مع أول أيام العام الجديد 2015، يطيب للمركز الكاثوليكي للدراسات والاعلام في الاردن، أن يستعرض رسالة قداسة البابا فرنسيس، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي الثامن والأربعين للسلام، والمصادف في اليوم الاول من كانون الثاني 2015، بعنوان: لا عبيد بعد الآن بل إخوة.
والمركز الكاثوليكي ممثلاً بالمدير العام الأب رفعت بدر، وكافة العاملين معه، وهم يبيّنون ملخص الرسالة لهذا العام، كما صدرها راديو الفاتيكان، ليرجون من الله تعالى، في يوم السلام، ان يحفظ الاردن عزيزاً غالياً، بقيادته الهاشمية الحكيمة، وبشعبه الطيّب والواعي، ليبقى الاردن دائماً واحة للأمن والاستقرار، ورمزا للوئام والحوار، داعين المولى عز وجلّ أن يطلق سراح الطيار الاسير معاذ الكساسبة، وأن يعيده الى اهله ووطنه سالماً معافى، وان يعزّز أعداد صانعي السلام في العالم، ويقوّي مساعيهم وأن يجعل جهودهم مثمرة لعودة العدل والسلام لسكان المنطقة العربية ولجميع ابناء وبنات الاسرة الدولية. متمنين لصاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين كل خير وبركة، ولمجتمعنا الاردني دوام التقدم والازدهار بروح الأخوّة والمواطنة الصالحة.
يريد البابا فرنسيس في رسالته هذا العام أن يسلط الضوء على آفة العبودية بأشكالها المتعددة وكتب أن الإنسان هو كائن علائقي، مدعو ليحقق ذاته في إطار علاقات شخصية تلهمها العدالة والمحبة، لذا من الأهمية بمكان لتطوره أن يُعترف بكرامته وحريته واستقلاليته وأن تُحترم. ولفت إلى أن الأخوّة تعبّر عن التنوّع والاختلاف الموجود بين الإخوة، بالرغم من رابط الولادة بينهم وامتلاكهم للطبيعة عينها والكرامة عينها. وبالتالي، فإن جميع الأشخاص هم بطبيعتهم في علاقة مع الآخرين كإخوة وأخوات، يختلفون عنهم ولكنهم يشاركونهم المصدر والطبيعة والكرامة نفسها.
واعتبر البابا أنه لا نصبح مسيحيين، بمجرّد تدبير إلهيّ ذي سلطة، بدون ممارسة الحرية الشخصيّة أي بدون الارتداد الحر للمسيح. لأن البنوّة لله تتبع واجب الارتداد. ثم لفت أنه منذ زمن بعيد جدا تعرف مختلف المجتمعات البشرية ظاهرة عبودية الإنسان من قبل الإنسان. أما اليوم وعلى الرغم من تبنّي الجماعة الدولية العديد من الاتفاقات الهادفة إلى وضع حد للعبودية بجميع أشكالها وإطلاقها إستراتيجيات عدة لمكافحة هذه الظاهرة، ما يزال ملايين الأشخاص ـ من أطفال ورجال ونساء على اختلاف أعمارهم ـ يُحرمون من الحرية ويُرغمون على العيش في ظروف مشابهة للعبودية.
وأكد أنه يوجد في جذور العبودية مفهوم للشخص البشري يقبل بإمكانية معاملته كغرض ما. وعندما تُفسد الخطيئة قلب الإنسان وتُبعده عن خالقه وعن أمثاله، لا يُنظر إلى هؤلاء ككائنات تتمتّع بكرامة متساوية، كأخوة وأخوات في البشرية، بل يُنظر إليهم كأغراض. كما كتب البابا أنه ينبغي على الدول أن تسهر كي تكون تشريعاتها الوطنية الخاصة حول الهجرات والعمل والتبني ونقل نشاط الشركات والمتاجرة بمنتجات مصنوعة بواسطة استغلال العمل، محترِمة حقًا لكرامة الإنسان. وشدد على الحاجة إلى قوانين عادلة ترتكز للشخص البشري، وتدافع عن حقوقه الأساسية وتُعيدها إليه إذا انتُهكت، من خلال إعادة تأهيل من هو ضحية وضمان سلامته، إضافة لآليات فعّالة للرقابة على التطبيق الصحيح لهذه القوانين، ولعدم ترك فسحة للفساد والإفلات من العقاب.
وأضاف البابا مؤكدا أنه في السنوات الأخيرة، ومن خلال الإصغاء لصراخ ألم ضحايا الاتجار بالبشر وصوت الجمعيات الرهبانية التي ترافقهم نحو التحرر، ضاعف الكرسي الرسولي (الفاتيكان) النداءات إلى المجتمع الدولي كي يوحّد مختلف الفاعلين الجهود ويتعاونوا لوضع حد لهذه الآفة. ولفت أيضا إلى أن الكنيسة وفي عملها “لإعلان حقيقة المحبة في المجتمع”، تلتزم على الدوام في الأعمال ذات الطابع الخيري انطلاقا من الحقيقة حول الإنسان. فمن واجبها أن تُظهر للجميع الطريق نحو الارتداد، الذي يقود لتبديل النظرة إزاء القريب، والاعتراف بالآخر، أيًّا يكن، أخًا وأختًا في الإنسانية، والاعتراف بكرامته المتداخلة في الحقيقة والحرية.
وختم البابا رسالته لمناسبة اليوم العالمي الثامن والأربعين للسلام مؤكدا أن “عولمة اللامبالاة” التي تُرخي بثقلها اليوم على حياة العديد من الأخوات والإخوة، تتطلّب منا جميعا أن نكون صانعي عولمة التضامن والأخوّة القادرة على إعطائهم الرجاء مجددا، وتمكينهم من استعادة السير بشجاعة عبر مشاكل زمننا والرؤى الجديدة التي يحملها معه والتي يضعها الله بين أيدينا.
عمّان – أبونا