رأى الملائكة النورانيين يسبحون الله بين خورسين (جوقتين) ورتب العبادة أسوة بهم … وقد أسس الكنائس وشددها، حاملاً المسيح في صدره كنبع للإيمان والصبر وكموضع للرجاء؛ محذرًا من التعاليم الغريبة الطفيلية التي تحمل ثمار الموت والفساد، حريصًا على كل بناء إيماني سليم لا يتزعزع، وكأنه مسمَّر على صليب رب المجد يسوع ، وثابت بقوة دم المسيح طبيب الأجساد والأرواح، وقد قاوم وحوشًا مفترسة من الهراطقة والمبتدعين قبل أن يقدم حياته لإفتراس الوحوش عند الاستشهاد … قاوم المخادعين المستكلبين عضًا وغدرًا ضد الإيمان السليم … موصيًا أولاده بالهروب من هذه الذئاب السامة بأفكارها الغريبة التي تبذر الشقاق والانقسام .
وفي أثناء الاضطهاد الذﻱ شنه تراجان، قبض عليه وحُكم عليه بالموت؛ بتقديمه كفريسة للأسود في كولوسيوم روما… فجاء إليه الحرس الذين أسماهم هو ب (النمور) لسوء معاملتهم له، واقتادوه ثم ألقوه للأسود الجائعة دون الاستماع لالتماسات ورجاء ودموع شعبه وإلحاحاتهم … لكنه تقدم بملء رضاه إلى الموت من أجل الله، ودعا الوحوش لتأكله.. حتى يصل إلى المجد ..
فحالما طُلبت منه الشهادة قال : ها أنذا .. أنا حنطة الله التي تُطحن تحت أنياب الوحوش الضارية لتكون حياته صعيدة مبذولة حتى النهاية كعلامة تلمذة حقيقية وحب للرب يسوع الذﻱ سيعينه ليتحمل الآلام ويقيمه حرًا ما دام لم يشتهِ شيئًا .
اطلب من الرب عنا أيها القديس أغناطيوس حامل الإله ليغفر لنا الرب خطايانا .