أسعد شفتري / النهار
زرته كي اقدم له كتابي الذي صدر أخيراً بالفرنسية La Vérité même si ma voix tremble ويترجم حاليًا الى العربية بعنوان مرجح “الحقيقة ولو بصوت يرتجف” واسرد فيه قصة حياتي و تغيري.
سألني بصوت خافت يقطعه السعال و التعب: لماذا بالفرنسية؟ قلت له انه اسهل لي فأطمئن انه سيترجم الى العربية، لأن هناك بيت القصيد. سألني ايضًا: من اختار العنوان؟ قلت: انا كتبت عدة عناوين واختار الطابع هذا. فقال: عنوان مهم، و لكن لماذا صوتك يرتجف؟ لا تخف اتكل على الله إن كنت تقول الحقيقة. ثم فاجئني بسؤاله: من هم الذي يعارضونك او يصعبون الامور عليك؟ أجبته. فقال لي: وهل سامحتهم؟ نعم سيدنا. قال: جيد، تابع محبتك لهم لا تيأس فهم سيفهمونك لاحقاً. احسست هنا أن الامر تخطّى حياتي وانتقلنا الى الكلام عن حياته هو.
حذار من المطران غريغوار حداد فهو شيوعي، وله مكاتب قريبة منا، ويقوم باجتماعات مشبوهة جدا يجمع خلالها معارضين لنا كثر ويعمل على إضعافنا عبر نبذ العنف والتكلم عن المحبة وخدمة الآخرين ولو كانوا فلسطينيين او مسلمين! يا لخطورة هذا التقرير الذي ارسله احد رجال الامن لنا ايام الحرب. بسرعة صدر قراري: راقبوه، اخرقوا المجموعة وازرعوا فيها مخبرين وضعوا خطوطه الهاتفية تحت المراقبة. ولكننا نسيناه لاحقاً لأنه لم يظهر لنا اي نشاط مخل بأمننا.
بعد أن التقيت به مرات فهمت لماذا يمكن ان نسمّيه بمحبة “المطران الاحمر”. لأنه فهم قبلنا بكثير ان تحت جلد اي انسان لون واحد هو الاحمر: لا الوان بشرة، لا اعراق، لا جنسيات، لا حزبيات لا عقائد ولا طبقات اجتماعية او حسابات مصرفية تميزنا. الانسان واحد ووجب ان نحبه، كما احبنا المسيح، وكما نحب انفسنا.
وداعاً سيدنا غريغوار، خسرتك الانسانية، خسرت شخصيًا صديقًا جديداً واباً روحياً، انما ربحتك السماء، فهنيأً لها.