عقد المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة الكاردينال الماروني البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، ومشاركة الآباء العامين للرهبانيات المارونية، وتدارسوا شؤونا كنسية ووطنية. وفي ختام الإجتماع تلا امين سر البطريركية الأب رفيق الورشا البيان اللآتي:
1 – يهنىء الآباء أبناءهم وبناتهم بعيد أبينا البطريرك الأول القديس يوحنا مارون، ملتمسين بشفاعته الثبات على إرث الإيمان الانطاكي السريانيالماروني والشهادة له بعيش روحانية مار مارون النسكية، بروح الوحدة والتضامن والانفتاح التي ميزتهم على مر العصور.
2 – يشكر الآباء الله على الخطوة المسكونية النبوية التي قام بها قداسة البابا فرنسيس وقداسةالبطريرك كيريل بطريرك موسكو وكل روسيا في لقائهما في هافانا بكوبا في 13 شباط الماضي، وتوقيع الإعلان المشترك الذي وصفه البابا بأنه “ناتج من لقاء أخوي دفعنا إليه حسنا المشترك بالمسؤولية الراعوية”. وهم يشكرون البابا والبطريرك على الاهتمام الكبير الذي أولياه للشرق وقضاياه، وهو دليل حرص على الوجود المسيحي في هذا الشرق، وعلى ما بناه المسيحيون والمسلمون معا من حضارة تؤمن بالتعددية والعيش المشترك، وباحترام كرامة الإنسان وحقوقه والسعي الى تحقيق العدالة، ونشر المحبة، وبناء السلام.
3 – يتوقف الآباء بقلق عند التصعيد الخطير، في اللهجة والمواقف وبعض الممارسات، الذي ساد الساحة اللبنانية في الفترة الأخيرة بتأثر من النزاع المذهبي الحاصل في المنطقة، والتصدع الذي يصيب الحكومة، ويجعلها عاجزة عن معالجة أبسط الأزمات السياسية والمعيشية والبيئية. وهذا كله إن دل على شيء، فعلى حال الانشطار الذي يصيب الدولة اللبنانية، التي باتت سياستها رهينة التمزق السياسي الحاصل، بغياب المرجعية الموحدة والناظمة للبلاد.
4 – كما يعرب الآباء عن مخاوفهم من احتمال هبوط لبنان في الفراغ المؤسساتي الكبير فيطالبون الكتل السياسية والنيابية تحمل مسؤولياتها الوطنية والتحرر من ربط مصير البلاد بمصالح الخارج، والإحتكام الى موجبات الدستور وخير الوطن، وسلوك المخرج الوحيد من هذه الأزمة المصيرية بالجلوس معا والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية يكون على مستوى آمال الشعب وحاجات البلاد. لقد أثبت الواقع أن لا بديل من رئيس الدولة رمز وحدة البلاد، والساهر “على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه”.
5 – يحرص الآباء على إبقاء الجيش وسائر القوى الأمنية بعيدا عن التجاذبات السياسية وصراع الأفرقاء، لأن المساس بهذه المؤسسات لا تحمد عقباه، بعدما كلفت لبنان الكثير من الجهد والتضحيات حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من قدرة وجهوزية وباتت رمزا وحماية لوحدة البلاد وسيادتها. لذلك فإن دعم هذه المؤسسات على كل الصعد، واجب وطني لدى كل من يريد لبنان الآمن والمستقر.
6 – رحب الآباء بزيارة الكردينال Luis Antonio Tagle رئيس أساقفة مانيلا، ورئيس كاريتاس الدولية، الذي حضر الجزء الأخير من الإجتماع، بعد أن زار بعضا من مراكز كاريتاس لبنان ونشاطاتها الإنسانية والاجتماعية والتربوية في مختلف المناطق. وأسف مع الآباء لما تتعرض له رابطة كاريتاس لبنان من حملة تجن وافتراء، تحاول تشويه صورة هذه المؤسسة التي هي رمز العطاء المجاني، والتي ضحى ويضحي من خلالها آلاف العاملين والمتطوعين، في خدمة المحتاجين من أطفال وأرامل، ومرضى وعجزة، ومهجرين ونازحين، دون تفرقة أو تمييز، في جميع المناطق اللبنانية. وهم يجددون ثقتهم بالقيمين على هذه المؤسسة، والعاملين فيها والمحسنين إليها رغم بروز بعض الإشكالات الإدارية، ويتمنون لها دوام التقدم والإزدهار، لكي تبقى خدمة المحبة أقوى من أي اعتداء أو تضليل. ويدعو الآباء كل ذوي الإرادة الحسنة إلى دعم حملة الصوم التي تنظمها رابطة كاريتاس، وتتجند لها الشبيبة المتطوعة مشكورة، في الرعايا والمؤسسات وعلى الطرقات العامة.
7 – تتابع الكنيسة خلال هذا الشهر مسيرة الصوم الكبير، والإستعداد للاحتفال بأسبوع الآلام وعيد القيامة المجيدة، في إطار يوبيل سنة الرحمة. فيدعو الآباء أبناءهم وبناتهم المؤمنين والمؤمنات الى الإنخراط بهذه المسيرة والمشاركة في الأربع والعشرين ساعة سجود تقام في بازيليك سيدة لبنان حريصا، من الساعة السادسة من مساء الجمعة المقبل حتى الساعة السادسة من مساء السبت، تجاوبا مع دعوة قداسة البابا فرنسيس، ومشاركة مع الكنيسة الجامعة. ويدعونهم لمواصلة الصلاة والتقشف وأعمال الرحمة، سائلين الرب يسوع، الذي بموته وقيامته صالحنا مع الآب السماوي، أن يسكب في قلوب الجميع روح المحبة والرحمة والمسامحة، كي يعملوا على مصالحة المتخاصمين، وبناء السلام في وطننا ومنطقتنا والعالم.
وطنيّة