كلودا طانيوس / النهار
لم تكن تجربة التلميذ رودني نخلة في الصف الثاني ابتدائي للسنة الدراسية الحالية شبيهةَ بتجربة غيره من تلامذة لبنان. فهو اختبر ديناميكيةً في التعلّم وتفصيلاً في التفسيرات ووزناً أقل في حقيبته المدرسية، و”السحر الساحر” يعود إلى اعتماد مدرسته نظامَ التعليم في الكتب الرقمية أو الـe-book.
فمجموعة المدارس الأرثوذكسية في لبنان (EDUVATION School Network) أرادت الانخراط في التقدم التكنولوجي وعدم التنكّر له، اذ أقدمت منذ 3 أيلول من العام الماضي، أي مع بداية السنة الدراسية الحالية، على اعتماد الكتب الرقمية في مناهجها التعليمية، ما فتح آفاقاً جديدة أمام التعليم الأكاديمي اللبناني. وانفردت شبكة مدارس EDUVATION بهذه الخطوة الجريئة التي تستحق التقدير و”المساءلة” في الوقت ذاته، فالتجربة جديدة وتُعتبَر “مخيفة” للوهلة الأولى.
هذا الامر ما لم تُخفه والدة رودني السيدة مايا نخلة، إذ قالت لـ”النهار” إنها كانت قلقة بشأن تأقلم ابنها للتعلم في الكتاب الرقمي في مدرسة البشارة الأرثوذكسية بيروت، “لكنه تصفّح عبره كل ما يريد أن يعرفه عن موضوعٍ معين، وجاءته الصورة والكلمة وكيفية لفظها والتعريف بها الى أمور أخرى متعلقة بموضوع البحث”. وتشاركها الرأي السيدة كارولين نمّور التي روت لـ”النهار” كيف أتقن ابنها رواد نمّور في ثانوية السيدة الأرثوذكسية اللغة الأجنبية بفضل الكتاب الرقمي، “وهو ما لم استطع أن أعلّمه إيّاه، كما أنه لم يتمكن سابقاً من التعرف السريع إلى هذا الكم من التفاصيل المتعلقة بالمادة التي يدرسها”، مشدّدةً على أن “الـe-book خفّف من الوقت اللازم للشرح وجعل عملية التعلم شاملة وسريعة جدّاً”.
“الكتاب الرقمي منبثق من المجتمع”
لعل التحضير الجدي الذي اعتمدته مدرسة الثلاثة الأقمار ومدرسة البشارة الأرثوذكسية في بيروت وثانوية السيدة الأرثوذكسية هو ما أعطى الركيزة الصلبة لنظام الكتب الرقمية. فالمسؤولة عن خدمة الكتب الرقمية ومديرة قسم الاتصال في مدارس EDUVATION جويل واكد أوضحت لـ”النهار” أننا “تحضّرنا خلال السنوات الثلاث الماضية قبل إطلاق هذه الخدمة الأكاديمية حتى تمكّن الأساتذة من التدرّب والتأقلم”.
وتخبر عن مدى “معاشرة” الكتاب الرقمي للتلميذ، وتعبيرِه عن “شخصيات تشبهه وقريبه منه، ما لا يُشعر التلميذ بالغربة، ويجعله قادراً على إجراء تمارينه بطريقة تفاعلية أكثر”، وأكدت أن الكتاب منبثقٌ من مجتمع التلامذة ويعطيه قيمة مضافة: “فالعديد من الأمور يرَونها في الكتاب الرقمي تماماً كما هي في الواقع وفي المجتمع اللبناني”.
وفي إجابتها “النهار”، لم تخف واكد حقيقة أخطار الشاشة الإلكترونية على نظر الشخص، خصوصاً الولد، لكنها أوضحت أننا “لم نتخلّ كلياً عن الكتب الورقية، فالكتاب الرقمي جاء مكان الكتاب الرئيسي القديم لكل مادة، لكن التلامذة يستعملون دفتر التطبيقات كالعادة، ويلجأون الى استعمال الورق والكرتون لتركيب رسوم معينة”، وذكّرت بالدراسة التي أجرتها دائرة “تكنولوجيا المعلوماتية” في شبكة مدارس EDUVATION التي برهنت أن جهاز الـ iPad الذي يستعمله التلامذة هو أكثر الأجهزة أماناً وثقة.
وتشكّل أيضاً تطمينات السيدتَين نخلة ونمور باباً عريضاً لإدخال التكنولوجيا في مسار التعلم في لبنان، ولتشجيع الأهل للاستعانة بالتطبيقات التعليمية الإلكترونية. وما تحضير مجموعة مدارس EDUVATION لإطلاق الكتب الرقمية لصفوف الرابع والخامس والسادس ابتدائي أيضاً، بعد اعتمادها حالياً في الصفوف الابتدائية الثلاثة الأولى، إلا دليل آخر على التحدي الأكاديمي الجديد الذي يحمل آفاقاً إيجابية للتلميذ اللبناني.