إذا كانت الأوطان تبنى على الإرادة المشتركة في العيش معًا، فإنها تستمر عبر صيانة هذا العيش، وفتح الآفاق لتطويره وجعل النظام السياسي أكثر ملاءمة لتحدّيات العصر، ومتطلبات العولمة وطموح اللبنانيين المقيمين والمنتشرين. وهذا يتطلّب الحرص من الجميع على منع النظام السياسي من التجمّد، والإفساح في المجال للأفكار السياسيّة في أن تفعل فعلها في نقل الممارسة السياسيّة من حال التخلّف إلى حال التجدّد والتطوّر الّذي يؤول حكما إلى ما فيه الخير العام لجميع البنانيين.
والنظم السياسيّة لا يمكنها أن تبقى ثابتة ، على مر الزمن، فالأيّام والأحداث والأفكار تزعزعها، وتجعلها أيلة للسقوط، ولا بد من تجديدها وترسيخ الأسس التي تقوم عليها مع تغيّر الأحوال والظروف في عالم شديد التغيّر، تلهث فيه الأمم والدول في العمل على تامين ما تعتبره مصالح لشعوبها.
ولمّا كانت الحياة السياسيّة في لبنان شبه مجمّدة منذ إتّفاق الطائف، ولمّا كان هذا الإتفاق الذي غدا دستورًا نصّ على إصلاحات جوهريّة في النظام السياسي لم توضع موضع التنفيذ، بات من الضروري أن تتوجّه كل الفئات السياسيّة إلى الأخذ بتوجّهٍ إصلاحيّ ينقذ الكيان اللبنانيّ، ويفتح أفقًا لممارسة سياسيّة نوعيّة تجدّد النظم والقوانين، بعد مناقشتها والإتفاق على ما يؤمن منها المصلحة العليا للشعب اللبناني بكل فئاته وطوائفه، انطلاقًا من أنّ إتّفاق اللبنانيين على معالجة شؤونهم أكثر فائدة لهم من إيكال هذا الأمر لأيّ طرف خارجيّ في ظلّ احتدام صراع الأمم من حولنا في هذه المنطقة من العالم.
والحال أن استشراف المستقبل وارتقاب متغيّراته، من ضرورات الحياة في ظل المكتشفات والمخترعات الحديثة والسياسات الدوليّة العابرة للحدود وللقارات، فكيف لنا نحن اللبنانيين ألأّ يكون هاجسنا تطوير صيغة عيشنا، وإدارة تعددنا إدارة حكيمة، تامينًا لمستقبل أجيالنا الشابّة في وطن عزيز مقتدر بين الأوطان، غني بطاقات ابنائه.
لكل هذه الأسباب رأينا، نحن تجمّع “لبنانيون من أجل الكيان”، بعد أن أطلقنا في 7 كانون الأول 2021، الوثيقة الوطنيّة لتجمعنا، التي أرست الأسس التي يمكننا أن نبني عليها مشروعنا السياسي، أن نحدد هذا المشروع الذي يقوم على محاور ستة هي الآتية:
1 – محور الإصلاحات الدستوريّة.
2 – محور الحياد.
3 – محور مجلس الشيوخ.
4 – محور اللامركزيّة الموسّعة.
5 – محور استكمال بناء الدولة المدنيّة في لبنان.
6 – محور إصلاحات قانون الإنتخابات النيابية.
لماذا هذه المحاور دون غيرها؟ لماذا لم نعالج القضيّة الإقتصاديّة؟ لماذا لم نعالج قضيّة الهجرة؟ لماذا لم نعالج قضيّة اللجوء والنزوح التي يرزح تحتها لبنان؟
لقد اقصرنا في معالجتنا على هذه الملفات الستة لأننا نعتبر أن القضيّة الأساسيّة التي يعاني منها لبنان في الوقت الحاضر هي القضيّة السياسيّة، وكل القضايا الأخرى هي قضايا تابعة لها وناتجة عنها، فإذا كان هناك حل سياسي فإنّه سيساهم حكما في حل سائر القضايا العالقة.
والمفتاح الأول للقضايا السياسية هو الدستور، والدستور اللبنانيّ يشكو من مفاصل تطبيقيّة تمنعه من أن يكون حكمًا، وتفوِّت على اللبنانيين فرصة أن يفلتوا من قبضة السياسيين النهمين في الاستئثار بالسلطة التي يوكلها إليهم الدستور، وأن يطوّروا مفاهيم سياسيّة وطنيّة مشتركة ترسّخ تفاهمهم على القضايا الوطنيّة، وعلى العيش المشترك. لذلك نرى أنّه من الضروري أن يصار إلى إدخال بعض الإصلاحات الدستوريّة التي تضبط ممارسة السلطة في النظام السياسي اللبناني، وأن ينص صراحة في الدستور على اللامركزية الموسّعة، والحياد ومجلس الشيوخ وعلى القوانين التي تستكمل بناء الدولة المدنية الضامنة لحقوق الأقليّات، والحاضنة لكل الطوائف.
ولأنّ المشكلة في لبنان، كما قلنا سابقًا، هي مشكلة سياسيّة بالدرجة الأولى، ونتجت عنها كل المشاكل الأخرى التي يعاني منها اللبنانيّون، فإنّنا نعتبر أنّ المحاور المتبقية وهي الحياد، مجلس الشيوخ، اللامركزية الموسّعة وإستكمال بناء الدولة المدنيّة، وإصلاحات قانون الإنتخابات النيابية تشكّل المداميك الأولى لأي تطوير سياسي يمكن أن تسير فيه الممارسة السياسية اللبنانيّة فيكون التجديد بذلك قابلا للحياة، انطلاقا من الثوابت السياسيّة التي كرّسها توافق اللبنانيين، ومن السعي إلى تحقيق طموحاتهم في بناء دولة واحدة، موحّدة حديثة، مبنية على احترام حقوق الإنسان، وعلى الحفاظ على المميزات الثقافيّة والاجتماعيّة لكل فئات الشعب اللبناني، في إطار من العيش المشترك الّذي ارتضاه اللبنانيون منذ مئات السنين حتّى قبل نشوء دولة لبنان الكبير.
1 – مشروع الإصلاحات الدستورية
من اجل ضبط ممارسة السلطة في النظام السياسي اللبناني
لقد ارتضى اللبنانيون العيش المشترك واختاروه نمط حياة اقتناعًا منهم أنه يؤدي الى توفير شروط العيش الكريم لهم في دولة ترعى شؤونهم وتشكل ضمانة لهم. وهذا الادراك الجماعي كان أساس الميثاق الوطني في العام 1943 ووثيقة الوفاق الوطني في العام 1989.
اما النظام الدستوري اللبناني فهو ثمرة وفاق وطني، قام على التوفيق بين المبادىء والقواعد والآليات المعتمدة في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية من جهة، والمشاركة في السلطة في بعديها الطوائفي والوطني من جهة أخرى.
وبما أن المسار الذي رسمه الدستور كان يجب أن يقود الى تجاوز الطائفية والتقدم باتجاه الدولة المدنية، بينما مسار ممارسة السلطة أدى الى تعميق الانقسامات الطائفية والمذهبية، وتغذية العصبيات،
وبما أن التجارب المريرة التي مرّ بها الشعب اللبناني أكدت أن لا ضمانة للبنانيين، على شتى انتماءاتهم،سوى الدولة،
وبما أن لا قيامة للدولة الا بالعودة الى تقييد ممارسة السلطة بالدستور نصا” وروحا”،
وبما أن تقييد ممارسة السلطة بالدستور يتطلب تفسير المفاهيم الأساسية التي بني عليها تفسيرا صحيحا، نابعا من الغاية التي وجد الدستور والميثاق والمؤسسات الدستورية من أجلها.
لذلـــــــــــــــــــــــك جئنا باقتراح الاصلاحات الاتية :
أولاً: تحديد المفاهيم الأساسيّة التي بني عليها نظامنا الدستوري ووضعها في مقدمة الدستور .و هي :- ميثاق العيش المشترك، المشاركة في السلطة، الديمقراطيّة الميثاقيّة، اللامركزية الموسّعة، الدولة المدنية والحياد.
ثانياً: تصويب الغموض والالتباس في مواد بعض الابواب والفصول:
-الفصل الثاني من الباب الاول: في اللبنانيين وحقوقهم وواجباتهم المادة 13 في حرية ابداء الراي.
-الفصل الاول من الباب الثاني: احكام عامة المواد 19-20 في المجلس الدستوري والسلطة القضائية.
–الفصل الثالث من الباب الثاني: احكام عامة المواد 28-44 في الجمع بين النيابة والوزارة وهيئة مكتب المجلس.
-الفصل الرابع من الباب الثاني: السلطة الاجرائية المواد 49-53-55-56-58-62-64 في المهل الدستوريّة الملزمة.
ثانيا: رئيس مجلس الوزراء المادة 64 في المهل الملزمة لتشكيل الوزارة وفي مهلة نشر المراسيم.
ثالثا: مجلس الوزراء المواد 65-67-69-70-71 في المهل والامور التنظيمية العائدة لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنوّاب.
-الباب الثالث: الفقرة -أ -انتخاب رئيس الجمهورية المادة 73 في النصاب القانوني لجلسة الأنتخاب.
الفقرة ب في تعديل الدستور المادة 77 .
-الباب السادس: احكام نهائية المادة 95 في قاعدة التمثيل الطائفي في وظائف الفئة الأولى وإلغاء الطائفيّة السياسيّة.
2 – مشروع الحياد
رغم الخيار الواضح الذي اتخذه لبنان منذ بيان حكومة الاستقلال الأولى في شأن علاقات لبنان بالخارج واتباع نهجٍ حيادي. (وهذا ما طالب به أيضًا مجلس إدراة جبل لبنان في 10 تموز 1920 الذي طالب بـــــــــــ”حياده (لبنان) السياسي، بحيث لا يحارِب ولا يحارَب ويكون بمعزل عن كل تدخل حربي”)، ولبنان لم يخرج من الصراع القائم على جدلية الخارج والداخل التي كانت تتحكم به منذ ما قبل الاستقلال. واليوم بعد كل المآسي التي نتجت عن هذه الجدلية، وخصوصًا ما نمر به اليوم من اقحام كامل للبنان في سياسة المحاور، بات موضوع العلاقة بالخارج يهدّد وجه لبنان وكيانه السياسي. هذا الواقع يحتّم العودة إلى خيار لبنان الأساسي الذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالميثاق الوطني واعتبر مرتكزًا أساسيًا لصون هذا الميثاق بحسب المعادلة التي اختصرت هذا الخيار: “لا للشرق ولا للغرب”.
فإذا كان اللبنانيون واللاعبون السياسيون حريصون على الميثاق الوطني بمضامينه وتجلياته الدستورية، فهذا الحرص يكمن في التمسك بخيار الحياد الذي قامت به حكومة الاستقلال الأولى ودرجت عليه صيغ البيانات الحكومية اللاحقة
لم يعد يكفي أن يبقى هذا الخيار محصورًا في إطار البيانات الحكومية وحدها وفي خطابات قسم رؤساء الجمهورية، بل غدا من الضروري أن يدخل هذا الخيار إلى بنية الدستور اللبناني، ويصير بندًا في مقدمته: “لبنان دولة حيادية”.
3 – مشروع مجلس الشيوخ في لبنان:
إن سحب فتيل الصراعات الطائفيّة في لبنان، وعدم السماح للسياسيين باستغلال النزعات الطائفيّة وتوظيفها قي الصراعات السياسيّة، ونقل الصراعات من الشارع إلى مجلسٍ تمثيلي للطوائف تناقش فيه القضايا المصيريّة التي تشكّل تهديدًا لكيان الوطن بطريقة عقلانيّة بعيدة عن الإصطفاف الطائفي وإثارة النعرات، يفرض إنشاء مجلس شيوخ تتمثّل فيه كل الطوائف، بطريقة عادلة ومنصفة، ويعطى صلاحيات واسعة تعود للقضايا المصيريّة، كما نصّ على ذلك الدستور وكما هي الحال في الدول المتقدّمة حيث يمثل مجلس الشيوخ الأمّة ويمثل مجلس النوّاب الشعب، وبذلك يكون هناك سعي للوصول إلى إدارة حكيمة للمجتمع اللبنانيّ المتعدّد اجتماعيّا وثقافيّا وطائفيّا تضبط النزاعات وتوظّفها في ترسيخ الوفاق الوطني. وذلك يتطلّب إقرار قانون إنشاء مجلس للشيوخ في لبنان.
يقوم مشروع قانون مجلس للشيوخ في لبنان على الأسس الآتية:
1 – حصر صلاحيات مجلس الشيوخ في الميادين الآتية:
علاقات لبنان الخارجيّة، المعاهدات مع الدول، اللامركزيّة الموسّعة، الحياد، القضايا العائدة لمفهوم الحريّة، قوانين الأحوال الشخصيّة، الميثاق الوطني، العيش المشترك، السلم الأهليّ، علاقات الدولة بالطوائف ومؤسساتها، وعلاقات الطوائف ببعضها البعض، الميزانيّة العامّة للدولة.
2 – تكوين مجلس الشيوخ:
عدد أعضاء مجلس الشيوخ ثمانية وثلاثون عضوا، ثلاثون عضوا منتخبون وثمانية أعضاء معيّنون من المراجع الروحيّة.
الأعضاء المنتخبون::
ينتخب ثلاثون من إعضاء مجلس الشيوخ بالاقتراع الأكثري و أو النسبي في لبنان دائرة انتخابية واحدة..
يتوزّع أعضاء مجلس الشيوخ الثلاثون المنتخبون على الطوائف اللبنانيّة على الوجه الآتي:
ستة أعضاء للطوائف الآتية: السنة، الشيعة والموارنة، أربعة أعضاء للأقليات المسيحيّة، ثلاثة أعضاء للروم الأورثوذكس، مقعدان للدروز وللروم الكاثوليك، ومقعد للعلويين.
الأعضاء المعيّنون
تعيّن المرجعيات الروحيّة ثمانية أعضاء يمثلون الطوائف، بالتساوي بين المسيحيّين والمسلمين.
تتخذ القرارات في مجلس الشيوخ بأكثريّة الثلثين زائد واحد إي 26 من 38 عضو.
تكون رئاسة مجلس الشيوخ مداورة بين المسيحيين والمسلمين، كل سنتين.
4 – مشروع اللامركزيّة الموسّعة:
تكمن ضرورة اعتماد اللامركزيّة الموسّعة في لبنان في إيكال مسؤوليّة إنماء المناطق اللبنانيّة المختلفة لأهلها ولساكنيها، ممّا يساعد في الحفاظ على الخصوصيّة الثقافيّة والتربويّة والإجتماعيّة والتراثيّة لهذه المناطق، وفي تفعيل إمكانيّاتها الاقتصاديّة، والسياحيّة والطبيعيّة والبيئيّة بهدف السعي للتنمية المستدامة وللحفاظ على الموارد الطبيعيّة واستثمارها ترسيخًا للمواطنين في أرضهم، وخلقًا لفرص عمل جديدة لهم، عدا عن أنّها تنجّي اللبنانيّين من مساوئ المركزيّة المفرطة التي يعاني منها النظام السياسي والإداري اللبنانيّ منذ الاستقلال.
يقوم مشروع اللامركزية الموسّعة على إقرار قانونين هما:
_ قانون اللامركزيّة الموسّعة في لبنان الذي يرتكز على الأسس الآتية:
1 – تقسيم لبنان إلى وحدات إداريّة لا يتعدّى عددها خمس عشرة وحدة، ذات أكثريّات طائفيّة غالبة باستقلال إداري وماليّ.
2 – إسناد إدارة الوحدات الإداريّة إلى من ينالون ثقة الشعب بالاقتراع.
3 – شمول الوحدة الإداريّة الأجهزة الآتية:
أمني، تربوي، صحّي، اقتصادي، أشغال عامّة، طاقة ومياه، أحوال شخصيّة، قضائيّ، ماليّ وإعلامي.
4– يتشكل الناخبون من المسجلين في سجلات القيد ومن الساكنين في الوحدة الإداريّة وفي البلديّة، وإخضاع حق الساكنين في الاقتراع لشروط يحدّدها القانون.
5 – تتكوّن موازنة الوحدة الإدارية من الإيرادات التي تستحق لها من الواردات والرسوم والضرائب العامّة التي تجبيها الوحدة الإداريةّ للمسجلين فيها ، ومن إيرادات المشاريع الإنمائيّة التي تقوم بها في النطاق الجغرافي للوحدة الإدارية اللامركزيّة.
6 – اختيار الموظفين في الوحدات الإداريّة والبلديات بحسب الية تضعها كل وحدة إداريّة، تكون مبنيّة على معيار الكفاءة.
قانون جديد للبلديات يقوم على الأسس الآتية:
1 – إعطاء الحق للمقيدين وللساكنين بالانتخاب والترشح في أماكن سكنهم، وإخضاع هذا الحق لشروط يحدّدها القانون.
2 – تحديد عدد أعضاء كل مجلس بلدي وتحديد انتماءاتهم الطائفيّة في القانون.
3 – تحديد من يحق لهم الإقتراع من الساكنين وطريقة تمثيلهم بموجب قرار من مجلس الوحدة الإداريّة تبعًا لعددهم ولمدّة سكنهم في الوحدة الإداريّة وفي البلديّة.
4 – إعادة النظر بالتنظيم الإداري للقرى والبلدات، وإعطاء الحق للبلديات في أن تتوحّد في إتحادات بلديات مناطقيّة لتأمين الموارد الماليّة اللازمة لإنماء المناطق المختلفة.
5 – يكون لكل 300000 مقيد وساكن بلديّة في المدن الكبرى.
6 – تستوفي البلديّة الواردات والرسوم والضرائب العائدة لها ضمن نطاقها الجغرافي، ويحق لها الحصول على نسبة من الواردات والرسوم والضرائب العامّة التي تجبيها السلطة المركزيّة ضمن نطاقها البلدي.
5 – مشروع استكمال بناء الدولة المدنيّة في لبنان:
يُظهر الواقع اللبناني اليوم مدى الحاجة الماسة الى تعزيز دولة القانون واستكمال بناء الدولة المدنية. والمشروع الذي يمكن أن يشكل بداية في تحقيق ذلك هو:
مشروع إحياء جماعة الحق العام Communaute de droit commun
– إحياء جماعة الحق العام التي لا يزال قرار العمل فيها موجوداً منذ عهد الانتداب (القرار رقم 60 ل.ر. الصادر عام 1936)[1]مع ما يستتبعه ذلك من قوانين ومراسيم وقرارات لازمة لتطبيقه . وهذه الخطوة لا تعتبر انتقاصاً من حقوق الطوائف في الاحوال الشخصية التي نصّت عليها القوانين المرجيّة الإجراء (المادة 9 من الدستور)، إنما تؤمن المساواة بين المواطنين كما نصّت عليها الشرعة العالمية لحقوق الانسان، كما تشكل المدماك الأول في تحضير الأجيال القادمة لقبول عقلنة التعددية اللبنانية القائمة على ترسيخ مبدا المواطنة من خلال تساوي اللبنانيين أمام القانون، وقبول تنوعهم وإدارته إدارة حكيمة بعيدا عن التمييز في ما بينهم لأي سبب كان، وعن استغلال هذا التنوّع لصالح مشاريع سياسية لهذه الفئة او لتلك. فمسار إلغاء الطائفية التي نص عليها الدستور منذ إعلان استقلال لبنان لم يتم التقدم فيه حتى تاريخه، وهو صعب المنال في المجتمع اللبناني التعددي المتجذر في الإنتماء الطائفي. فالأجدى في هذه الحالة عقلنة التعددية اللبنانية التي تعتبر تكريسا للمساواة في المواطنية بين أبناء الطوائف المختلفة، بدل إلغاء الطائفية المترسخة في النفوس في لبنان.
6 – إصلاحات قانون الإنتخابات النيابية:
لما كانت الديمقراطية تعني النظام القائم على حكم الشعب، الذي هو يوكله لمن يختاره من المرشحين للإنتخابات، ولمّا كان الهدف من أي انتخابات العودة إلى الشعب كمصدر للسلطات، ولما كان الدستور اللبناني قد نص في المادة 24 منه على التمثيل النسبي للطوائف والمناطق، وعلى اعتماد المحافظة كدائرة انتخابية في كل لبنان، ولمّا كانت صحة الإنتخابات وعدالتها ونزاهتها تؤدي إلى الممارسة السليمة للديمقراطية عبر تمثيل كافة فئات وشرائح المجتمع، وعبر تامين الشروط المؤاتية لممارسة المعارضة الديمقراطية، ولما كان من الضروري ان يشعر المنتخبون أن لصوتهم وزنا في المعادلة السياسية، وأن بإمكانهم أن يغيروا في حكم البلاد عبر الإنتخابات الديمقراطية، وأن بإمكانهم أن يحاسبوا السياسيين، ولما كان على قانون الإنتخاب أن يحرص على الشراكة الوطنية وأن يحافظ على التعددية المجتمعية في لبنان، وان يؤمن تكافأ الفرص لكل المرشحين، وتساويا بين الناخبين وبين الدوائر الإنتخابية على مساحة الوطن، وأن يشجع الأحزاب والتكتلات، نرى لزاما أن يصار إلى الأخذ بالإصلاحات الآتية في قانون الإنتخابات النيابية في لبنان:
1 – تقسيم لبنان إلى ما لايقل عن اثنتي عشر دائرة انتخابية، وما لايزيد عن خمسة عشر دائرة انتخابية.
2 –اعتماد صوتين تفضيليين في عملية الإنتخاب.
3 – اعتماد الميغاسنتر.
4 – عدد الأصوات الضرورية لتقديم أي مرشح طلب ترشحه هو 1% من المقترعين في الدورة السابقة، المؤيدين له عبر توقيعهم على طلب ترشحه مقرونا برقم هويتهم.
5 – ضرورة أن تكون هيئة إدارة الأنتخابات هيئة مستقلة عن وزارة الداخلية والبلديات، على أن يكون أعضاؤها من المشهود لهم بالخبرة والكفاءة والنزاهة والشفافية، وأن تعطى بحكم قانون إنشائها، صلاحيات واسعة إدارية، مالية وجزائية.
6 – اعتماد البطاقة البيومترية للإقتراع.
7 – تنظيم الإعلام والإعلان الإنتخابيين.
8 – وضع سقف للإنفاق الإنتخابي.
9- وضع آلية لانتخاب المغتربين.
10 – العتبة الإنتخابية لا يمكن أن تتخطى 5 % من عدد المقترعين في الدورة السابقة.
11 – فصل النيابة عن الوزارة.
12 – تخفيض سن الإقتراع إلى 18 سنة.
13 – اعتماد كوتا نسائية على الترشح في اللوائح الإنتخابية بنسبة لا تقل عن 20 %.
هذه هي ركائز المشروع السياسي لمجموعة “لبنانيون من أجل الكيان” التي نراها تشكل الاركان الأساسية لأي تطوير سياسي ديمقراطي في لبنان القرن الحادي والعشرين، لبنان المئويّة الثانية.