الأب جورج مسّوح / ليبانون فايلز
لم يميّز السيّد المسيح، في كلّ تعاليمه، ما بين مؤمنين وغير مؤمنين، بل يسعنا القول بأنّ أبناء قومه قد قتلوه لأنّه لم يعترف لهم بأيّ امتياز على سواهم من الشعوب الأخرى. لذلك، ساوى المسيح ما بين اليهود والسامريّين، شفى ابنة الكنعانيّة، أبرأ غلام قائد المائة…
دعا المسيح كلّ البشر، إلى أيّ قوم انتموا، إلى الإيمان والخلاص. لم يخصّ بالذكر أيًّا من شعوب الأرض، بل جعل كلّ إنسان يشعر بأنّ كلام الإنجيل يعنيه بشكل مباشر. لذلك تحدّث المسيح إلى قلب كلّ إنسان وإلى عقله متجاوزًا كلّ الانتماءات الضيّقة، فها هو في الطوباويّات لا يقصد أبناء قومه وحسب بل كلّ بشريّ تنطبق عليه أقواله.
فالمسيح يقول، على سبيل المثال، “طوبى للمطرودين من أجل البرّ” (متّى 5، 6)، هو لا يقول “طوبى للمطرودين من أجل البرّ من المؤمنين بي دون غيرهم”، حاشا… وهكذا عن كلّ طوباويّة من الطوباويّات الأخرى. ويقول المسيح، على سبيل المثال، في إنجيل الدينونة: “كنتُ مريضًا فعدتموني” من دون تخصيص المؤمنين به في هذا القول من دون سواهم…
المسيح، إذًا، أكبر من أن يحتكره المؤمنون به لأنفسهم، أو أن يمنعوا سواهم من الوصول إليه. لذلك، يدين المسيح كلّ تصرّف “مسيحيّ” يعزل المسيحيّين عن الواقع الذي يعيشونه وسواهم من الناس، أو يفصلهم عن المعاناة التي يقاسيها كلّ الناس في بقعة جغرافيّة معيّنة.
اليوم، في ظلّ ما يجري في سوريا، تعلو في كلّ الطوائف أصوات فئويّة تدعو إلى حماية مَن ينتمي إلى طائفتها متجاهلة المكوّنات الأخرى من الشعب السوريّ، أو تدعو إلى الصلاة من أجل رفع المعاناة عن فئة دينيّة معيّنة من الشعب متجاهلةً الفئات الأخرى. فالسنّيّ يدعو من أجل السنّيّ، والمسيحيّ من أجل المسيحيّ، والعلويّ من أجل العلويّ، والدرزي من أجل الدرزيّ… هذه الأصوات معظمها لا يبتغي الحقّ والسلام في سوريا. فمَن يفرّق بين سوريّ وآخر، ومَن يعتبر أن دم مواطن سوريّ أثمن من دم سوريّ آخر، ومَن يعتبر أنّ حجارة أحد المعابد أثمن من حجارة معبد آخر، ومَن يعتبر أنّ ثمّة قرية أهمّ من قرية أخرى، هو إنسان يحرّض على المزيد من التشرذم والفوضى.
ينبغي أن يحرص السوريّون المؤمنون بالدولة المدنيّة وأهمّيتها، مسلمين ومسيحيّين، على عدم الانزلاق إلى مواقف طائفيّة تعمّق الشرخ القائم وتزيد الهوّة بين ذوي النيّات الطيّبة. شئنا أم أبينا، السوريّون، مسيحيّون ومسلمون، مصيرهم واحد يرتبط بمصير كلّ مواطن سوريّ. فالدمار شامل وعامّ وليس محصورًا بالمسيحيّين وقراهم وكنائسهم وحسب، ولا هو محصور بالمسلمين وقراهم ومساجدهم وحسب.
ونقول، ختامًا، ونعيد الكلام لـمَن ينبغي أن يتذكّر، إنّ المسيحيّين في سورية لا يحيون في جزيرة منعزلة، بل هم مع شركائهم المسلمين يؤلّفون نسيجًا واحدًا… وأكثر ما يسيء للمسيحيّين هو أن تقتصر مطالبهم على ما يختصّ بطوائفهم وكنائسهم فقط، أو أن يصلّوا إلى الله من أجل أنفسهم فقط… الكنائس والمساجد المهدّمة سوف نبني غيرها، ولكن الإنسان السوريّ الفريد الذي يذهب برصاصة فمَن يستطيع إعادته إلى الحياة… الإنسان، أيّ أنسان، هو أقدس من الأماكن كلّها.
لم يميّز السيّد المسيح، في كلّ تعاليمه، ما بين مؤمنين وغير مؤمنين، بل يسعنا القول بأنّ أبناء قومه قد قتلوه لأنّه لم يعترف لهم بأيّ امتياز على سواهم من الشعوب الأخرى. لذلك، ساوى المسيح ما بين اليهود والسامريّين، شفى ابنة الكنعانيّة، أبرأ غلام قائد المائة…
دعا المسيح كلّ البشر، إلى أيّ قوم انتموا، إلى الإيمان والخلاص. لم يخصّ بالذكر أيًّا من شعوب الأرض، بل جعل كلّ إنسان يشعر بأنّ كلام الإنجيل يعنيه بشكل مباشر. لذلك تحدّث المسيح إلى قلب كلّ إنسان وإلى عقله متجاوزًا كلّ الانتماءات الضيّقة، فها هو في الطوباويّات لا يقصد أبناء قومه وحسب بل كلّ بشريّ تنطبق عليه أقواله.
فالمسيح يقول، على سبيل المثال، “طوبى للمطرودين من أجل البرّ” (متّى 5، 6)، هو لا يقول “طوبى للمطرودين من أجل البرّ من المؤمنين بي دون غيرهم”، حاشا… وهكذا عن كلّ طوباويّة من الطوباويّات الأخرى. ويقول المسيح، على سبيل المثال، في إنجيل الدينونة: “كنتُ مريضًا فعدتموني” من دون تخصيص المؤمنين به في هذا القول من دون سواهم…
المسيح، إذًا، أكبر من أن يحتكره المؤمنون به لأنفسهم، أو أن يمنعوا سواهم من الوصول إليه. لذلك، يدين المسيح كلّ تصرّف “مسيحيّ” يعزل المسيحيّين عن الواقع الذي يعيشونه وسواهم من الناس، أو يفصلهم عن المعاناة التي يقاسيها كلّ الناس في بقعة جغرافيّة معيّنة.
اليوم، في ظلّ ما يجري في سوريا، تعلو في كلّ الطوائف أصوات فئويّة تدعو إلى حماية مَن ينتمي إلى طائفتها متجاهلة المكوّنات الأخرى من الشعب السوريّ، أو تدعو إلى الصلاة من أجل رفع المعاناة عن فئة دينيّة معيّنة من الشعب متجاهلةً الفئات الأخرى. فالسنّيّ يدعو من أجل السنّيّ، والمسيحيّ من أجل المسيحيّ، والعلويّ من أجل العلويّ، والدرزي من أجل الدرزيّ… هذه الأصوات معظمها لا يبتغي الحقّ والسلام في سوريا. فمَن يفرّق بين سوريّ وآخر، ومَن يعتبر أن دم مواطن سوريّ أثمن من دم سوريّ آخر، ومَن يعتبر أنّ حجارة أحد المعابد أثمن من حجارة معبد آخر، ومَن يعتبر أنّ ثمّة قرية أهمّ من قرية أخرى، هو إنسان يحرّض على المزيد من التشرذم والفوضى.
ينبغي أن يحرص السوريّون المؤمنون بالدولة المدنيّة وأهمّيتها، مسلمين ومسيحيّين، على عدم الانزلاق إلى مواقف طائفيّة تعمّق الشرخ القائم وتزيد الهوّة بين ذوي النيّات الطيّبة. شئنا أم أبينا، السوريّون، مسيحيّون ومسلمون، مصيرهم واحد يرتبط بمصير كلّ مواطن سوريّ. فالدمار شامل وعامّ وليس محصورًا بالمسيحيّين وقراهم وكنائسهم وحسب، ولا هو محصور بالمسلمين وقراهم ومساجدهم وحسب.
ونقول، ختامًا، ونعيد الكلام لـمَن ينبغي أن يتذكّر، إنّ المسيحيّين في سورية لا يحيون في جزيرة منعزلة، بل هم مع شركائهم المسلمين يؤلّفون نسيجًا واحدًا… وأكثر ما يسيء للمسيحيّين هو أن تقتصر مطالبهم على ما يختصّ بطوائفهم وكنائسهم فقط، أو أن يصلّوا إلى الله من أجل أنفسهم فقط… الكنائس والمساجد المهدّمة سوف نبني غيرها، ولكن الإنسان السوريّ الفريد الذي يذهب برصاصة فمَن يستطيع إعادته إلى الحياة… الإنسان، أيّ أنسان، هو أقدس من الأماكن كلّها.