بوفاة المتروبوليت فولوديمير، رأس الكنيسة الارثوذكسية الروسية في اوكرانيا التي قادها 22 عاما، تبدأ مرحلة من الغموض والتحديات لهذه الكنيسة، وفي طليعتها موقفها من الحركة الانفصالية الموالية لروسيا في شرق البلاد. تلك الكنيسة تُعَدُّ اكبر مجموعة دينية في هذا البلد، وتضم 11 الف رعية، ما يزيد عن حجم بطريركية كييف للارثوذكس التي تأسست العام 1992 بعد استقلال اوكرانيا. وهي تابعة لبطريركية موسكو، وتقيم علاقات وثيقة مع روسيا.
في اوكرانيا، ولد المونسنيور فولوديمير الذي توفي عن 78 عاما. غير انه درس في لينينغراد وموسكو ابان الحقبة السوفياتية، ونجح في “المحافظة على انتمائه الاوكراني”، على ما يقال في كييف، واعتماد طريق وسط، من دون ان يتبني تماما مواقف بطريركية موسكو القريبة تقليديا من النظام الروسي.
غير ان خلفه الذي ينتخبه مجلس الاساقفة المدعو الى الاجتماع في 13 آب (اليوم) في كييف، سيتم اختياره في ضوء الحركة الانفصالية الموالية لروسيا، التي تحظى في شرق اوكرانيا بتأييد صريح من عدد من كهنة كنيسته، ومع الاخذ بموجة العداء لروسيا التي تزداد في بقية البلاد.
تقول نائبة رئيس الجمعية الاوكرانية للباحثين المتخصصين في المسائل الدينية ليودميلا فيليبوفيتش ان “مستقبل الكنيسة يحدده الشخص الذي سيُعيَّن على رأسها. إما يسعى الى المحافظة على وحدة الكنيسة مع نواتها الموالية لروسيا، أو تنشق الى فرعين، واحد موال لاوكرانيا، والآخر لروسيا”. وتشير الى ان مسؤولين كباراً في الكنيسة الارثوذكسية الروسية في اوكرانيا، مثل متروبوليت اوديسا اغافانغيل ومتروبوليت دونيتسك ايلاريون، لعبوا دورا مهما في الحراك الانفصالي. “الناس الذين خرجوا الى الشارع ليهتفوا انهم يريدون الانضمام الى روسيا، كانوا يرددون ما حفظوه من عظات الكنيسة الاكثر نفوذا في منطقتهم”.
عمليا، ليس هناك مرشحون موالون لكييف لخلافة المونسنيور فولوديمير. والافضل موقع لهذا المنصب، وجميعهم يعتبرون موالين لروسيا ولو بدرجات متفاوتة، يذكر متروبوليت بوريسبيل وبروفاري المونسنيور اونوفري (69 عاما)، وهو رجل اكثر ميلا الى الحياة الروحية والصلاة منه الى ادارة الموارد البشرية والمادية، ومتروبوليت تشرنيفتسي وبوكوفينا المونسنيور انتوني (46 عاما)، هو اكثر حداثة و”ليبرالية”.
يرى مدير الهيئة الاعلامية حول الاديان تاراس انتوشيفسكي ان “موسكو ستؤثر حتما في اختيار المتروبوليت المقبل”. غير ان بطريركية موسكو والاساقفة “يدركون جميعا ان تقديم مرشح موال صراحة لروسيا سينال من اعتبار الكنيسة، وسيقود الى انشقاق مسؤوليها. وفي الوقت عينه يستحيل عليهم دعم مرشح مستقل موال لاوكرانيا. وفي مطلق الاحوال، ليس هناك اي مرشح مماثل”.
قد تنطبق صفة المرشح المستقل الموالي لاوكرانيا على اولكسندر درابينكو، متروبوليت بيرياسلاف-خميلنيتسكي الشاب، غير ان انتوشيفسكي يرى ان حظوظه ضئيلة في الحصول على دعم كاف داخل مجلس الاساقفة. ويعتبر الباحث ان الاساقفة المجتمعين لن يكون لهم سوى هدف واحد واقعي “هو المحافظة على استقرار كنيستهم”.
النهار