بمناسبة عيد جميع القديسين وتذكار الموتى المؤمنين لعام ٢٠١۹ وجّه الكاردينال ماورو بياتشينزا رئيس محكمة التوبة الرسوليّة رسالة استهلها متسائلاً: عندما نسمع كلمة كنيسة أو عندما نلفظها في قانون الإيمان ما هو الواقع الذي نفكّر فيه؟ أين يذهب فكرنا وقلبنا؟ ما هي – لا بل من هي الكنيسة؟ وما هي فكرتنا عنها؟
تابع الكاردينال بياشنزا يقول لا يمكن للجواب الحقيقي على هذه الأسئلة البسيطة والأساسية إلا أن يحملنا إلى حقيقة المسيح الشامل وإلى الكنيسة لا كواقع بشري وحسب وإنما في هويتها الإلهية والبشرية. فالكنيسة على الدوام هي كنيسة الثالوث ولذلك علينا أن نضع على الدوام نصب أعيننا بعدها السماوي إن كان في العلاقة مع السرّ الثالوثي وبشكل خاص مع رأسها المسيح وغن كان في عناق جميع الإخوة المخلّصين الذين تركوا هذا العالم.
أضاف رئيس محكمة التوبة الرسوليّة يقول إن هذا الواقع الرائع للكنيسة والذي يُعبّر عنه في الليتورجية التي تحتفل بعيد جميع القديسين وتذكار الموتى المؤمنين في يومين متتاليين يجعلنا نشعر من خلال دفء الليتورجية ووضوح التعاليم الناتجة عنها بعناق الله والإخوة. وبالتالي نحن مدعوون خلال هذه الأيام إن كان من خلال التفكير الشخصي الذي يدفعنا إليه تذكار أعزائنا الموتى وإن كان من خلال الحفاظ على التأمل والصلاة لكي نستقي من كنز الشركة الذي لا ينضب والذي يجد تجسيده في واقع الغفران الكامل.
تابع الكاردينال بياشنزا يقول أن نشارك في الإفخارستيا بصلاتنا وتوبتنا وعيش الصدقة وأعمال الرحمة وفي عمل الفداء الذي حققه المسيح يعني أن نسمح للنعمة بأن تدخلنا، بحريتنا، في عمل الثالوث عينه الذي، ومنذ بداية الزمن، ومرورًا بالعهد الأول والفداء الذي حققه الابن، يدعو جميع البشر إلى ملء الشركة معه. وبالتالي أن نستقي خلال هذه الأيام المقدّسة من كنز رحمة الكنيسة من خلال الممارسة التقوية للغفران الكامل والذي يمكننا أن نناله لأنفسنا وإما لأحد الموتى المؤمنين يعني أيضًا أن نجدّد إيماننا من خلال سرّ المصالحة والشركة الأسرارية بحسب الشروط الواجبة ومن خلال إعلان إيمان الكنيسة والصلاة من أجل نوايا الحبر الأعظم. من خلال هذه التصرّفات البسيطة والملموسة يمكن لكل مؤمن أن يعيد التأكيد على ملء الشركة مع الكنيسة ويجدد قبوله لجميع الخيور الروحية والناتجة عن هذه المشاركة.
في الوقت عينه، أضاف رئيس محكمة التوبة الرسوليّة يقول، عندم نقوم بأي فعل بشري – وبالتحديد تلك الأفعال التي تؤثر على حياتنا الدينية – يتقوّى إيماننا: فعندما يجثو المؤمن في كرسي الاعتراف ويعترف بقلب نادم بخطاياه ويطلب الرحمة الإلهية، هو لا ينال نعمة المصالحة وحسب وإنما ومن خلال هذا التصرّف هو يعيد التأكيد على إيمانه الذي سيتقوّى ويتشدّد بفضل النعمة. لنركض إذًا إلى كرسي الاعتراف خلال هذه الأيام المقدّسة ولنقبل بتواضع وتقوى وفرح عطية الغفران الكامل ولنقدّمه بسخاء لإخوتنا الذين وغذ عبروا عتبة الزمن لا يمكنهم القيام بأي شيء لأنفسهم ولكن بغمكانهم أن ينالوا من محبتنا، فتستمر هكذا علاقة المحبة معهم وتتقوّى.
تابع الكاردينال بياشنزا يقول إن الغفران الكامل هو تجسيد فعّال وممكن للإيمان في الشركة مع القديسين التي تعطي نفسًا لحياتنا الأرضيّة وتذكرنا، بفعالية استثنائية، بأنَّ أفعالنا تملك قيمة مطلقة إمّا لأنها أفعال بشريّة وإما لأنها، في هذه الحالة الخاصة، أفعال بشريّة تملك قيمة تفوق الطبيعة. ولتكن سخيّة على الدوام ولاسيما خلال هذه الأيام المقدسة جهوزيّة المعرِّفين والإصغاء السخي والجيد والمشاركة المصلّية في غسل الولادة الجديدة هذه الذي يُنزل على الكنيسة مطرًا من النعم وسيكون له استحقاقات لامتناهية أمام عرش العلي. وخلال هذه الأيام في كرسي الاعتراف لنضع قلوبنا في خدمة الإصغاء والتعزية والتوجيه والغفران.
أضاف رئيس محكمة التوبة الرسوليّة يقول لتكن الأيام التي تنتظرنا خبرة حقيقيةً للتجدد الروحي نكتشف فيها مجدّدًا حقيقة ايمانا الذي يتجسّد أيضا في بساطة الأفعال التي تقترحها التقاليد الروحية، فنرى قلوبنا مفتوحة لتستقبل على الدوام هذه العطايا التي يعطيها الروح القدس للكنيسة، متأكدين أيضاً أنه بإمكان الالتزام وأعمال الرحمة أن تحمل ثمارًا وافرة في حياتنا الشخصيّة وفي حياة الكنيسة ومن أجل خير العالم.
وختم الكاردينال ماورو بياتشينزا رئيس محكمة التوبة الرسوليّة رسالته بالقول لتعضد الطوباوية مريم العذراء، أم الرحمة وسلطانة جميع القدسين وباب السماء العمل الذي لا يَكِلّ للعديد من الكهنة؛ ولتكُن وسيطةَ نعمة لقلوب جميع المؤمنين التي هي محامية لهم؛ ولتتضرع من الرأفة الإلهية نعمة دخول الفردوس، التي لا تقدر بثمن، لجميع إخوتنا، لأنَّ سعادتهم هي سعادتنا.
أخبار الفاتيكان