مَن هو روبير سارا؟ إنّه الكاردينال الكاثوليكي الغيني، أحد الكاردينالَين الأفريقيّين المَوجودَين في الفاتيكان. كان روبير سارا رئيس المجمع الحبريّ، قبل أن يصبح سنة 2014 مدير “مجمع العبادة الإلهيّة ونظام الأسرار”. صدر كتابه “الله أو العَدم” في 25 شباط الماضي، وقد شكّل موضوع المقابلة التي أجراها معه جان سيباستيان فيرجو من موقع atlantico.fr الفرنسي.
استهلّ المُحاور مقابلته بموضوع القارّة الأوروبية التي فقدت حسّ الديانة. وانطلاقاً من عنوان الكتاب، سأل فيرجو الكاردينال إن كان يعتبر أنّ أوروبا في العدم. فما كان من الأخير إلّا أن أجاب بالإثبات، لأنّ لا شيء موجود بدون الله الذي يُحافظ على حياتنا، والذي بدونه، لا حياة أبدية. أمّا فيما يتعلّق بالحروب، فمصالحنا هي المُسبّب الأوّل لها، وليس الدين أو الله. إنّ الحرب انعكاس لجشعنا وعطشنا إلى المكاسب، وحتى لو كان بعض المتعصّبين يختبئون خلف الدين لشنّ الحرب، لا يمكننا اتّهام الدين بدون أن نتّهم أنفسنا. فالأصوليّة لم تولد من العدم، بل هي ردّة فعل ثقافيّة، إذ أنه وبوجه الإسلام، هناك ديانة بدون إله. هذا ما كان البابا يوحنا بولس الثاني يدعوه بثقافة الموت، تماماً كمسائل الجنس والزواج والقتل الرحيم والإجهاض. فبرأي الكاردينال، عندما نهزأ ممّن يؤمنون ونسخر منهم في الرسوم الكاريكاتورية، نكون لا نخشى الاستخفاف بشهدائهم، مما يتسبب بردّة فعل، كما حصل مع الأفلام المُسيئة ليسوع المسيح. إلّا أنّ ردّة فعل المسيحيين لم تشبه ردّة فعل المسلمين، ويجب ألا نعتقد أنّ كلّ الحضارات تتقبّل الاستهزاء بالأمور الأساسية بالنسبة إليها. وذكر الكاردينال أنّه في كتابه يشير إلى وجوب مساعدة أوروبا لتجد الله ثانية، ولتستعيد هويّتها فتنهض من ضُعفها، إذ لا يمكن أن ننكر أصولها المسيحية. وفي سياق متّصل، تطرّق المُحاور إلى “عبقريّة المسيحية” التي يذكرها الكاردينال في الكتاب، والتي أصبحت فضيحة في أوروبا لا سيّما في فرنسا، حيث يُشبَّه الله والإيمان بشكل من الخَبل. فذكّر سارا الفرنسيين أنّهم مسيحيّون حتى ولو لم يريدوا معرفة ذلك أو سماعه، وحضّهم على عدم التخلّي عن التعليم الديني الذي يولّد النظام، داعياً الكنيسة في فرنسا إلى تحمّل مسؤوليّاتها، وكهنتها إلى عدم تفسير كلمة الرب على هواهم.
ومن بين المواضيع التي طرحها فيرجو خلال المقابلة، ودائماً بحسب موقع atlantico.fr الفرنسي، احتلّت السجالات داخل الكنيسة خاصة السجالات المتعلّقة بالسينودس الأخير حيّزاً من اهتمام الكاردينال، إضافة إلى موضوع المسيحيين المضطهدين في العالم. فالكنيسة وعبر فقدانها هويتها تزيد على معاناة المسيحيين إذ لا تدعمهم ولا تشاطرهم الإيمان.
تجدر الإشارة إلى أنّ فيرجو طلب إلى الكاردينال شرح معنى الإيمان لأوروبيين قد فقدوه، لا بل نسيوا فكرته. فعبّر الكاردينال بكلمات بسيطة عن الإيمان بأبٍ خلقنا ويحبّنا، لكنّه قال إنّ الله ميت بالنسبة إلى الكثير من الأوروبيين. أمّا الاستراتيجية المناسبة فتقضي بأن يشهد أبناء الكنيسة على عيش بعضهم البعض بحسب قيَمهم، وإلّا اتّخذ أعداء الكنيسة القرارات التي تحلو لهم. كما وشجّع سارا الشبّان والراشدين على الاندماج في السياسة. وختم الكاردينال المقابلة بالتكلّم عن “عدوى القداسة”، قائلاً إنه علينا جميعاً أن نفتخر بمسيحيّتنا. فبكوننا مع الله وبحبّنا الآخر وبمسامحة بعضنا البعض كما يُسامحنا هو، نكون قدّيسين. وأضاف: “في الصلاة، يكون الإنسان كبيراً. فكلّما جثا وكلّما كان على رجلَي المسيح، أصبح أكبر. إنّ الصلاة تواضع وعظَمة في الوقت نفسه. إن ابتعدنا عن الصلاة، لا يمكننا تحمّل أعباء الضغوطات. أمّا الوصايا فليست قوانين بل هي سبيل للخير الأعظم”.
ندى بطرس / زينيت