أول اجتماعاته في نيسان المقبل… والخطوات العملية ستبدأ
اكتبت منال شعيا في النهار
“استفيقوا من الوهم”: بهذه العبارة ناشد رئيس مؤسسة “لابورا” الأب طوني خضرا المسؤولين، بعدما بات “اللبنانيون في الهاوية والمسيحيون خائفين على وجودهم ولم يجدوا معهم أهل السلطة والدولة”.
ولان كل شيء انهار، والجميع في حالة فوضى وضياع، لم يأت هذا التحذير من عبث، بل أعقبته دعوة ملحّة الى “إطلاق الحوار والتعاون والتضامن في هذه اللحظة المصيرية من تاريخ لبنان، والتأسيس لمؤتمر مسيحي دائم”.
هذه الصرخة جاءت من “اتحاد أورا” بجمعياته الأربع: الاتحاد الكاثوليكي العالمي للصحافة – لبنان، “لابورا”، “أصدقاء الجامعة اللبنانية”، و”نبض الشباب” و”لقاء وحدة ورؤية” وتجمّع “لبنانيون من أجل الكيان”، فكانت بمثابة صرخة وجع في زمن الأزمات.
ولأن خضرا مقتنع بأن “الكنيسة تتحمّل مسؤولية إعداد خطة تنفيذية تعمل على إعادة النظر في المؤسسات الكنسية ووضع الأوقاف في خدمة الشعب وخلق مشاريع مستدامة وتوفير فرص عمل للشباب”، كانت هذه الحركة للانتقال من الشق التنظيري الى الحيز العملي، من خلال سلسلة خطوات ستعلن تباعاً.
لكن الأهم، ماذا يمكن أن تقدم هذه الخطوة: هل هي فرصة جديدة، أم مجرّد نداء قد يضيع مع الوقت؟
يقول خضرا لـ”النهار”: نحن لم نبدأ الآن، بل بدأنا عملنا منذ الـ2000 مع الاتحاد الكاثوليكي للصحافة، ولاحقاً في لابورا، ومن ثم من خلال مجموعة “نبض الشباب” التي اختصّت بالشق الإنمائي… ولكن، الآن، نحس أن كل شيء ينهار. لذلك، حاولنا سريعاً القيام بمشروع “لبنانيون من أجل الكيان”، لأننا لا نريد أن ينهار الوطن برمّته ونخسر كل شيء”.
إدراك السقوط
في الصرخة التي أطلقها خضرا، لم يحضر سياسيون ولا حزبيون، لكن الكلام وُجّه إليهم عبر مناشدتهم “الاستفاقة من الوهم واستكمال التعديلات الدستورية وإدراك حالة السقوط”.
يعلق خضرا: ” في مشروعنا من أجل الكيان، التقينا الجميع، في محاولة لتقريب وجهات النظر، ممن يطالبون بالفيديرالية أو بالتقسيم أو ممن يرفضون كل ذلك، فلمسنا أن الحوار ممكن وأن الحل ممكن أيضاً عبر اتفاق الطائف. إلا أننا في الوقت عينه، أدركنا كم حجم الفوضى كبير عند الكل، في ظل غياب مشروع استراتيجي واحد عند أحد. وهذا خطير ومخيف”.
من هنا، تداعت هذه المجموعة، وفق خضرا، “لأنها شعرت بالوجع مثل كل اللبنانيين، بخلاف السياسيين، إذ معنا نحن في الهاوية، لبنانيون يبحثون عن الدواء والخبز وحليب الأطفال، ومعنا أيضاً لبنانيون انفجرت بهم عاصمتهم فتحوّلوا أشلاءً على المرفأ أو جرحى أو مشرّدين، وشباب يتسوّلون بطاقة هجرة الى أي بلد، وطلاب يخسرون علمهم. فكان لا بد من عمل شيء. وكان النداء”.
بعد المؤتمر – النداء الذي أعلنه خضرا، مطلع الشهر الحالي، تداعى الى توقيع النداء نحو 600 شخص سيشكلون ما يُسمّى الهيئة العامة لـ”المؤتمر المسيحي الدائم”.
وفق خضرا، هذه المجموعة الموقعة حتى الآن تمثل مختلف فئات المجتمع اللبناني المدني، من غير السياسيين والحزبيين، بل الموجعين حقاً، وبعد نحو شهرين، أي في مطلع نيسان المقبل، سيعقد المؤتمر المسيحي أول اجتماعاته، لإطلاق العمل الفعلي على الأرض.
ويتدارك أن “المسؤولين ليسوا معنا. لذلك، أكدنا عدم حضور أي سياسي في النداء الذي وجّهناه، فحين نظرنا أكثر في قعر الهاوية استفقدنا الكثيرين، وأدركنا أنهم ليسوا معنا بل علينا. لم نجد معنا أهل السلطة، بل رأيناهم يعيشون في نعيم أموالنا التي نهبوها”.
خطط عملية
في ندائه توجّه خضرا الى المسؤولين الروحيين، بالقول: ” ثمة خطتان تستندان إلى رؤية استراتيجيّة واضحة: خطّة تنفيذية إجرائية تعمل على إعادة نظر في عمل المؤسسات الكنسية وهيكلياتها، وخطّة تعليميّة تثقيفية تعمل على ترسيخ المبادئ المسيحية. أما من الناحية الاقتصادية، فنرى أنّ على الكنيسة (البطريركيات، والأبرشيات، والرهبانيات…) وضع الأوقاف في خدمة الشعب وإعداد خطط واضحة تسهم في صموده، والولوج إلى الاقتصاد المنتج”.
وبالفعل، باشر خضرا مع أكثر من مجموعة واتحاد في التحضير لأكثر من مشروع زراعي – إنمائي في أكثر من قرية وضيعة. يلفت الى أنه “لا بد من أن نصمد وأن نبدأ. الهجرة مخيفة. كم من الموظفين الذين نجحت لابورا في تعيينهم في الوظائف العامة والمؤسسات هم اليوم جائعون؟ وكم من الشباب هاجر وربما الى غير رجعة! هل يُعقل أن تستمر البلاد بهذا المنحى الكارثي؟”.
… عظيم، ولكن ماذا عن الخطوات العملية؟ يخشى كثر ألا تقدم هذه الخطوة أي حيز عملاني في ظل الجوع الذي يتزايد والأزمات غير المسبوقة، فتكون ضائعة في الوقت؟
يجيب: “نحن لا نكذب، وتجاربنا أثبتت ذلك، لأننا لا نريد أي منصب. نحن أولاد الأرض ونريد أن نبقى فيها، والأهم أننا اليوم لا يمكن أن نكذب مع أناس جائعين ولديهم وجع كبير. أعمالنا في الماضي، إن كان بالنسبة الى الجامعة اللبنانية أو الى التوظيفات أو المشاريع الزراعية – الإنمائية تدل على ذلك. لا نعد من دون عمل، والكلمة عندما تتجسّد على الأرض تصبح هي الحياة”.
بالفعل، هم الأوادم دائماً يكونون عالقين في الهاوية. أما السياسيون، فيقول لهم خضرا: “كم ستعمّرون من الأحقاد المميتة وحفلات الإلغاء المتبادلة بعد؟”.