شريط الأحداث
أختر اللغة
الرئيسية | إعلام و ثقافة | الكتاب الثاني لسامي ريشا: ثلاثة.. أحدها زائد عن اللزوم
الكتاب الثاني لسامي ريشا: ثلاثة.. أحدها زائد عن اللزوم
الكتاب الثاني لسامي ريشا: ثلاثة.. أحدها زائد عن اللزوم

الكتاب الثاني لسامي ريشا: ثلاثة.. أحدها زائد عن اللزوم

أصدر رئيس قسم طب النفس في مستشفى “اوتيل ديو” في بيروت وفي كلية الطب – جامعة القديس يوسف، البروفسور سامي ريشا، كتابه الثاني “ثلاثة…أحدها زائد عن اللزوم” (Trois dont un de plus)، عن دار “لارماتان” L’Harmattan الفرنسية، تناول فيه تجربة تتمثل في أدب طب النفس.

اختار ريشا النص الأدبي بدلا من الدراسة العلمية ليتناول معاناة الأطفال المصابين بمتلازمة “داون” وكل إعاقة، واعتمد الرواية عوضا عن التقرير الطبي ليرسم ملامح الأهل الذين يكرسون أنفسهم لأولادهم هؤلاء، واستند على تشخيص هذه الحالات ليدخل في عمق الشخصيات وأحوالها.

وقد جمع ريشا في هذا الكتاب، وهو الثاني له، بين خبرته المهنية الطبية وعشقه المزمن للأدب، وللغة الفرنسية تحديدا، فكانت الحصيلة رواية مؤثرة عن حياة والد طفل مصاب بمتلازمة “داون”.

وأوضح ان “هذه القصة يمكن أن تكون قصة أي أب أو أم لطفل يعاني من الإعاقة”، مضيفا: “ليست قصة حالة واحدة أو شخص معين، بل هي حالة نموذجية مكونة من حصيلة مجموعة حالات. هي تشكل نوعا من رسم لشخصية الطفل المصاب بإعاقة، ولشخصية أمه أو أبيه”.

وقال: “لقد تابعت الكثير من هذه الحالات، ويمكنني أن أكتب دراسة أو بحثا علميا عن الموضوع، لكنني أردت أن أضع الخلاصات التي توصلت إليها في قالب أدبي روائي، لأن الدواء الأهم للطفل ولأهله، في مثل هذا الوضع، هو العاطفة الإنسانية التي لا يمكن أن تعكسها دراسة طبية، بل تتجلى في الرواية والأسلوب الأدبي”.

ويتناول الكتاب قصة رجل كرس نفسه لأجل ابنه إريك الذي ولد حاملا كروموزوم 21 (التثالث الصبغي). وانتابت الوالد في البداية مشاعر متناقضة، تراوحت بين الكراهية والحب، وبين خيبة الأمل والتسليم بالأمر، وراح عبثا يبحث عن تفسير لهذه الإعاقة التي لم يكن مستعدا لها.

ومما أورده ريشا في روايته، بلسان الأب: “خرجت من الكنيسة بسرعة وأنا أفكر في الأب الذي يستحق هذه الصفة (…) ويكون أبا حتى الرمق الأخير، ويستطيع أن يتحمل هذا التحدي لأبوته (…). كان علي أن أتأقلم مع حالتي الجديدة كأب لطفل مصاب بإعاقة، والقبول بقدري وإعادة توجيه حياتي. بعد اليوم، لن يبقى شيء كما كان من قبل. علي أن أتقبل المصيبة التي حلت علي وعلى عائلتي، وأن أخوض التحدي. حياة إريك مرهونة من الآن فصاعدا بقدرتنا على تحسينها له. كان علي الخروج من حال السبات لكي أؤمن له أياما أفضل طوال حياته (…). إمتحان الشجاعة يحصل عند التجربة. المهمة التي تنتظرني جبارة. في حياتي المستقبلية كوالد لطفل مصاب بإعاقة، ثمة أمور محرمة يجب ألا تكون موجودة في قاموسي، كالاستسلام، والضعف، والتراجع، والإذعان. باختصار، لا يمكنني أن أسمح لنفسي بترف الاكتئاب”.

ويرافق القارىء إريك في خطواته الأولى، ثم في حياته المدرسية، ويواكبه من طفولته حتى تقدمه في السن، من خلال تصرفاته في السوق كما في المسرح، وفي كل مكان وظرف، ويرافقه في حبه الأول. وعبر الصفحات، يعيش القارىء في قلب معاناة هذا الطفل، وفي قلب مشاعر الوالد المكرس بالكامل لابنه، ويتعرف إلى موقف والدة الصبي وما خبرته شقيقاته. وتعبر الفقرة الآتية تماما عن نظرة الأب، إذ يقول: “إريك كلمة من أربعة أحرف هي بالنسبة لي مرادف للحب والحنان. أربعة أحرف تجعل مني، في الوقت ذاته، أسعد الآباء وأتعس الرجال (…). أربعة أحرف لثلاثة كروموزومات أحدها زائد عن اللزوم. أربعة أحرف تغير حياتي وثلاثة كروموزومات غيرت حياتك (…). الآخرون الذين ينظرون إلينا من بعيد، يشعرون بالشفقة على إبني إريك وبالحنان على أهله. ولكن أنا، كأب لطفل مصاب بمتلازمة داون، أبحث بلا كلل، في أبسط حركاته في نظرته الشاحبة ولكن الثاقبة (…)، عن الزخم اللامحدود لطفل مفعم بالطاقة. هكذا أمضي أيامي ليل نهار مع الآخرين ومع نفسي”.

تجدر الإشارة إلى أن ريشا (من مواليد عام 1969) هو رئيس قسم طب النفس في مستشفى “اوتيل ديو” في بيروت ورئيس قسم طب النفس في كلية الطب في جامعة القديس يوسف في بيروت واستاذ فيها، إضافة إلى كونه رئيس الجمعية الفرنكوفونية للمصابين بأمراض نفسية. ونال درجة الدكتوراة في أخلاقيات علم الأحياء (Bioéthique) عام 2009 من كلية الطب في جامعة Aix-Marseille في فرنسا. وقد صدر كتابه الأول “طب النفس في لبنان- تاريخ ونظرة” La psychiatrie au Liban- Une histoire et un regard عن دار ضرغام عام 2015، وهو من قسمين: في الاول توقف المؤلف باسهاب عند تاريخ طب النفس في لبنان منذ العام 1900، أما في الثاني، فتناول، وفق رؤية إنسانية، ظروف الأمراض النفسية كالفصام والإدمان والإعاقة العقلية، وتناول كذلك المثلية الجنسية، والمؤثرات العقلية.

وطنية

عن ucip_Admin