اختتم المؤتمر السنوي الـ25 للمدارس الكاثوليكية بعنوان “إستمرار المدرسة الكاثوليكية: شروط وتطلعات”، جلسات أعماله بعد ظهر اليوم، بدعوة من اللجنة الأسقفية والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، في ثانوية مار الياس للراهبات الأنطونيات – غزير، كسروان، مدى يومين في 4 ايلول و5 منه.
جلسة الافتتاح
بعد الصلاة الإفتتاحية، افتتح الأمين العام الأب بطرس عازار جلسات اليوم الثاني، بصلاة للقديسة تيريز الذي يصادف عيدها اليوم. وتلا عضو الهيئة التنفيذية في الأمانة العامة للمدراس الكاثوليكية الدكتور بيار صباغ رسالة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اللجنة الأسقفية والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، شكر خلالها “هذه المبادرة بعقد هذا المؤتمر”، مقدرا “الجهود المتواصلة في سبيل إعلاء شأن المعلمين والطلاب على حد سواء، وهو ما ينعكس إيجابا على المستوى التربوي للبنان في المنطقة والعالم، متمنيا للمنظمين دوام التوفيق والنجاح والإستلهام من المعلم الأول يسوع المسيح لنقل رسالة العلم ونشر ثقافة المحبة والعطاء”.
واستكملت في اليوم الثاني المحاور الثلاثة المتبقية.
المحور الثالث
المحور الثالث تناول مسألة بالغة الأهمية تتعلق بهوية المدرسة الكاثوليكية وهي “خصوصية المدرسة الخاصة في لبنان وكيفية تعزيزها”. أدار هذا المحور الأب شربل بتور اليسوعي، عضو الهيئة التنفيذية للمدارس الكاثوليكية وتضمن اربع مداخلات:
المداخلة الأولى، نقلت وجهة نظر أكاديمية حول كيفية ضمان استمرارية المدرسة الكاثوليكية في لبنان مع النائب الدكتور انطوان حبشي الذي أشار الى أهمية تحديد المفاهيم لإمكان الإجابة عنها وللعمل على إستمرار المدرسة الكاثوليكية في ظل الأزمة الحالية المستجدة”.
وشدد على “أهمية التضامن في الأسرة التربوية أي إدارات المدارس وأساتذة وتلامذة في وجه الدولة التي أوجدت المشكلة ولم تقدم الحلول الناجعة”. وعن “تمايز المدرسة الكاثوليكية” أكد أنها “إحدى المكونات الاساسية للبنان”. وأشار الى “أننا اليوم أمام تحديات صعبة وأزمة تربوية شاملة وليس أزمة مدارس كاثوليكية”.
وخلص الى أنه “لا بد من التجدد والبقاء من أجل إستمرار المدرسة الكاثوليكية في لبنان التي تترجم التعددية الثقافية والإجتماعية.
المداخلة الثانية تناولت الموضوع من وجهة نظر تربوية حول تقويم “مدى حاجة النظام التربوي اللبناني الى مساهمة المدرسة الكاثوليكية التربوية” مع المدير العام للتربية فادي يرق الذي رأى أن “المؤتمر يتسم بأهمية كبرى نظرا الى ما يحيط بالسنة الدراسية من قلق وضبابية، وضرورة الوصول الى حلول ترضي الجميع من أجل إعتماد نهج مستدام للقطاع التربوي”.
وأشار الى أن “التعليم مسؤولية وطنية لذلك يقتضي إعادة تصويب الشراكة بين المدارس الخاصة والدولة ولا سيما أن لبنان هو وطن الرسالة، والمدرسة الكاثوليكية لها الدور الابرز بتحقيق هذه الرسالة”. ورأى “ضرورة ترشيد الإنفاق العام الذي تدفعه الدولة للمدارس”. وانهى مداخلته ب”التشديد على جودة التعليم وسبل الحفاظ عليها في حين أن المدرسة الكاثوليكية تعمل على أنسنة المجتمع”.
وفي المداخلة الثالثة، قارب النائب نعمة إفرام الموضوع من وجهة نظر اقتصادية، وعرض “الوسائل الواجب تأمينها للحفاظ على المدرسة الكاثوليكية في لبنان، كمؤسسة ذات منفعة عامة”. وربط “المشكلة التي تواجهها المدراس بالأزمة الإقتصادية التي يعانيها لبنان عموما”. وتحدث عن “الفرادة في نوعية الإنسان اللبناني التي تكونت بفضل المدارس الكاثوليكية، لذلك ينبغي الحفاظ على هذه المؤسسات”.
ودعا الدولة الى “دعم القطاع التربوي من أجل حل المشكلة التي تهدد السنة الدراسية وتسبب الشلل اللاحق في ظل التوتر بين أفراد الأسرة التربوية”.
وفي المداخلة الرابعة والأخيرة مع الصحافي في جريدة “النهار” ابراهيم حيدر، تطرق الى مبادرة جريئة حول “عقد تربوي جديد عادل وصالح” بين المدرسة الكاثوليكية والدولة اللبنانية”. ودعا الى “إسهام الدولة في القطاع التربوي الخاص وأن تكون شريكة فعلية له”. وأشار الى أن “لا خوف على المدارس الكاثوليكية التي مرت بظروف صعبة سابقا وإستطاعت الحفاظ على هويتها وكيانها”.
المحور الرابع
تضمن المحور الرابع طاولة مستديرة لمناقشة ومعالجة مسألة مستقبل المدرسة الكاثوليكية في لبنان في ظل الأزمة الوجودية الراهنة. أدارت هذه الطاولة عضو الهيئة التنفيذية للمدارس الكاثوليكية في لبنان الأخت باسمة الخوري الأنطونية، وإستضافت ممثلين لأفراد العائلة التربوية الكاثوليكية:
الأرشمندريت إيلي معلوف، الرئيس العام للرهبانية الباسيلية الشويرية، عضو اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية في لبنان، عن السلطة الكنسية الراعوية للمدارس الكاثوليكية في لبنان، النائب السابق المحامي غسان مخيبر الخبير في الشؤون القانونية، مديرة مدرسة الحبل بلا دنس لراهبات المحبة عن إدارات المدارس الأخت مارلين يوسف، رئيس لجنة الأهل في المدرسة الأنطونية الدولية- عجلتون عن لجان الأهل الأستاذ جورج عبود، أستاذ مادة الرياضيات في مدرسة السيدة للراهبات الأنطونيات الحازمية – الجمهور إيلي عاقوري عن الأساتذة، ابراهيم ابو عبدالله خريح مدرسة فال بير جاك لراهبات الصليب عن قدامى الطلاب، التلميذة نور خليل من مدرسة السيدة – ساحل علما لراهبات العائلة المقدسة المارونيات عن الطلاب الحاليين.
وتركزت النقاشات على أن “التربية في المدارس الكاثوليكية هي العمود الفقري في القطاع التربوي وتتحلى بقيم الإنجيل لتربي التلميذ على التعاون والوحدة والإنفتاح، عبر العمل الدؤوب لنمو التلميذ بشكل متكامل وأن يكون فردا رائدا في مجتمعه”.
الجلسة الختامية
أدار الجلسة الختامية عضو الهيئة التنفيذية للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر المخلصي، وقسمت الجلسة الى ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول عالج فيه لويس-ماري بيرونLouis-Marie PIRON وهو المسؤول عن تطوير شبكةINISIA، وهي شبكة المبادرات التضامنية العالمية للمدارس الكاثوليكية، مسألة “تموضع المدرسة الكاثوليكية في نظام تربوي عادل”.
الجزء الثاني، الذي خصص لعرض توصيات المؤتمر واستراتيجية العمل المشترك مع اللجنة المنظمة للمؤتمر، والمؤلفة من الأخت ميرنا فرح، الأب بيار الشمالي والأب اندره ضاهر.
توصيات المؤتمر
وأضدر المؤتمر التوصيات الآتية: “تجاوبا مع تعاليم الكنيسة، وبخاصة الوثيقة الأخيرة بعنوان “التربية على الأنسنة المتضامنة”، وتماشيا مع نداءات صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال البطريرك مار بشاره بطرس الراعي كلي الطوبى حول إلزامية العمل معا للمحافظة على خلود المدرسة الكاثوليكية، وفي ظل الواقع الاقتصادي المتأزم والذي ازداد تعقيدا مع إقرار القانون 46/2017، دون أن يأخذ بعين الاعتبار المترتبات والتداعيات الناتجة عن تشريعه،
وأمام حملة التشكيك بصدقية المدرسة الخاصة، وتحديدا المدرسة الكاثوليكية، وتنوع الإضطهادات التي تعصف بالجسم التربوي وغياب أي إعالة للأهلين من الدولة،
وفي ظل دستور لبناني يكرس حرية التعليم والنظام التعددي، وانطلاقا من مبدأ ضرورة إستمرار المرفق العام،
زد على ذلك حرص مدارسنا على عولمة الرجاء وتكوين الإنسان والتدرب على إدارة التنوع وعلى تعميق التعاون والتضامن، تجدد عائلة المدارس الكاثوليكية في لبنان إلتزامها المشاركة في الرسالة الإلهية من خلال العمل التربوي وخدمة جميع فئات المجتمع اللبناني وإستمرار مساهمتها في بنيان حضارة المحبة في الثقافة اللبنانية.
وإنطلاقا من هذا الواقع، وأمانة لهذه الثوابت، سعت مدارسنا، ومنذ انطلاقها وحتى اليوم، وفي جو من الحوار، إلى الحفاظ على تلامذتها وعدم تشريد كوادرها وهيئاتها التعليمية، والوقوف إلى جانب الأهلين ومساعدتهم ليس فقط على تربية أولادهم، ولكن أيضا على عدم حرمانهم التعليم النوعي وجودة التعليم.
وإن الأمانة العامة تحرص على إبراز الحقيقة الجوهرية ألا وهي أن خدام المدارس الكاثوليكية من مديرات ومديرين: كهنة وراهبات ورهبان وعلمانيين، ليسوا في مواجهة مع أحد، كما يحلو للبعض تظهير هذا الأمر، بل إنهم يشكلون صوت الذين لا صوت لهم إنطلاقا من رعايتهم لكل مكونات العائلة التربوية بالإيمان المسيحي المعهود وبالحرص على الحقوق العادلة والمتوازنة للجميع،
وعليه، فإن المشاركين في مؤتمر المدارس الكاثوليكية السنوي الخامس والعشرين: استمرارية المدارس الكاثوليكية: شروط وتطلعات، يعلنون التوصيات الآتية:
1 – وجوب تفعيل دور الأمانة العامة كمرجعية حصرية تمثل جميع العائلات التربوية الكاثوليكية بتكليف من مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، لكي تتمكن من مواجهة التحديات، معتمدة على هيكلية جديدة واستراتيجية جديدة تلزم الجميع بالمشاركة في صوغ الخيارات وتطبيق المقررات.
2 – تظهير الواقع الموضوعي للمدرسة الكاثوليكية من خلال القاء الضوء على القيمة المضافة للمدرسة الكاثوليكية، في تلبيتها لحاجات المجتمع اللبناني بتأسيس مكتب إعلامي تابع للأمانة العامة.
3 – التزام الحوار والشفافية من أجل توطيد انتماء الأهل وولاء الهيئة التعليمية لخيارات المدرسة الكاثوليكية بإقامة هيئات ترعى حضورهم ضمن الأمانة العامة ليساهموا في خلود المدرسة.
4 – إعداد دراسات لإعادة النظر في العقد التربوي وهندسة المناهج بإصلاحات للوضع التربوي في لبنان بغية ايجاد بيئة حاضنة لاستمرار المدرسة الخاصة ومشاركتها في صوغ السياسات التربوية للدولة اللبنانية
5 – استحداث مركز دراسات يعنى بالقضايا التربوية واشكاليات المدارس الكاثوليكية معتمدا على رصد وقائع ميدانية موضوعية، بالإضافة إلى تشجيع الابحاث التي تظهر الارث العريق للخدمات التربوية من الكنيسة للمجتمع اللبناني.
6 – تأصيل ذهنية التضامن والتكافل والتقشف ترجمة لتعليم وثيقة “التربية على الأنسنة المتضامنة”، من خلال حوكمة تعتمد، كما دوما، على هم “الفقير أولا”، والتجرد والسعي مع أصحاب الخير ولجان الأهل الى تأمين مساعدات للتخفيف من أعباء التربية والتعليم عن الأهلين ولضمان مستلزمات جودة التعليم.
7 – التخلي عن التنافس بين مدارس البطريركيات والأبرشيات والرهبانيات والابتعاد عن استقطاب تلامذة وكوادر بعضنا البعض، وإعادة النظر في انتشارنا الجغرافي، وهذا يعني التحلي بالمعية الكنسية ومساعدة بعضنا البعض في توفير تنشئة المعلمين والاهتمام بالحاجات الخاصة وتخفيف فاتورة التنسيق وتوزيع فروع البكالوريا في منطقة واحدة – لكي يتجلى، من خلال وحدتنا وشراكتنا، حرصنا الجماعي على المحافظة على المدرسة وعلى تربية كل إنسان.
8 – مطالبة المجلس النيابي الجديد بتبني مشروع اعتماد المدرسة الخاصة كمؤسسة تربوية ذات منفعة عامة وإلزام الدولة تطبيق البطاقة المدرسية إحتراما لحرية التعليم ولخيار الاهلين وللتعددية التربوية ولتسهيل عمل المدرسة كمرفق عام. وينبغي لأصحاب القرار الوقوف على هواجس جميع مكونات العائلة التربوية وانتظاراتهم.
9- شدد المؤتمرون على تداعيات الأزمة التربوية المصيرية التي تفجرت مؤخرا من خلال القانون 46/2017. من هنا يوصي المؤتمر ال 25 لمدارسنا الكاثوليكية على ماهية الشراكة مع الدولة ووزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء لارساء عقد تربوي جديد لنتاج لبناني جماعي ورسم خارطة طريق تكون لخدمة التلميذ، علة وجودنا، ويبقى فيها التعليم قيمة وطنية جوهرية تظهر وجه لبنان الحضاري.
10 – يحدد المشاركون في المؤتمر شكرهم لراعيه وللجنة الأسقفية وللأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية وللجنة المنظمة وللثانوية المضيفة ولجميع الذين شاركوا في إغناء جلساته، من لبنان والخارج، بحضورهم ومداخلاتهم واقتراحاتهم لاستمرار المدرسة الكاثوليكية وتأمين خلودها لكي تواصل مساهمتها في خدمة الإنسان ولبنان.
11 – ختاما، يعلن المشاركون في المؤتمر، إدارات ومعلمين وأهلا وقدامى، ان المدرسة الكاثوليكية، هي أسرة تربوية، وكانت ولا تزال وستبقى، في خدمة الأجيال الطالعة ليكونوا “ضمير خلاص للبشرية”، وقادة يعززون دوما: “التربية على الأنسنة المتضامنة”.
أما الجزء الثالث فهو كلمة الختام مع الأب عازار الذي شكر “كل من حضر وساهم بإنجاح هذا المؤتمر، على أمل الوصول الى حلول جذرية ترضي كافة مكونات الأسرة التربوية، من اجل الإنطلاق بعام دراسي ناجح وضمان إستمرارية وخلود المدرسة الكاثوليكية”.
وأكد على “موعد ثابت للمؤتمر المقبل يومي الثلاثاء والاربعاء 3 أيلول 2019 و4 منه”.
وطنية