كتب جوزيف المكرزل بتاريخ 7 شباط 2022 في مجلة الدبور
بالامس كنا في قداس و “جنّاز الاربعين” لغياب صديقي عادل ابو جوده الذي كنت اتشارك واياه باستمرار الافكار والتحليلات والنظريات حول لبنان والعالم. ندخل بمثل هذا اللحظات في حالة تأمل ذاتي حول اسرار الزمن، والوجود، والسعادة، وما يتركه كل شخص من بصمات بعد مشواره القصير في هذه الدنيا. ولا مفر بعد ذلك من الغوص في اهمية الفكر في حياة الانسان، وفي المقابل نعمة النسيان.. وعادل كان من سلالة المفكرين الصامتين الذين يترفعون عن السطحيات التي تتخم عالمنا “المبرمج” وتمنعنا من الغوص في ما هو الأهم.
الوطن هو الأهم. هذا الوطن الغارق في خطابات تافهة “لشخصيات” فارغة، فيما المفكرين مهمشين. اسفي على بلد يؤلّه شعبه السفلة ويدفن العقال.
اصمدوا أيها اللبنانيون!
كان رثاء الأباتي راجح مزيجا من الادب والفلسفة والروحانيات، ما نقلني الى عالم مثالي لطالما حلمنا به وناضلنا من اجله مكرسين حياتنا لتحقيقه. وها نحن نقف اليوم امام ما يسمى “قدرنا” نسأل أنفسنا ان كانت حياتنا ذهبت سدى. لكنني سرعان ما استدركت ان مجرد وجودنا في كنيسة مار الياس في انطلياس التي رعت عامية تأسيسية لوطننا التعددي، لبرهان على قدرتنا مقاومة وتفشيل المؤامرات التدميرية، والمحافظة على لبنان الرسالة.. بل لبنان المعجزة الذي لا تقوى عليه ايادي الشر، بفضل تضحيات ابنائه الابرار الذين استشهدوا من اجله.
من هنا ايماني بأن لبنان لن يزول لأننا لن نتخلى عنه مهما عصيت علينا الأيام.. وسيبقى من بعدنا من يكمل المسيرة. مسيرة بناء وطن استثنائي، لا يزال قيد الانشاء لكنه سيرى النور عاجلا ام آجلا، ليصبح مفخرة لأبنائه.
اما تجار الهيكل الذين يعتبرونه اليوم سلعة تباع وتشترى فقط، فوتوا على أنفسهم فرصة استثنائية لتخليد أسمائهم وذكراهم، بدل ان يدخلوا “اثرياء” في مزبلة التاريخ. وستلعنهم الأجيال الى الأبد.
كل مقال او منشور مهما كان نوعه لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع بل عن رأي صاحبه